عاش رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور ساعات حرجة سبقت استعمال كل من روسيا والصين حق النقض لاسقاط المشروع الاوروبي الذي طرح على مجلس الامن فجر أمس وكان يرمي الى التنديد بأعمال العنف التي تمارسها السلطات السورية بحق المتظاهرين، والمشروع من صنع فرنسا وبريطانيا والمانيا والبرتغال. وكان سليمان وميقاتي ومنصور يتلقون التقارير من مندوب لبنان لدى مجلس الامن السفير نواف سلام ويتشاورون معه في الموقف الانسب، فكانت صيغة الامتناع عن التصويت بعدما قرر قبل اسابيع "النأي بنفسه" عن البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الامن في خصوص الممارسات السورية.
ورأت مصادر ديبلوماسية في بيروت ردا على أسئلة لـ"النهار" ان استعمال روسيا والصين حق النقض لاسقاط المشروع المدعوم أميركيا لادانة سوريا هو رسالة موجهة الى الولايات المتحدة والدول الاوروبية والدول العربية المناهضة لبقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم مؤداها ان موسكو وبيجينغ تقفان الى جانبه وستستخدمان ما لديهما لدعمه، وأن الاسباب التي استعملها الاوروبيون ترفضانها، وتعتبران ان الامر تدخل في الشؤون الداخيلة ولا تؤيدان عقوبات ضد دمشق.
ولفتت الى ان سوريا كانت الدولة الوحيدة التي رحبت باستعمال الفيتو الروسي والصيني، فيما كانت ردات فعل الاميركيين والفرنسيين والبريطانيين مستاءة ومنتقدة وحزينة وتشجع السلطات السورية على مزيد من قمع الحركات السياسية، مما دفع وزارة الخارجية الروسية الى اصدار بيان يتضمن ردا على تلك الانتقادات بالقول "إننا لسنا محامي الدفاع عن نظام الأسد".
ولاحظت مدى القدرة التعطيلية للامتياز الممنوح للدول الخمس الكبرى ذات العضوية الدائمة لدى مجلس الامن، والتي تلغي مواقف لمجموعة دول من تلك المجموعة ومن الدول ذات العضوية غير الدائمة، وهذا ما أصاب المشروع الاوروبي المندد بالسلطات السورية.
وأشارت الى أنه لم يكن امام لبنان سوى ان يختار الامتناع كما فعلت البرازيل، والهند وجنوب افريقيا. وكانت المراجعات المباشرة مع السفير سلام لافتة، إلا أن مندوبي أميركا وفرنسا وبريطانيا ومن يؤيدهم أبدوا تفهما لموقف بيروت نظرا الى الروابط مع سوريا.
وسألت، انطلاقا من موقفي موسكو وبيجينغ، هل تحذو واشنطن حذوهما فتستعمل حق النقض لتعطيل الطلب الذي قدمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 23/9/2011 الى مجلس الامن، والهادف الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانتسابها الكامل؟
وأفادت ان المعلومات المتوافرة لديها لا تشير الى امكان استعمال الولايات المتحدة حق النقض. وقد هددت بذلك قبل ان يقدم عباس طلبه الى المجلس، ولم يبق سوى 21 يوما من المهلة المحددة، وهي 35 يوما لبت الطلب.
وذكرت ان لبنان اجتاز خلال عضويته غير الدائمة تجارب دقيقة متصلة بعلاقات كل من ايران وسوريا، وقد نجح في ذلك بدرجات متفاوتة، والمثال خطاب كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الامن، وهما لم يرضخا للرغبة الأميركية ولا لأي دولة أوروبية وكان الدعم مطلقا لعباس.
وأوضحت ان مواضيع عديدة لا تزال تنتظر مواقف من لبنان خلال الفترة المتبقية من عضويته غير الدائمة لدى المجلس بحلول نهاية السنة الجارية. وشددت على أهمية الحفاظ على دور لبنان وعلى مكانته الدولية التي بدأ باستعادتها، ولاقت الكثير من التقدير لدى عدد كبير من مسؤولي الدول، نظرا الى مهنية عدد من السفراء اللبنانيين سواء في بيروت او من المعتمدين في الخارج.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك