كتبت صحيفة "اللواء": تتجنب الترويكا الرئاسية وقوع الواقعة في مجلس الوزراء، مع ان الاستحقاقات الدستورية لا مهرب منها، وان كان المسؤولون اعتادوا على اللعب على الوقت خلافاً للدستور وعلى قاعدة ان التوافق سيد الحلول ولو كانت مؤجلة.
والواقعة التي يحسب لها الجميع حساباً، ويتوقع احد وزراء جبهة النضال الوطني تطبيق القاعدة الكبرى عليها، هي تمويل المحكمة التي تطل امام مجلس الوزراء غداً، ولو من باب بند التمويل الذي تتضمنه موازنة العام 2012، والتي كان من المفترض ان ينتهي النقاش حولها غداً لا أن يبدأ.
وفيما تلتزم اوساط الرئيس نجيب ميقاتي الصمت المطبق، مراهنة على المعالجات داخل اللقاءات السياسية والمسؤولة، لا سيما في قضية تمويل المحكمة التي اعلن البيان الوزاري لحكومة الرئيس ميقاتي احترامه لها من ضمن احترام القرارات الدولية، جاهر "حزب الله" لاول مرة بموقف نظرياً يشكل مخرجاً دستورياً، اما سياسياً فيكسر قاعدة التوافق التي لطالما تبناها الحزب ودافع عنها، وتقضي بالذهاب الى التصويت، الى ان تخضع الاقلية للاكثرية خدمة للنظام.
وبهذه التخريجة التي تراعي شكلاً الدستور، يسقط "حزب الله" التمويل من دون ان يسقط الحكومة.
اما في الحسابات الاخرى، فالمصادر المطلعة تستبعد ان تكون المسألة بهذه البساطة، فليس بإمكان اي رئيس حكومة، الرئيس ميقاتي او غيره، ان يقبل بتحدٍّ من هذا النوع، فالتصويت، اذا لم يكن لمصلحة توجه رئيس الحكومة يجعل من بقائه في مركزه امراً بلا مضمون، وهو رئيس حكومة يتكلم باسم الحكومة دستورياً ويعبر عن سياستها، وليس مجرد عضو في نادٍ سياسي او اجتماعي لينصاع لرغبة اعضاء الاكثرية اذا ما جرت انتخابات او تعيينات.
ويتفق الرئيس نبيه بري مع الرئيس ميقاتي على حراجة الموقف، فالمسألة مسألة وفاقية وليست مسألة تصويت، لذا يذهب الرئيسان، ويلاقيهما في ذلك الرئيس ميشال سليمان الى ضرورة انضاج تفاهم على مسألة التمويل بارجاء طرح الملف على طاولة التصويت، وان كان الاستحقاق يلزم طرح الموازنة لمناقشتها بنداً بنداً في مجلس الوزراء.
والسؤال الذي لم يجد جواباً عليه، اقله لدى المسؤولين او المواقع الوزارية، من أين يبدأ التأجيل، من مشروع الموازنة ككل، او بند التمويل الذي يلحظ له مشروع الوزير محمد الصفدي مستحقات بقيمة 108 مليارات ليرة؟
واذا كان الرئيس بري نصح بتأجيل عرض الموازنة هل يقبل بذلك وزراء تكتل التغيير والإصلاح الذين كانوا جاهروا بضرورة الالتزام بالمهلة الدستورية، والتي تفرض بحسب الدستور أن تحال إلى المجلس النيابي بين 3 و18 تشرين الأوّل، وتنتهي مع بدء الحكومة مناقشة الموازنة؟.
ثم أين الجلسات الثلاث التي كانت مخصصة للموازنة؟ ولماذا سيتم الاكتفاء بالعرض الذي سيقدمه الصفدي لفذلكة الموازنة؟.
هذه التساؤلات وغيرها، لا نجد أجوبة لها عند الأوساط الرسمية، ولا سيما أوساط الرئيس ميقاتي التي تعتقد أن النقاشات التي ستبدأ غداً في مجلس الوزراء هي التي ستحدد مسار الامور، وانه من المبكر الكلام عن استقالة الرئيس ميقاتي، وهذا الكلام هو من باب التكهنات والتمنيات لدى البعض، والثابت هو أن الحكومة مستمرة ورئيس الحكومة مستمر في عمله الى ما شاء الله، وان الحكومة أثبتت انها منتجة وأنها امنت الاستقرار.
وتضيف: صحيح انه ليس هناك من توافق حول كثير من المواضيع والأمور، ومنها المحكمة، ولكن كل هذه القضايا تعالج بالحوار وبالهدوء، وعلى طاولة مجلس الوزراء وليس بالاعلام.
غير أن المعلومات اشارت إلى أن الرئيس ميقاتي أبلغ رئيس المجلس في آخر مرّة التقاه فيها، انه لا يستطيع أن يتحمل هو أو رئيس الجمهورية كسر الالتزام بتمويل المحكمة، اللذين تعهدا به امام أعلى مرجع دولي، بالرضوخ إلى التصويت في مجلس الوزراء، لأن هذا معناه إخلال لبنان بالتزاماته الدولية، فضلاً عن تعريض سمعته للاهتزاز، وهي السمعة التي أمّنت له قروضاً ميسرة من الخارج لسداد ديونه، فمن غير المعقول أن نضرب هذه السمعة، من خلال كسر التزامات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وحتى تعريض قطاعنا المصرفي الذي هو عماد الاقتصاد اللبناني لعقوبات أميركية وأوروبية من خلال إجراءات قد يلجأ اليها المجتمع الدولي.
وبحسب المعلومات، فان الرئيس برّي الذي بدا متفهماً لوجهة نظر الرئيس ميقاتي، نصح بتأجيل طرح الموازنة في مجلس الوزراء إلى نهاية شهر كانون الأوّل، أو تأجيل طرح بند التمويل طالما أن هناك مهلة تنتهي بنهاية السنة، وهذه النصيحة كان قد سمعها الرئيس عمر كرامي ونجله الوزير فيصل من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي شدد على مسمع الرجلين أن الحزب لا يريد تمويل المحكمة، ويفضل إذا أصر الرئيس ميقاتي عليه بأن يطرح الموضوع على التصويت في مجلس الوزراء، وهو ما جاهر به أمس للمرة الأولى نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الذي قال في احتفال تربوي: "اتفقنا أن نناقش كل شيء بكل حرية داخل الحكومة، حتى في الأمور الصعبة والمعقدة، إن لم نتوصل إلى اتفاق فالتصويت في داخل الحكومة، والأغلبية تستطيع أن تتخذ الاتجاه وعلى الآخرين أن يلتزموا، وهكذا نكون قد عبّرنا بشكل واضح عن الالتزام بالنظاما اللبناني في تأليف الحكومة وفي بيانها الوزاري، وكذلك في قراراتها المختلفة التي ستتخذ".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك