إعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع في خلال حديث لصحيفة "الجمهورية" "إنّ معظم المواقف السياسية التي تتناول مسألة تمويل المحكمة الدولية بعيدة كلّ البعد عن جوهر هذا الموضوع، وهي إلى حدّ كبير تقنيّة من قبيل الكلام عن تمرير التمويل بمرسوم أم بقرار صادر عن مجلس الوزراء، بينما موضوع المحكمة هو أبعد من ذلك بكثير ويتّصل بمفهوم العدالة، إن لجهة التعويض المعنوي للملايين من اللبنانيين الذين فقدوا منذ بداية الحرب في لبنان، وصولا إلى ثورة الأرز أحبّاء وأهلا وأشقّاء وقادة، أو لناحية ردع الجريمة السياسية وإرساء السلم الأهلي في لبنان على قواعد راسخة ومتينة نطوي معها صفحة الماضي ونؤسّس لمستقبل واعد".
وأكّد جعجع "أنّ هذه المحكمة تمتاز بشفافية كاملة، وكل الكلام عن أنها مسيّسة وجزء لا يتجزّأ من مؤامرة كونية لا أساس له من الصحّة وخلفيّاته لا تنطلي على أحد، فهم لا يريدون المحكمة الدولية ولا حتى المحاكم المحلية، والدليل ما رأيناه على مستوى المحكمة العسكرية. كما أنّ الحملة المركّزة ضدّ المحكمة يجب أن تواجه باستمرار عبر التذكير بأهمّية موقع هذه المحكمة الفعلي في حياتنا الوطنية".
وذكّر جعجع "أنّ قرار إنشاء المحكمة صادر عن مجلس الأمن وبإجماع هذا المجلس، وبالتالي أيّ تلاعب يضع لبنان خارج المجموعتين الدولية والعربية، وهذا ما سيعرّضه لعقوبات اقتصادية، كما سيُنظر إليه على أنّه دولة مارقة ولم تعد موجودة"، آملا "أن يتّعظ المسؤولون اللبنانيّون من تجربة الرئيس الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش، على قاعدة أنّ أحدا ليس بإمكانه أن يرفض المحكمة الدوليّة".
ولفت جعجع الى "إنّ أكثر ما يلفت في مسألة التوغّل السوريّ المتكرر للسيادة اللبنانية أنّ بعض الحكومات الأجنبية، وفي طليعتها الدولة الفرنسية، أصدرت بيانا عبّرت فيه عن قلقها من هذا التوغّل، في الوقت الذي لم يصدر عن الحكومة اللبنانية أيّ بيان في هذا الموضوع الذي يلامس حدود الخيانة الوطنية، وهذا الأمر لا تتمّ مقاربته على خلفية هذه دولة عدوة وأخرى شقيقة، إنّما هو انتهاك صارخ للسيادة الوطنيّة، وقد استمعت لأحد النواب يقول لماذا تكبير هذه القضية، وهذا أمر مؤسف، وكأنّ الجمهورية اللبنانية ليست في حسابات هذا النائب، ممّا يدلّل أنّنا بتنا نعيش في زمن العجائب والغرائب. ومن هنا، إنّ موقف الحكومة مُزرٍ جدّا، وكأنّها لا علاقة لها بلبنان، وذلك بمعزل عن حجم الاختراق، لأنّ المسألة ليست كمّية إنّما مبدئية ودستوريّة وسيادية".
وحول امتناع لبنان عن التصويت في مجلس الأمن على مشروع القرار الأوروبي المندّد بالقمع السوري للاحتجاجات أشار جعجع إلى "أنّه حان الوقت ليكون لبنان دولة مستقلة، وكنت أتمنّى وجود حكومة عندها من نفسها وتعبّر عن الواقع اللبناني وتأخذ الموقف الذي يناسب تطلّعاتنا وقناعتنا، هذا الموقف الذي يجب أن يتراوح بين التأييد والامتناع، إنّما من دون إغفال في أيّ لحظة دور لبنان على مستوى الحرّيات بما يتلاءم مع تاريخه وطبيعة نظامه وحرصه على حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، وبالتالي ما يحصل بحقّ اللاجئين السوريّين مُخزٍ جدّا، فنحن لا نريد التدخّل في كلّ ما يحصل في سوريا، ولكن ثمّة قواعد دولية للتعاطي مع اللاجئين، وعلى الحكومة اللبنانية احترامها وعدم السماح باعتقالهم وتوقيفهم".
أمّا عن مؤتمر "سيّدة الجبل" وما إذا تمّت دعوة "القوات" للمشاركة في هذا المؤتمر، فقد أوضح جعجع: "سيّدة الجبل أمر مستقلّ وقائم بذاته، وليس أوّل مؤتمر تعقده هذه المجموعة ولن يكون الأخير، وهي اعتادت على عقد مؤتمراتها في المنعطفات المفصلية والمصيرية وآخرها الربيع العربي الذي يطوي صفحة ويفتح أخرى على مستوى المنطقة، كما أنّ الدعوة لا تتمّ على أساس حزبي، إنّما بعض المشاركين فيها ينتمون إلى أحزاب والبعض الآخر مستقلّ، وبالتالي هو منتدى سياسيّ وفكريّ وثقافيّ واجتماعي مستقلّ".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك