تزداد وتيرة المؤشرات التي تدل بكثير من الوضوح أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تمر بفترة لا تُحسد عليها في ضوء تصاعد التباينات بين أعضائها حول بعض الملفات الساخنة التي ترمي بثقلها على الساحة الداخلية، وفي مقدمها تمويل المحكمة، الذي يتوقع أن يضع الحكومة أمام تحدي اختبار تضامنها، سيما وأن وزراء "8 آذار" يرفضون التمويل، فيما أبدى الوزراء المحسوبون على الرئيس ميقاتي ورئيس "جبهة النضال" النائب وليد جنبلاط استعدادهم للموافقة على التمويل·
وقد انعكس التباين الوزاري بشكل جليّ في تحفظ وزراء تكتل "التغيير والإصلاح" على قرارات الحكومة، في ما يتعلق بالمطالب العمالية، وما أعقب ذلك من انتقادات من جانب عدد من هؤلاء الوزراء لطريقة تعامل الحكومة مع المطالب العمالية·
وقد طرح الوضع الحكومي المهتز تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على مواجهة الاستحقاقات التي تنتظرها، في وقت تبدي مصادر المعارضة خشيتها من أن يكون المخطط الذي يسعى إليه "حزب الله" يهدف إلى تفجير الحكومة من الداخل، على خلفية الموقف من المحكمة بهدف دفعها إلى الاستقالة، لتصبح في وضع تصريف أعمال، ما يجعلها عاجزة عن الاستجابة لأي مطلب يتعلق بالتمويل أو بغيره، مشددة على أن الرئيس ميقاتي مدعو هنا لاتخاذ الموقف المناسب في ما يتعلق بتمويل المحكمة، ولعدم تعريض لبنان لمواجهة مع المجتمع الدولي·
وقد دعا وزير السياحة فادي عبود إلى عدم تحميل الأمور أكثر مما تحتمل، مشدداً على أن الحكومة متماسكة ومتضامنة، وليس هناك من اهتزازات أو خلافات بين أعضائها، فعند تأليفها وُصفت بأنها "حكومة اللون الواحد"، لكن تبين أنها تمثل عدة آراء، وتعبّر عن أكثر من وجهة نظر·
وأوضح في خلال حديث لصحيفة "اللواء" ان وزراء "التيار الوطني الحر" أرادوا في الشكل توضيح بعض الأمور، كما أنه في المضمون يمكن التأكيد على أن ما حصل ليس حلاً جذرياً لمشكلة البطالة في لبنان، باعتبار أن واجب الحكومة تحسين فرص العمل للبنانيين، فما جرى لن يساهم في خلق فرص عمل، في وقت لم تأخذ الحكومة بطرح وزير العمل شربل نحاس الذي اتسم بكثير من المنطق، خلافاً للقرارات التي اتخذت، والتي لم تختلف كثيراً عما كان يحصل في السنوات الـ20 الماضية· وقد كان وزراء تكتل "التغيير والإصلاح" واضحين عندما أعطوا رأيهم بكل صراحة، وقالوا هذه ليست القرارات المناسبة·
وشدّد عبود على أن معارضة وزراء التكتل كانت لأسباب وجيهة وليس حباً بالمعارضة، من دون أن يعني ذلك أي اهتزاز بما يتعلق بالوضع الحكومي، فالعمل الوزاري قائم، والأمور تُطرح داخل مجلس الوزراء بكل شفافية، والجميع يبدي رأيه بصراحة ومن دون خجل·
ولفت عبود إلى أن مجلس الوزراء سيأخذ القرار المناسب بشأن عملية تمويل المحكمة عندما يُطرح الملف بشكل جدي، باعتبار أنه لم يحن أوانه بعد، مشيراً إلى أن هناك وزراء يؤيدون التمويل، وهناك وزراء آخرون يرفضون، لكن في النهاية ستتخذ الحكومة الموقف الذي يتناسب مع مصلحة لبنان· وقال إن تركيبة المحكمة تلحظ موارد مالية بديلة في حال رفض لبنان سداد حصته، لكي تُكمل عملها، وبالتالي فإنني أستبعد حصول أزمة بسبب عدم التمويل·
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك