الأنباء الكويتية
بدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في الساعات الاخيرة محاصرة بمجموعة ملفات متداخلة معظمها ذات طابع مطلبي واجتماعي فيما لم تغب الاستحقاقات السياسية الكبيرة عن الاجندة الحكومية المرتقبة في المرحلة القريبة المقبلة.
وقد تدافعت عناوين الملفات المطلبية بشكل متزامن مع موجة اضرابات تربوية وعمالية تلوح في افق هذه الاستحقاقات في حين تواجه الحكومة احراجاً شديداً في مسألة تمويل المحكمة الدولية من جهة وما يثيره الخرق السوري للحدود مع لبنان من موجات انتقادات حادة على يد المعارضة في وجه الحكومة من جهة اخرى.
واعربت اوساط وزارية قريبة من الفريق الوسطي لصحيفة "الراي" الكويتية عن "اعتقادها ان مسألة الانسجام الحكومي ستبرز كاستحقاق اساسي في الايام المقبلة نظراً الى دقة الملفات المطروحة على طاولة مجلس الوزراء وتشعبها اعتباراً من الثلاثاء المقبل، موعد جلسة الحكومة التي ستحاول معالجة الاضراب العمالي الاربعاء المقبل وصولاً الى ملف الموازنة الذي يثير خلافات داخل صفوفها سواء بالنسبة الى رفع بعض الضرائب او بالنسبة الى تمويل المحكمة الدولية الملحوظ ضمنها.
وأضافت الاوساط ان مؤشرات سلبية ظهرت في الساعات الاخيرة وتمثلت في تصعيد زعيم "التيار الوطني الحر" النائب العماد ميشال عون حملته على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وفريقه في مسألة تمويل المحكمة خصوصاً مع ابراز بعض الاعلام المحسوب على قوى 8 آذار الموقف السلبي لـ"حزب الله" من التمويل عبّر عنه امينه العام السيد حسن نصرالله امام زواره حين اقترح ان يعرض موضوع التمويل في مجلس الوزراء فيسقط بالتصويت وبذلك يكون ميقاتي بقي على تأييده للتمويل ولكنه سلّم برفض الاكثرية له وهو ما يتيح المواءمة بين الاعتراض على التمويل وحماية الحكومة.
ولمحت الاوساط نفسها الى ان مشروع الموازنة الذي وضعه وزير المال محمد الصفدي جاء ليزيد التناقضات بين فرقاء الحكومة خصوصاً ان قوى 8 آذار بدت كأنها فوجئت بالمشروع المتضمن بند تمويل المحكمة وهو الامر الذي قوبل برفع اصوات الاعتراض الاولية عليه أسوة باستئناف عون حملته على التمويل. ومع ان هذه الاوساط لا تزال تستبعد خطراً حقيقياً على استمرار الحكومة وديمومتها باعتباره خطاً احمر يلتزمه الجميع، فانها لم تسقط في المقابل احتمال ان تتعرض لهزة شديدة اكثر سوءاً من التي تعرضت لها ابان مناقشتها لملف الكهرباء قبل اسابيع، واضافت ان الحكومة التي استطاعت تمرير فترة مشاركة لبنان في اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة الشهر الماضي، تبدو الان كأنها تواجه الاثمان الداخلية عبر اختبار قدرتها على تمرير تمويل المحكمة في حين تتراكم في وجهها ملفات اجتماعية ومطالبية كبيرة وواسعة تضعها ايضاً امام محك شديدة الحساسية والدقة.
ولفتت الاوساط الى ان مجمل هذه الملفات سيشكل في الواقع "فرصة ذهبية" للمعارضة للانقضاض على الحكومة، وهو امر متوقع وبدهي ولكنه يضاعف مسؤولية الحكومة في اختبارها الصعب بدءاً من لملمة صفوفها وانسجامها حول مجموع هذه الملفات.
واوضحت ان الاستحقاق الاهم والاخطر في كل هذه الملفات يبقى موضوع تمويل المحكمة اذ يبدو ان هناك أبعاداً اقليمية جديدة طرأت على هذا الملف بحيث لم يعد معزولاً على مجريات انعكاسات الاحداث السورية على لبنان. وهو امر من شأنه ان يزيد ارباك الحكومة ورئيسها خصوصاً لان اي خلل في تنفيذ التعهدات التي قطعها للمجتمع الدولي يعني نهاية حتمية لفترة السماح الدولية للحكومة وبدء مرحلة محفوفة بكل المفاجآت السلبية المحتملة. وقد تحفل المرحلة المقبلة بمساع حثيثة لتجنب الوصول الى هذه المحاذير.