رأى الوزير السابق سليم جريصاتي أن القرار بأن يكون هناك انتخابات نيابية أو لا يكون، هو قرار سياسي بامتياز، وان من إسنادات اتخاذه هو العنصر الأمني، لكن المؤكد في موقف تكتل التغيير والإصلاح، والمعلن في مواقف الرئيس بري وتيار المستقبل هو الرغبة في تطبيق مبدأ تداول السلطة وعدم التمديد للمجلس، مذكرا بكلام الرئيس بري الذي اعتبر فيه ان مسألة الانتخابات هي معركة تحديد أحجام، وكأنه أراد القول ان هذه الانتخابات إنما تمهد للانتخابات الرئاسية، لاسيما اذا ما تم فيها تحديد الأحجام عند المسيحيين بشكل عام والموارنة بشكل خاص، لذلك يعتبر جريصاتي ان بين الرئيس بري والمستقبل لعبة “عض الأصابع” التي من الممكن أن تؤدي إما الى فراغ يرفضه تكتل التغيير والإصلاح وإما الى اجراء الانتخابات في موعدها وهو ما تحوط له التكتل عبر تقديم ترشيحاته، وإما الى التمديد الذي سيعترض عليه التكتل عملا بمبدأ تداول السلطة وتجديدا للطبقة السياسية وتظهيرا للأحجام الحقيقية.
هذا ونفى جريصاتي في حديث لـ “الأنباء” أن يكون وزراء تكتل التغيير والاصلاح قد عطلوا عملية تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات، معتبرا أن المسوقين لهذا الكلام، ما هم إلا مضللون ومهللون في عرس غيرهم، أي انهم “يديرون معركة في المكان الخطأ”، مؤكدا أنه لا أثر على الإطلاق لتجاوز المهلة في المرسوم العادي بدعوة الهيئات الناخبة، كما في المرسوم المتخذ بمجلس الوزراء بتعيين هيئة الإشراف على العملية الانتخابية، لأن كلا المرسومين تجاوز المهلة المحددة في قانون الانتخاب الساري المفعول أو ما يُسمى بـ “قانون الدوحة”، فعدم نشر المرسومين ضمن المهلة لا يترك أثرا لهاتين المخالفتين، ولا يمكن لأحد الطعن بالعملية الانتخابية لكون المرسومين “أعمالا حكومية”، Actes de gouvernment مؤكدا بالتالي أنه عندما تجري الانتخابات، سواء تم ضمن المهلة تعيين هيئة الاشراف أو عدم تعيينها، فالمجلس الدستوري لا ينظر إلا في صدقية العملية الانتخابية وليس في تلاؤم الانتخاب وأحكامه وكل ما يقال خلافا لذلك هو كلام لا يستقيم يُراد منه تسييس الأمر بهدف الاتهام ليس إلا.
وأضاف جريصاتي أن أولوية تكتل التغيير والإصلاح هي اعتماد قانون انتخاب جديد يُحقق صحة التمثيل والمناصفة الفعلية، حتى إذا ما تعطل هذا الهدف يذهب الشعب الى الخيار الثاني وهو انتخابات نيابية وفقا للقانون الحالي، أما إذا تعطل هذان الخياران وفرض على اللبنانيين التمديد مجددا للمجلس الحالي، فإن التكتل سيستمر في معركته الرامية الى إنقاذ لبنان من خلال مبادرة العماد عون في إرساء معادلتين الاولى انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب لحسم عملية تعطيل الانتخابات الرئاسية، والثانية صياغة قانون انتخاب جديد يؤكد على الميثاقية ويحدد الأحجام الحقيقية لكل الفرقاء وتحديدا الفريق المسيحي.
في سياق متصل وردا على سؤال، أكد جريصاتي أن تكتل التغيير والإصلاح يريد انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد إنما رئيسا ميثاقيا يمثل مكونه، لافتا الى أن التكتل لن يرضى بعد اليوم بالتضحية بالموقع الاول في الدولة، وهو مازال حتى الساعة بانتظار جواب قوى 14 آذار على مبادرة العماد عون الميثاقية بامتياز، مؤكدا أن الدعوات للنزول الى المجلس النيابي وانتخاب رئيس للجمهورية، ما هي إلا مناورات مكشوفة من شأنها أن تأتي برئيس وسطي لا لون له ولا طعم ولا قدرة له على تنفيذ أي قرار، مستدركا بالقول ان ما قاله مسؤول الأمانة العامة في قوى 14 آذار د.فارس سعيد بأن “الكلام حول الاستحقاق الرئاسي هو مع حزب الله وليس مع العماد عون” لا يحل الأزمة بل يزيدها تعقيدا، معربا عن رغبته بأن يقرأ لسعيد ولمرة واحدة فقط موقفا موضوعيا علميا متماسكا بعيدا عن مواقف التبعية والالتحاق، لما في تلك المواقف المفيدة والمرجوة دفعا باتجاه إنقاذ البلد وحماية لموقع رئاسة الجمهورية.
هذا وتوجه جريصاتي الى بعض رموز التيار الأزرق وتحديدا الى النائب أحمد فتفت قائلا له تعليقا على كلامه بأن “العماد عون ينفذ أجندة حزب الله”: “نحن نتفهم أن لديك لازمة تتهم فيها حزب الله بتخريب لبنان والعماد عون بالتواطؤ معه، فقل لنا بالله عليك أين موقف حزب الله منا عندما قررنا الانفتاح على تيار المستقبل واليوم في موافقتنا على مشاركة لبنان في التحالف الدولي ضد التكفير والإرهاب؟ وأين تنسيقنا معه في موضوع مشاركتنا في اجتماع باريس بالرغم من استثنائيه لمن نحن وإياهم على خط مقاوم واحد؟ وأين تفاهمنا مع الحزب في موضوع التشريع العام في غياب رئيس الجمهورية؟ وأين موقفكم أنتم من الاستراتيجية الدفاعية التي تقدم بها العماد عون؟.. إذا لم تُخرجوا هذه اللازمة من أدبياتكم يا صقور المستقبل فسيسقطكم المستقبل من حساباته”.
وتابع جريصاتي كلامه للنائب فتفت: “المعركة اليوم ليست بين إسلام متطرف وإسلام أقل تطرفا إنما بين مسلمين يريدون لبنان وطنا نهائيا وبين مسلمين متعطشين الى الثأر من حزب الله وكأنه آت من كوكب آخر، فهو من النسيج اللبناني ويكفيه أنكم اتهمتموه بالفتنة وهو أول الرافضين لها، وبأنه يسعى الى السيطرة على القرار اللبناني وهو لا ينفك يئد الفتنة يوما بعد يوم، ويقدم الشهداء لمنع الدواعش من العبث بلبنان ويجاهر بشعار كلنا جيش”.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك