اللواء
مع اقتراب موعد حسم موقف لبنان من مسألة تمويل المحكمة الدولية، تضيق الخيارات أمام حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تجد نفسها في وضعٍ لا تُحسد عليه بسبب اتساع حدة الخلافات التي بدأت تتظهر شيئاً فشيئاً بين أعضائها في شأن عملية التمويل، حيث تصاعدت في الأيام القليلة الماضية الأصوات المعترضة على الالتزامات التي قدمها رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس ميقاتي للمجتمع الدولي عن التزام لبنان بالتمويل، وتحديداً من جانب رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون ومسؤولين في "حزب الله"، الأمر الذي يشير بوضوح إلى أن الحكومة ستكون أمام مواجهة جديدة أكثر شراسة هذه المرة من ملف الكهرباء، باعتبار أن "حزب الله" وحلفاءه في "8 آذار" ومن بينهم عون لن يسمحوا على ما يبدو بتمويل محكمة وصفوها بأنها إسرائيلية وأميركية وجدت للقضاء على المقاومة، والسؤال الذي يطرح هنا، ما الذي تغير حتى يغير الحزب والأكثرية الجديدة من مواقفهم ويسهلوا عملية التمويل؟
في هذا الإطار يقول وزير البيئة ناظم الخوري لصحيفة "اللواء"، "إنه من الصعوبة بمكان إعطاء جواب حاسم عن المسار الذي ستسلكه الأمور في ما يتعلق بموضوع تمويل المحكمة في مجلس الوزراء، خاصة في ظل الانقسام الواضح بين القوى السياسية المكونة للحكومة، فهناك من هو مع التمويل، وهناك من هو ضده، لكن لا بد من التأكيد هنا أن هناك موقفاً واضحاً من قبل رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بأنهما يؤيدان تمويل المحكمة، خاصة وأنه أصبح هناك التزام لبناني بشكلٍ رسمي بهذا الموضوع، ولكن لا بد أن تتم الموافقة عبر مجلس الوزراء، وبمجرد إعلان الرئيسين سليمان وميقاتي بأن لبنان ملتزم بالقرارات الدولية، فهذا يرتب مسؤولية على الحكومة في ما خصّ هذه المسألة"·
وفي المقابل يرى الخوري أن الملاحظات التي أبداها فريق من اللبنانيين على المحكمة وعملها، فتجدر التوقف عندها، وللآخرين الحق في طرح ما يريدون أن يطرحه حيال هذا الموضوع، لكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار لمصداقية الدولة اللبنانية تجاه المجتمع الدولي، وعدم إظهار لبنان بمظهر الخارج عن القانون، مشدداً على أنه من الضروري أن يمر بند تمويل المحكمة عبر مجلس الوزراء، لأنه سيصرف من مالية الدولة اللبنانية، مستبعداً أن يصار إلى تنفيذ التمويل عبر مرسوم، دون موافقة الأكثرية الحكومية على هذا الموضوع، حيث أنه عندما يعرض الملف على طاولة مجلس الوزراء سيدلي كل طرف بدلوه ويعبر عن رأيه بكل وضوح· ولكن علينا هنا ألا ننسى كما يقول إن المحكمة وجدت بسبب الاغتيالات التي حصلت في البلد، من الضروري تطبيق القانون وإعادة الحق لأصحابه·
وعن أسباب عودة التوتر بين "بعبدا" و"الرابية"، يشير الخوري إلى أن التوتر لم يكن مصدره رئيس الجمهورية الحريص على أفضل العلاقات مع جميع الأطراف، وقد ظهر ذلك بوضوح منذ تولي الرئيس سليمان مقاليد الحكم، بحيث أنه لم يكن راغباً في طلب أي شيء، ولم يعمل على تصعيد الموقف من جانبه للحصول في المقابل على ما يريد·