سألت مصادر سـياسية مواكبة لما قيل عن لقاء الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، ما إذا كان الأخير تلقى تطمينات من حليفه تخفض منسوب القلق لديه من احتمال التوصل الى صفقة في شأن انتخابات رئاسة الجمهورية يمكن أن تطيح ما تبقى لديه من آمال معقودة على إمكان وصوله الى سدة الرئاسة الأولى.
وتؤكد المصادر نفسها لـ «الحياة» ان عون يتخوف من تكرار ما حصل أخيراً في العراق باستبعاد نوري المالكي من رئاسة الحكومة، في لبنان، بسبب تخلي القيادة الإيرانية عن دعمها له، وتقول إن قياديين من «التيار الوطني الحر» عبّروا عن قلقهم من إمكان التوصل الى صفقة تبعد عون عن رئاسة الجمهورية وهم يستحضرون المشهد العراقي لتبرير مخاوفهم المشروعة.
وتقول ان النواب المنتمين الى «تكتل التغيير» لن يبدلوا موقفهم من مقاطعة الجلسات التي يدعو اليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مع انها لن تعقد، لتعذر تأمين النصاب القانوني لها.
وتعزو المصادر عينها السبب الى ان «تكتل التغيير» لن يسقط من حسابه إمكان عقد جلسة انتخاب فورية بلا مقدمات سياسية يصار من خلالها الى تأمين انتخاب الرئيس تتويجاً لصفقة يجرى الإعداد لها من تحت الطاولة بعيداً من الأضواء.
وتتوقف أمام تأكيد السيد نصرالله لعون في اجتماعهما الأخير ان «حزب الله» لا يزال على موقفه بأن ملف رئاسة الجمهورية عند عون وأن البحث يجب أن يتم معه مباشرة، وتقول ان من يدقق في موقف الحزب لا بد من أن يتعامل معه على أنه يتجـــاوز كل ما قـــيل من أنـــه يـــأتي رداً مباشراً على المـــبادرة التي أطلقها رئيـــس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة باسم قوى 14 آذار وفيها استــعداد هذه القوى للبحث مع الفريق الآخر في إمكان التفـــاهم على رئيــس توافقي الى تبديد القلق الذي ينتاب حليفه حيال احتمال التخلي عنه كمرشح للرئاسة الأولى.
وفي هذا السياق، تكشف هذه المصادر أن «حزب الله» أوفد موفداً الى بكركي للقاء البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في محاولة للاستئناس بقدرته على إقناع عون بعدم الترشح إفساحاً في المجال أمام البحث عن رئيس توافقي، خصوصاً أن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع كان أطلق مبادرة في حزيران الماضي باستعداده لعدم الترشح في مقابل أن يبدي عون الاستعداد نفسه، باعتبار ان تبادل العزوف عن الترشح يؤدي الى تفعيل الاتصالات بحثاً عن رئيس توافقي.
لكن الراعي، كما تقول المصادر، لم يبد حماسة للطلب من عون عدم الترشح لأنه في غنى عن الدخول معه في مشكلة جديدة، اضافة الى انه يعتبر ان «حزب الله» هو الأقدر على مصارحته نظراً الى وجود تحالف بينهما.
وترى المصادر نفسها ان عون أحيط علماً بالمداولات التي جرت بين الراعي وموفد «حزب الله» وأبدى عدم ارتياحه الى اقتراح حليفه، الذي سارع الى لملمة ردود من «التيار الوطني» في هذا الخصوص وبالتالي لم يكن أمام الحليفين سوى عقد هذا اللقاء لإعادة الأمور الى نصابها لجهة طمأنة «الجنرال» الى عدم التخلي عنه.
وتؤكد ان «حزب الله» بات على يقين من أن تمسكه بدعم ترشح عون لا يزال يوصد الأبواب السياسية في وجه التفاهم على رئيس توافقي، لكنه لن يقوم بمصارحته بموقفه هذا، وإلا ما معنى قول أحد الوزراء المنتمين الى الحزب لزميل له على هامش عقد احدى جلسات مجلس الوزراء: «يخطئ من يعتقد اننا سنتبرع في يوم من الأيام لإبلاغ عون بتلك الرسالة المرّة، وليعلم الجميع أننا لن نتطوع لننقل اليه فحوى هذه الرسالة».
وتقول المصادر إن لقاء السيد نصرالله وعون كان ضرورياً لاستيعاب «نقزة» الأخير حيال احتمال تخلي الحزب عنه، وتعتقد ان «14 آذار» أرادت من خلال مبادرتها الأخيرة مخاطبة الرأي العام اللبناني بأنها ليست مسؤولة عن تعطيل النصاب في البرلمان لانتخاب رئيس جديد، اضافة الى انها حاولت اعادة التواصل مع الرئيس بري الذي تعامل مع هذه المبادرة على أنها لا تحمل أي جديد وأن ما ورد فيها كان عبّر عنه جعجع في حزيران الماضي.
وتسأل المصادر عن أسباب موقف الرئيس بري من مبادرة «14 آذار»، مع انه كان يتحرك مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بغية بلورة موقف داعم لاقتراحهما المشترك بوجوب التفاهم على رئيس توافقي. وتقول إن لتريث بري أسبابه، وأولها عدم الدخول في احتكاك مباشر مع عون طالما ان ظروف الوصول الى تسوية حول الرئاسة الأولى لم تنضج بعد.
ومع ان هذه المصادر تستغرب قول نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في إحدى خطبه إن «14 آذار» هي التي تعرقل انتخاب رئيس جديد، فإنها في المقابل تسأل نقلاً عن قياديين فيها هل إن الذين يلبون الدعوة الى عقد جلسات لانتخاب الرئيس هم من يعرقلون انتخابه أم الذين يغيبون عنها باستمرار يتحملون مسؤولية الإبقاء على الشغور في سدة الرئاسة الأولى؟
وتضيف ان مجرد مبادرة «14 آذار» الى إطلاق مبادرتها الرئاسية يعني ان الحوار بين «المستقبل» و «التيار الوطني» حول رئاسة الجمهورية لم يصل الى مكان على رغم ان الطرفين يحرصان على عدم نعيه، وإلا ما مبرر غياب التواصل بينهما خلال وجود الرئيس سعد الحريري في بيروت؟
وتؤكد ان الاتصال الذي أجراه عون بالحريري فور حضوره الى بيـــروت بقي في حدود تهنئته على عودته ولم يتشعب الكلام بينـــهما حـــول عـــقد لـــقاء في بــيروت، وتعزو الســبب الى ان عون لم يطلب الاجتماع، وكذلك الحريري.
وتقول ان معظم القوى السياسية كانت تربط في الماضي تحديد موقفها من انتخابات الرئاسة بموقف من الحريري حول ترشح عون، لكن مبادرة 14 آذار جاءت لتحسم هذا الموقف، ومع ذلك، فإن الآخرين ممن لا يؤيدون عون وينتظرون من زعيم «المستقبل» ان ينوب عنهم في الموقف، اعتبروا ان هذه المبادرة من الماضي وقرروا العودة بمواقفهم الى المربع الأول، بذريعة عدم استعداد «14 آذار» للوصول الى تسوية رئاسية، بدلاً من أن ينتقلوا الى منتصف الطريق لملاقاة الشريك الآخر في دعوته الى التفاهم على مرشح تسوية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك