أكد رئيس قلم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هيرمان فون هايبل أنه "من المفضل والطبيعي ان يمثل المتهمون بأنفسهم امام المحكمة، فهذا سيعزّز إمكانيات الدفاع ويمكّنه من الطعن في إدّعاءات المدعي العام دانيال بلمار الذي يحثّ بدوره المتّهمين على تسليم أنفسهم"، لكنّه أكد أن "المحاكمة ستبقى فعالة وعادلة حتى دون حضور المتّهمين، فالقضاة في المحكمة أصحاب خبرة وقادرون على أن يوازنوا بين حق الإدعاء العام في طرح القضية وحق الدفاع".
وفي حديث لقناة "الجزيرة"، قال هايبل: "أعتقد أنه من الممكن كشف الحقيقة مع عدم وجود المتهمين، ونستطيع ان نعرف من قتل الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، ومع ذلك نأمل حضور المتهمين"، مؤكداً انه "حتى بعد انتهاء المحاكمة غيابياً سيظل واجب القبض على المتهمين قائما ولن يسقط، وفي حال تم القبض عليهم ولو بعد 15 عاماً يحق لهم طلب محاكمة جديدة لأن المحاكمة الحضورية حق اساسي للمتهم ونأمل أن يحضروا، لكننا بمجمل الأحوال نستطيع المضي قدماً فهي محاكمة عادلة".
وأكمل هايبل قائلاً: "بدأنا مؤخراً فقط عملنا، ويجب ألا ننسى هناك محاكمات استمرت لسنوات طويلة، وفي ما خص قضية الحريري فقد نُشرت لائحة الإتهام في شهر حزيران، أي منذ أشهر قليلة فقط، ونحن نعلم ان السلطات اللبنانية تبحث عن المتهمين ولا نتيجة حتى اللحظة، لكن ما يهمنا هو استمرار التزام لبنان، وهذا الإلتزام مستمر وسيستمر طالما المحكمة موجودة وحتى بعد ذلك، وبانتظار أن يحصل توقيف المتهمين نحن لن نجلس وننتظر فقط، بل سنكمل عملنا وستبدأ الجلسات للمحاكمة غيابياً في غضون العام المقبل، من دون أن يقلل هذا من قيمة المحكمة، فهي موجودة وستقدم الادلة وتكشف الحقيقة، والدليل هو المواد التي ينظّمها المدعي العام بطبيعة الحال، التحقيق استمر سنين وتحدث المدعي العام مع الشهود وقام بكافة اجراءات التحقيق وجمَع المعلومات الواردة من الإتصالات، وهذه الأدلة ستقدم كلها وسننتظر الحكم على هذه الادلة، وسيحدد القضاة نوعية الادلة وتحديد مدى كفايتها في ادانة المتهمين الاربعة".
ورداً على سؤال، أجاب هايبل: "لا أدري بالتحديد ماذا لدى المدعي العام من أدلّة، لكنه قال انه ينظر في كل دليل يقدّمه ويقول إنه يتحرى الدليل، ولدينا حتى الآن لائحة اتهام واحدة، وهناك ثلاثة ملفات لجرائم تم ضمّها إلى المحكمة، وقدّم القضاء اللبناني ملفاتها، وما زال المدعي العام يحقق ويجمع الأدلة وبالتالي من الممكن أن تصدر لوائح اتهام جديدة في وقت لاحق من العام او مطلع العام المقبل". وعمّا إذا كان المدعي العام سيستدعي شخصيات سوريّة مثل الرئيس بشار الأسد أو شخصيات لبنانية رفيعة، قال هايبل: "لا أعرف. إن المدعي العام يُعدّ قائمة بالأشخاص الذين يعتبر شهادتهم ضرورية في المحكمة، وهذه العملية مستمرة، ولا أدري ما اذا كانت القائمة ستشمل مسؤولين لبنانيين وسوريين بارزين، ما أعرفه أن القائمة بالشهود ستصدر مطلع العام المقبل، وعندما تقدّم قائمة الشهود حينها تطّلع فرق الدفاع عن المتهمين على هذه القائمة قبل بداية المحاكمة كي يستطيع الدفاع تجهيز شهود آخرين والمتابعة لما سيدلون به من شهادات، ولدينا قسم في المحكمة للتعاون خصيصاً مع مسألة حماية الشهود، لا استطيع الخوض في تفاصيل عمله لأسباب أمنية، لكن أي شاهد يأتي إلى المحكمة لدينا قسم للتعامل مع حمايته ودعمه وسنقدّم له الرعاية اللازمة ونضمن أمنه".
إلى ذلك شدد هايبل على "وجود دعم سياسي ومالي بشكل عام لعمل المحكمة"، لكنه أكد أنها "مؤسسة دولية مستقلة ومنظمة قضائية مستقلة، وبالتالي فإن التحقيقات والأدلة هي مواد يجمعها المدّعي العام بنفسه مع العاملين في المحكمة، وهي مصدر مهم للمعلومات، والمدعي العام هو من سيقرر نوعية الشهود الذين يود استدعاءهم، وفريق الدفاع سيقيّم بشكل نقدي نوعية الشهود والإفادات من اي مكان أتوا، وهذه العملية تحصل في قاعة المحكمة وسينجم عنها تفحص اي دليل من اي مكان في العالم ومن اي جهة اتى. فالمحاكمة عملية منفصلة عن التطورات السياسية في المنطقة ولبنان، يقودها قضاة مستقلون ومحايدون، والقواعد التي تتبعها المحكمة تتفق مع اعلى المعايير للمحاكمات في العالم، وإذا ما توصّل رئيس المحكمة إلى قرار بأن النظام اللبناني لا يتعاون كفاية مع المحكمة الدولية سيرفع كتاباً بهذا الأمر لمجلس الأمن، وللمجلس حق اتخاذ ما يراه من اجراءات ضرورية في هذه الحالة، بالإضافة لهذا، فإن العديد من بلدان العالم تراقب عملنا والتطورات في لبنان، وتتعاون بشدة ويمكن ان تضغط على السلطات اللبنانية بشدة لتوفير الدعم الذي نطلبه، وهذا النوع من الدعم متوفر لدينا الآن ويمكن استخدامه إذا كان تعاون السلطات اللبنانية غير كاف".
وختم هايبل بالإشارة إلى أنه "يجب الإدراك أن لا شيء اسمه شهود الزور، فالذين يعتُبروا شهود زور هم الأشخاص الذين يمثلون امام المحكمة ويدلون بشهادة كاذبة أمام القاضي بعد حلف اليمين بأنهم سيقولون الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة. وهذا لم يحدث بعد لأن المحكمة ستبدأ اول العام او في غضون العام المقبل، وما لدينا حتى الآن هو ما لدى المدعي العام الذي تحدث مع عشرات الأشخاص داخل لبنان وخارجه وسيختار منهم الشهود الذين سيقدّمون معلومات، وإذ تم استدعاء أحد ممن أسماهم البعض "شهود الزور"، فإن فريق ادفاع سيكون مهتماً لدحض شهادتهم، لكن هذا سيحدث في العام المقبل ومن المبكر الحديث عن شهود الزور الآن".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك