مجلس الأمن مغلق والمسرح السوري مفتوح

رفيق خوري

الأنوار

مجلس الأمن ليس محكمة معنية بالعدالة بل مؤسسة تتحكم بها سياسات الكبار في لعبة معقّدة لصراع المصالح والبحث عن التعادل بينها، فلا المجلس يدار عملياً بالمبادىء السامية في ميثاق الأمم المتحدة في اطار مهمته الأساسية التي عنوانها (حفظ الأمن والسلم الدوليين). ولا اتخاذ القرار فيه مجرد مسار ديبلوماسي يتحرّك بالمشاورات بمقدار ما هو عملية ضغوط ومساومات وتبادل مصالح في أمور لا علاقة لها أحياناً بموضوع البحث.

ذلك أن الخمسة الكبار يمارسون السياسة (الانتقائية) في مقاربة أي ملف. فرنسا التي أغضبها السيناريو العراقي المرسوم أميركيا، تقدمت الصفوف في الحماسة للسيناريو الليبي. والروس والصينيون الذين رفضوا السيناريو العراقي، وخدعهم الغرب الأميركي والأوروبي في ممارسة القرار المتعلق بـ (حماية المدنيين) في ليبيا، صار السيناريو العراقي والسيناريو الليبي من الكوابيس التي يحذرون من تكرارها في سوريا واليمن. أما أميركا التي خذلت الفلسطينيين والعرب وروسيا والصين وأكثر من مئة دولة لإرضاء اسرائيل برفع سيف الفيتو لمنع قبول الدولة الفلسطينية عضواً في الأمم المتحدة، فإنها سارعت الى التعبير عن (الغضب) بسبب الفيتو الروسي - الصيني الذي أسقط مشروعاً أوروبياً لقرار دعمته في الموضوع السوري.

 

وبكلام آخر، فإن الطريق مغلق أمام أي قرار في مجلس الأمن حول ملف له قوة كبرى ترعاه. لكن القضايا تبقى مفتوحة، سواء بالنسبة الى الملف الفلسطيني أو السوري أو النووي الايراني. فلا سقوط المشروع الأوروبي يعني نهاية الأحداث في سوريا، وإن ربحت دمشق ما سماه مندوبها (معركة) في حرب. ولا المشروع، لو صار قراراً بتسعة أصوات من دون فيتو، كان سيحدث تأثيراً في موقف النظام.

والواقع أن خطاب النظام لم يتغير منذ بدأت الأحداث قبل سبعة شهور. فهو يركز على مواجهة (مؤامرة) بالحل الأمني - العسكري، ويتحدث عن حل سياسي بالحوار لمعالجة المطالب المشروعة للناس في الاصلاح. وخطاب المعارضين والمتظاهرين لم يتغير: إسقاط النظام. لكن مشكلة النظام، برغم قوته الداخلية المتماسكة وحمايته الروسية والصينية في مجلس الأمن، هي ان الحل الأمني - العسكري الذي يراه محطة اجبارية على طريق الحل السياسي يراه المعارضون سداً للطريق اليه. ومشكلة المعارضين المختلفين في الداخل والخارج بين من يرفض التدخل الدولي ومن يطلبه ولو تحت عنوان حماية المدنيين، انهم مختلفون على أمر ليس وارداً لا في مجلس الأمن، ولا في عواصم الغرب التي تراهن على الدور التركي.

ولا أحد يعرف ما الذي يحسم الأمور: ما يدور على المسرح الداخلي أم السيناريوهات في الكواليس الخارجية.