الأخبار
ذكرت صحيفة "الاخبار" أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سعى في الفترة الماضية، الى تأمين مخرج يناسبه لقضية عبد المنعم يوسف: اقترح تركه في المديرية العامّة للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات، وملء الشغور في هيئة "أوجيرو"، عبر تعيين ثلاثة أعضاء جدد محل الأعضاء الحاليين المستمرين في مواقعهم بحكم التقيّد بمبدأ "استمرارية المرفق العام" منذ سنوات عدّة.
وإعتبرت الصحيفة أن ميقاتي أراد من إقتراحه هذا أن يبعد عنه تهمة "الكيدية" الجاهزة، فالاقتراح المذكور لا ينطوي على إقالة الموظّف "المتمرّد"، أو وضعه بالتصرّف، إذ سيبقى مديراً عامّاً في الوزارة بانتظار صدور الأحكام القضائية في الدعاوى المرفوعة ضدّه من قبل الدولة، ممثلة بوزارة الاتصالات، كما لا ينطوي هذا الاقتراح على إبعاده نهائياً عن هيئة "أوجيرو"، إذ سيبقى من موقعه في الإدارة العامّة مشرفاً على المهمّات التي تنفّذها الهيئة بموجب التكليف الصادر عن الوزارة، أو بموجب العقود المنوي توقيعها معها، إلا أنه، أي عبد المنعم يوسف، سيخسر تكليفه "غير القانوني" بمهمات رئيس الهيئة ومديرها العام، لكون هذا التكليف الصادر عام 2005 قد قضى بتعيينه في هاتين الوظيفتين الإضافيتين بالوكالة ــــ لا بالأصالة ــــ لمدّة سنة واحدة تنتهي في 28/10/2006، وجرى تمديد التكليف لمدة سنة واحدة فقط تنتهي في 28/10/2007، وهو منذ ذاك التاريخ يشغل وظيفتيه الإضافيتين من دون اي مرسوم او قرار بالتمديد صادر عن مجلس الوزراء، وذلك بسبب صدور قرار عن النيابة العامّة لدى ديوان المحاسبة في 20/8/2008 يبيّن وجود مخالفات جسيمة تؤدّي الى إبطال كل القرارات الرامية الى الجمع بين الوظائف الثلاث التي يتولاها يوسف في الوقت نفسه (المدير العام للاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات، ورئيس هيئة "أوجيرو"، والمدير العام لهيئة "أوجيرو")، باعتبار ان الأحكام القانونية والمبادىء العامّة والاجتهادات المنظّمة لأعمال المؤسسات العامّة والوصاية الإدارية لحظت قاعدة الفصل بين الوصاية الإدارية (التي تتولاها وزارة الاتصالات على هيئة "اوجيرو" بواسطة المديرية العامة للاستثمار والصيانة) ووظائف المؤسسة العامّة الموصى عليها، فالوصاية هي نوع من أنواع الرقابة، وبالتالي لا يجوز أن يمارسها عبد المنعم يوسف على نفسه، ما يؤلّف سبباً يعيب تعيينه، فضلاً عن أن ديوان المحاسبة نبّه مجلس الوزراء الى أن القانون اشترط لتعيين المدير العام لهيئة "اوجيرو" وضعه خارج الملاك، إذا جرى اختياره من موظفي الإدارات العامّة او المؤسسات العامّة او البلديات، وهذا يُعدّ، في رأي الديوان، عيباً اضافياً يشوب تعيين يوسف في الوظائف الثلاث المذكورة، ويؤدّي الى إبطال قرارات مجلس الوزراء في هذا الشأن، وبالتالي وقف صرف النفقة الناتجة عنه، علماً بأن المادّة 16 من قانون الموظّفين لا تجيز لأحد أن يتقاضى راتب وظيفة ما لم يكن معيّناً بصورة قانونية، كما لا تجيز هذه المادّة الجمع بين راتبين، فكيف بثلاثة رواتب!
وذكرت "الاخبار" أن وزير الاتصالات نقولا صحناوي حاول إقناع ميقاتي بأن وجود يوسف في أي من المواقع الادارية الثلاث يهدد بتعطيل أو بعرقلة الانجازات التي تطمح الحكومة الى تحقيقها بسرعة في قطاع الاتصالات والاقتصاد عموماً.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن ميقاتي عبّر عن المخاوف نفسها للوزير صحناوي، الا انه أصرّ على أن الظروف السياسية الراهنة لا تسمح بخطوة حاسمة، وبالتالي يمكن البدء بتنفيذ هذا الاقتراح على أن يكون يوسف خاضعاً للاختبار في هذه الفترة لقياس مدى استجابته لمقتضيات استمراره في الوظيفة العامّة، وتعاونه مع وزير الاتصالات في سبيل تحقيق الأهداف التي رسمتها الحكومة في بيانها الوزاري، لجهة تطوير القطاع وتعميم الخدمات ذات الجودة العالية بأدنى الأسعار الممكنة، وتهيئة الأرضية لقيام شركات خاصّة بتوفير خدمات نوعية، وخلق فرص العمل للكفاءات اللبنانية الشابة.
تقول المصادر المطّلعة نفسها إن الاستعدادات بدأت منذ فترة لإخراج هذا الاقتراح الى العلن، وترك محاسبة يوسف على كل المخالفات المتهم بها للجهات القضائية والرقابية المعنية، لكونه يواجه ست دعاوى قضائية وأكثر من 12 شكوى لدى التفتيش المركزي بتهم مختلفة وخطيرة، تشمل التمرّد والتصرّف بممتلكات الدولة وإساءة الأمانة وانتحال صفة تجارية وتزوير مستندات رسمية والتقاعس ومخالفة القرارات وصرف النفوذ والترويج الانتخابي وتحريض الموظّفين والمستخدمين والاشتراك في بث القلاقل وتهديد السلم الأهلي... إلا أن يوسف نفسه أصرّ على أن يلعب "الصولد"، فوسّع حربه لتتجاوز نطاق "تنازع الصلاحيات" مع وزير الاتصالات الى تحدّي ميقاتي والعمل على إحراجه وإضعاف موقفه، واتهامه بالحصول على منافع خاصّة من وزارة الاتصالات!