كشفت مصادر دولية مواكبة لعمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أن طلب الأخيرة من الحكومة اللبنانية زيادة مساهمتها في تمويلها لا يخرج عن نطاق الاتفاق المعقود بينهما ولا يشكل حرجاً لمجلس الوزراء بذريعة أن هذه الزيادة ستضيف أعباء جديدة على خزينة الدولة وستوجد مادة سياسية جديدة لتسعير الاختلاف بين الفريق المؤيد لتمويلها والآخر المعارض له.
وأفادت المصادر نفسها لصحيفة "الحياة" إن الرسالة التي بعث بها مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام الى وزير الخارجية عدنان منصور تلحظ هذه الزيادة وتنسجم مع الاتفاق المعقود بين الحكومة اللبنانية والمحكمة الدولية في شأن التمويل ويقع في بندين -أ- و -ب-.
ولفتت الى أن البند الأول ينص على التزام لبنان تسديد مساهمته في المحكمة الدولية وأن هذه المساهمة قابلة للزيادة كما ورد في البند الثاني في حال صدر القرار الاتهامي عن المحكمة في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري ورفاقه.
وأضافت: "وبما أن القرار الاتهامي صدر عن المدعي العام دانيال بلمار ووافق على نشره قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الدولية دانيال فرانسين، فإن لبنان ملزم بزيادة مساهمته في تمويل المحكمة على رغم أن هذه الزيادة تبقى في حدود المليوني دولار". وبالتالي لا داعي لاستحضارها مادة خلافية تدفع في اتجاه احتدام الاختلاف بين المعارضة والأكثرية التي تتنازع بين أطرافها الرئيسة على الموقف من التمويل.
وأكدت المصادر عينها أن رئيسي الجمهورية العماد ميشال سليمان والحكومة نجيب ميقاتي التزما في خلال وجودهما في نيويورك تمويل الحكومة من دون أي شروط. إضافة الى أنه لا ضرورة للتذكير بموقف رئيس "جبهة النضال الوطني" وليد جنبلاط ووزراء الحزب التقدمي الاشتراكي في الحكومة الداعم الى أقصى الحدود للتمويل.
ولم تستبعد المصادر تسليط بعض الأطراف المحليين الضوء على طلب المحكمة الدولية من لبنان زيادة حصته في تمويلها في محاولة لفتح نزاع جديد من شأنه أن يكسب المعترضين على التمويل فترة زمنية مديدة للإفادة من عامل الوقت وتوظيفه في سياق التأخر في حسم الموقف من التمويل.
وترى هذه المصادر أن التذرع بزيادة مساهمة لبنان في التمويل ما هو إلا محاولة لتبرير التأخر في حسم الموقف منه، خصوصاً أن القوى المعارضة للتمويل سارعت الى إقفال الباب في وجه الرئيس ميقاتي الذي يبحث عن مخارج لتأكيد التزام لبنان القرارات الدولية من دون الاحتكاك بالمعارضين في الحكومة، وصولاً الى الدخول معهم في اشتباك يمكن أن يهدد مصيرها مع أن «حزب الله» لا يترك مناسبة إلا ويؤكد فيها تمسكه ببقاء هذه الحكومة.
وتسأل المصادر الدولية عن الأسباب الكامنة وراء إقفال الباب في وجه ميقاتي بحثاً عن مخارج للتمويل سواء عبر إصدار سلفة خزينة أم من خلال احتياطي الموازنة أم بزيادة موازنة رئاسة الحكومة ليكون في مقدور رئيسها تسديد ما يتوجب على لبنان من مساهمة مالية.
كما تسأل ما إذا كان لتشدد بعض القوى المعارضة للتمويل علاقة مباشرة بتبدل الموقف السوري من تمويل المحكمة خلاف ما روج له في بيروت قبل توجه ميقاتي الى نيويورك من أن لا مصلحة للقيادة السورية في خنق لبنان بالعقوبات المالية والاقتصادية التي ستفرض عليه إذا ما تلكأ عن التمويل باعتبار أنها في حاجة الى الرئة اللبنانية لتتنفس منها لسد حاجات سورية في حال باشر المجتمع الدولي تشديد العقوبات على دمشق.
وفي هذا السياق لا تؤيد المصادر الدولية ما أخذت تشيعه بعض القوى من أن المجتمع الدولي لن يقسو على لبنان في حال امتنع عن تمويل المحكمة بذريعة أنه مع استقراره وعدم تعريضه الى انتكاسة سياسية من شأنها أن تعيده الى وراء.
وتضيف أن المجتمع الدولي يحرص على توفير هامش من الحرية والمرونة في آن واحد لميقاتي، لكنه لن يغض النظر عن امتناع حكومته عن تسديد حصتها من المحكمة بذريعة أنه جاد في موقفه وثابت على الوعود التي قطعها له، إلا أنه واجه معارضة شديدة يمكن أن تضغط في اتجاه إحداث المزيد من الانقسام العمودي في البلد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك