اللواء
ذكرت صحيفة "اللواء" انه تلوح في الأفق السياسي اللبناني ملامح معركة مياه بعد أن حطت معركة الكهرباء الضروس أوزارها، إثر صولات وجولات بين مختلف القوى السياسية وكادت الخارطة السياسية بسببها أن تشهد خلط أوراق وتحالفات جديدة تم تداركها في اللحظة الأخيرة من خلال ابتداع الرئيس نبيه بري مخرجاً أدى في نهاية المطاف إلى تمرير خطة وزير الطاقة معدّلة في اللجان النيابية المشتركة وفق القرار الذي اتخذ في مجلس الوزراء بهذا الخصوص.
ويُنتظر أن تُطلق الرصاصة الأولى إيذاناً في بدء هذه المعركة في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد اليوم وعلى جدول أعمالها عدة بنود تتعلق بمشكلة المياه بكل مندرجاتها المتعلقة بالسدود ومياه الشفة، وجرّ المياه من الليطاني إلى بيروت الكبرى.
ووفق مصدر وزاري أن موضوع المياه سيكون أكثر اشتعالاً من ملف الكهرباء، سيّما وأن تكلفة الخطة المرسومة لمعالجة هذه المشكلة التي عمرها سنوات يتجاوز الـ 7 مليارات دولار مجزّأة على عدة سنوات، مشيراً إلى أن هناك أموالاً محجوزة بانتظار استثمارها لا سيّما على صعيد جرّ المياه إلى بيروت والذي سيموّل من قرض مضى على تمديده سنوات ولم يوظّف لغايته وأن هناك أسابيع قليلة ما تزال أمام الحكومة فإما تستفيد من هذا القرض وإلا يُسحب من قبل الجهة المقرضة.
وترى مصادر متابعة لهذا الملف أن شرارة المعركة ستنطلق من سؤال الحكومة الحالية الجهات التي كانت مكلّفة معالجة مشكلة المياه عن الأسباب الكامنة وراء استمرار الهدر في المياه، وعدم تحديث الشبكات التي بلغ عمرها عشرات السنوات.
وتلفت المصادر النظر إلى أن الوزير الحالي للطاقة كان وضع في العام 2010 خطة مائية وجرى تحديثها في نيسان من العام الحالي، وهو قال في إحدى المناسبات إن الاستراتيجية الموضوعة لهذه الغاية تتضمّن في السنوات الخمس الأولى مبلغاً من المال يصل إلى حدود 370 مليون دولار لإعادة تأهيل الشبكات القديمة، وإيصال المياه إلى حوالى 15 ألف هكتار إضافية من الأراضي الزراعية.
ويدعم وزير الطاقة من خلال خطته ضرورة إنشاء السدود لتلبية حاجيات المواطنين حتى عام 2035 في كل المناطق والمحافظات، وهذا الأمر بالتأكيد يلزمه رصد مبالغ مالية طائلة، فإذا كانت حرباً ضروس إندلعت على خلفية طلب مليار ومائتي مليون دولار للبدء في خطة الكهرباء فماذا سيحصل بالنسبة إلى المياه؟ بالتأكيد إن هذا الملف سيحتل موقعاً مرموقاً في الصراع على الساحة الداخلية، وهو بالتأكيد سيوسّع الفجوة السياسية الموجودة بين الأفرقاء السياسيين بشكل يبعث على الاعتقاد بأن البلد سيبقى رهن الكباش وعضّ الأصابع الى أمد طويل، كون أن اغلبية الملفات المطروحة وتلك الموضوعة على رفّ الانتظار هي ملفات خلافية ممسوكة بصاعق من الممكن انفجاره في أية لحظة في ظل غياب الضوابط التي كان من الممكن أن تسحب فتيله.
وترجّح المصادر أن تكون التجاذبات حول خطة المياه أشد قساوة من تلك التي اندلعت حول خطة الكهرباء وأن أكثر من فريق سياسي سيحاول شد البساط باتجاه كون أن هذا الملف رابح بالمعنى السياسي، لأنه على التصاق بجميع شرائح المجتمع اللبناني وأنه من السهل توظيف المعركة حوله لأسباب سياسية وانتخابية، من هنا يبرز الخوف من أن تؤدي التجاذبات إلى تفجير الخطط الموضوعة وبالتالي يتم الإطاحة بهذا الملف الذي أصبح أكثر من ضرورة في ظل المتغيّرات المناخية التي تضرب العالم والتي تهدد اغلبية الدول ومن بينها لبنان بموجات حر عالية تصل مع الأيام إلى حدّ التصحّر، وتفيد توقعات نماذج التغيّر المناخي أن لبنان سيواجه تغيّرات كبيرة في معدلات الحرارة، وأن من شأن ذلك أن يؤثر على لبنان في ما خص توزيع الأمطار وتناقص كميات الثلوج، وانتشار حرائق الغابات.
وفي رأي المصادر أن هذا الواقع غير المريح في ما خص الثروة المائية يتطلب الاسراع في تنفيذ ما هو موجود من خطط لبناء ما يقارب الـ 28 من السدود السطحية وغير السطحية بهدف تأمين المياه العذبة، وأن إدارة الظهر لهذه المشكلة الكبيرة سيعرّض لبنان إلى أزمة حادة في ما خص مياه الشفة، من دون أن ننسى الأطماع الاسرائيلية التي ما تزال موجودة بمياه لبنان والتي خاضت عدة حروب لأجل السيطرة عليها، وهي ستبقي حتماً أنهار وينابيع تحت الرصد بانتظار الفرصة التي تسمح لها بسرقة هذه الثروة المجهولة القيمة عند اللبنانيين، مع الإشارة هنا إلى أن الرئيس نبيه بري لطالما حذّر من الوصول إلى هذا الوضع، وهو قال في أوائل التسعينيات عندما اجتاح العراق الكويت: الآن بدأت معركة النفط والأصعب من ذلك عندما تبدأ معركة المياه• في إشارة منه إلى أهمية المياه والعيون الاسرائيلية المفتوحة على ينابيع لبنان.