كشفت برقية صادرة عن السفارة الأميركية في بيروت بتاريخ 26/11/2007 ومنشورة في موقع "ويكيليكس" تحت الرقم 1857 أن رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية شكّك بولاء العماد ميشال عون للمعارضة، ودعا إلى إشراكه في عملية اختيار الرئيس المقبل للبنان، محذراً من أن عدم إشراكه يعني احتمال عقده اتفاقاً مع الرئيس سعد الحريري وترك المعارضة خارج هذا الاتفاق. وشدد فرنجية على ضرورة العثور على مرشح يحمي مصالح "حزب الله"، ورأى أن عون بات مقتنعاً أن لا فرصة لديه ليصبح رئيساً".
وأوضح فرنجية في لقائه مع السفير الأميركي لدى لبنان في حينه جيفري فيلتمان ومستشارين سياسيين واقتصاديين أميركيين، في منزله في بنشعي، في 21 تشرين الثاني 2007، أنه يعمل شخصياً لجعل عون يقبل بميشال إدة رئيساً للجمهورية، وأن هذا يجري من دون "تقاسم المعلومات مع عون"، الذي اعتبره فرنجية "يعمل بناء على ديناميكية الفعل ورد الفعل، وبأن دفعه بشدة نحو إده قد يأتي بنتائج عكسية". وذكّرهم بأنهم "درسوا سيكولوجية عون"، وبأنه "شخصية صعبة جداً"، وأن "عون فقط يمكنه أن يؤثر على عون". وطمأنهم بالقول: "وصلنا إلى أكثر من منتصف الطريق"، متوقعاً "المزيد من المرونة من عون في الأيام المقبلة".
وبحسب هذه البرقية لم ينأَ فرنجية عن إطلاق التهديدات لفريق "14 آذار"، محذراً من "مشكلة كبيرة" إذا قررت قوى 14 آذار المضي قدماً في النصف زائد واحد، ولوّح بالصراع على أنه "الملاذ الأخير"، مؤكداً أن "المعارضة ستتخذ جميع الخطوات للحفاظ على مصالحها، لكنها لم تكن تبحث عن العنف".
وجاء في الترجمة الحرفية لنص البرقية بالإنكليزية، وتحمل الرقم "07Beirut1857" تحت عنوان: "لبنان: المردة تفضل إده أو سليمان":
"يدعم زعيم "المردة" سليمان فرنجيه ميشال إده ليكون رئيساً للبلاد، لكنه يشدد على ضرورة إشراك زعيم "التيار الوطني الحر" ميشال عون في الموضوع والعثور على المرشح الذي يمكنه حماية مصالح "حزب الله". واقترح بأنه إذا لم يتم التوصل الى إجماع، فإن قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان يجب أن يرأس حكومة انتقالية الى حين إجراء انتخابات برلمانية جديدة. ينفي فرنجية إمكان تشكيل حكومة ثانية أو معارضة تبادر بالعنف، زاعماً أن المعارضة لن تعارض حكومة السنيورة طالما أنها توارت عن الأنظار".
وأشارت البرقية إلى أنه "التقى السفير برفقة مستشار سياسي اقتصادي أميركي وكبير المستشارين السياسيين في خدمة المواطنين الأجانب، مع سليمان فرنجية، زعيم "المردة"، في منزله الشاليه السويسري في بنشعي في 21 تشرين الثاني. حضر الاجتماع الذي استمر ساعة ونصف ساعة مستشارو فرنجية ستيفان الدويهي، روني عريجي وريشار هيكل. بدأ السفير الاجتماع الأول مع فرنجية منذ أكثر من ستة أشهر، مؤكداً دعم الولايات المتحدة الكامل للمبادرة الفرنسية لايجاد مرشح توافقي. ومع ذلك، يبدو أن قوى 8 آذار تعرقل التقدم أكثر من قوى 14 آذار. وقال إن الولايات المتحدة تأمل في رؤية الرئيس قبل انقضاء ولاية الرئيس لحود في منتصف ليل 23 تشرين الثاني، محذراً من العواقب التي ستلحق بأي طرف يحاول تقويض حكومة الرئيس السنيورة".
إذا لم يكن إدة فسليمان
وأضافت البرقية "علّق فرنجية على لائحة البطريرك (مار نصرالله بطرس صفير) مشيراً إلى أنها تتضمن لائحة أسماء بمعظمها من المؤيدين لقوى 14 آذار منها لـ8 آذار، وقال إن المعارضة لن توافق على مرشح من 14 آذار أو حتى على مقربة منها. إنها تبحث عن المرشح الذي يطمئن "حزب الله"، ويرضي جميع الفئات في المعارضة، ولا يشكل تهديداً خطراً لشعبية زعيم "التيار الوطني الحر" ميشال عون. وشدد على ضرورة أن يكون عون مشاركاً في هذا الموضوع، وفي حال غير ذلك، سيبرم اتفاقاً مع الحريري، ويترك باقي المعارضة خارجه. وادّعى فرنجية أن المعارضة ستؤيد المرشح التوافقي ميشال إده، فهو المرشح الوحيد الممكن التوافق عليه ضمن لائحة البطريرك، بما أنه يرضي كلاً من "حزب الله" والمجتمع الدولي، وكان صديقاً لـ14 آذار، ولا يشكل تهديداً لعون.
وأشار إلى أن المسيحيين لن يرضوا برئاسة ضعيفة لإده، ولكن إذا كان عون مشاركاً أكثر في مهمة اختيار الرئيس، سيكون الأمر أسهل. تؤيد المعارضة ترشيح إده، لأنها وجدته على مسافة واحدة من جميع الأطراف، على عكس روبير غانم، الذي تنظر إليه معظم أطراف المعارضة كشخصية من 14 آذار. وادّعى فرنجية أن المعارضة لا تريد ان تعرقل الاتفاق بشأن رئاسة الجمهورية، وإذا كان زعيم الغالبية سعد الحريري يرفض ترشيح إده، فسيتحمل مسؤولية فشل انتخاب رئيس توافقي".
وتابعت البرقية "أما بالنسبة لترشيح عون نفسه، فقال إنه يعتقد أن عون كان مقتنعاً أن لا فرصة لديه ليصبح رئيساً، وأنه لن يكون مستغرباً إذا رأى عون يتحرك نحو مرشح توافقي. وقال فرنجية إنه كان يعمل ليقبل عون بإده، ولم نتقاسم هذه المعلومات مع عون نفسه، لكن عون كان "شخصية صعبة للغاية". وأضاف "درستم سايكولوجيته؛ عون فقط يمكنه أن يؤثر على عون. إنه يعمل بناء على ديناميكية الفعل ورد الفعل"، ودفعه بشدة نحو إده قد يأتي بنتائج عكسية، نحن وصلنا إلى أكثر من منتصف الطريق"، وعلينا أن نرى المزيد من المرونة من عون في الأيام المقبلة.
لاحظ فرنجية أن قوى 14 آذار ستحدد اسم رئيس الوزراء المقبل، لكن المعارضة ستحاول الحصول على الحد الأقصى من الحكومة الجديدة، وسوف تستخدم هذا للضغط في المفاوضات حول الرئاسة. وقال إن الحكومة المقبلة يجب أن تكون حكومة وحدة وطنية، وعلى أن يكون الرئيس الحكم بين المعسكرين.