قالها الوزير نهاد المشنوق يوم أمس للـ mtv من موسكو: عرسال بلدة محتلّة. في الوقت الذي كان يبثّ فيه تصريح وزير الداخليّة كان مسلّحون يجولون في البلدة مقنّعين بسيّاراتهم الرباعيّة الدفع ويقتحمون بعض المنازل وينفّذون انتشاراً مسلحاً في بعض شوارعها.
خطف المسلحون أنفسهم مواطناً مساء أمس يدعى علي سكريّة كان في زيارة لصديقه في البلدة. خطيئة علي، الشيعي، أنّه زار بلدة سنيّة محتلّة من قبل إرهابيّين نكتفي بالتفرّج عليهم منذ أسابيع وهم يغرّدون عبر "تويتر" محدّدين المهل لذبح عسكرنا المخطوف.
وفي التوقيت نفسه، وبتنسيقٍ وتواصل واضحين، شهدت طرابلس توتّراً أمنيّاً واستنفاراً مسلحاً لمقنّعين ظهروا جليّاً في باب التبّانة. ومن عاصمة الشمال غرّد شادي المولوي عبر "تويتر" بفرحٍ عظيم: لقد ذبحنا الجندي محمد حميّة. لعلّه ينفع التذكير كيف خرج المولوي من السجن بعد أن قامت القيامة على توقيفه وكيف وصل الى مدينته وحُمل على الأكتاف وتلقّى رعايةً من بعض السياسيّين.
وبعد، هل تحوّلنا، دولةً وجيشاً وبعضاً من الشعب، الى آلةٍ لعدّ القتلى ونحن نقف مكتوفي الأيدي، عاجزين، منتظرين ومراهنين على وساطات لم تنفع مع قاطعي رؤوس وفاقدي ضمير.
فليتأمل المسؤولون عيني محمد حميّة، ابن الثانية والعشرين من العمر، من بلدة طاريا البقاعية، الذي تطوّع في الجيش منذ أقل من سنتين، بعدما عجز عن إيجاد عملٍ في مجال "الفندقيّة" التي يحمل شهادتها. فليتأملوا عينيه وليخجلوا من صمتهم ومن أيديهم المكبّلة بالحسابات السياسيّة. ذنب محمد أنّه اختير ليخدم في عرسال، حيث يد الدولة "مش طايلة" في هذه الأيّام، وحيث يقتل العسكر واحداً تلو الآخر، مرّة بالرصاص ومرّات بفصل الرأس عن الجسد.
ما نخشاه فعلاً أنّ يُفصل رأس القرار عن جسد الدولة، فلا نستعيد عسكريّين مخطوفين ولا هيبة خُطفت معهم. لعلّ محمد حميّة سأل نفسه قبل أن يطلق النار عليه أمس: "أموت من أجل من؟".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك