جاء في صحيفة "السفير": في موازاة زيارة البطريرك بشارة الراعي الى الولايات المتحدة الاميركية، أفادت مصادر كنسية لبنانية لـ"السفير" ان اتصالات تجري بين البطريركية المارونية والفاتيكان للبحث في امكان التحضير لزيارة يقوم بها البابا بنيدكتوس السادس عشر الى لبنان في العام 2012، وذلك في اطار الاستراتيجية الجديدة التي يعتمدها الفاتيكان لحماية الوجود المسيحي في لبنان والمشرق وتنفيذا لمقررات السينودس الذي عقد العام الماضي حول الشرق الاوسط في روما.
وأوضحت المصادر ان الاولوية التي يعمل على اساسها الفاتيكان والبطريركية المارونية في هذه المرحلة تركز على حماية الوجود المسيحي بعد التطورات الحاصلة في الدول العربية والخوف على الوجود المسيحي. وأنه كان من المقرر ان يتم عقد اجتماع لمطارنة الشرق الوسط في بغداد في شهر تشرين الثاني المقبل لكن التطورات الامنية المتسارعة في العراق ادت الى الغاء الاجتماع ونقله الى بيروت والاكتفاء بقيام البطريرك الراعي بزيارة الى بغداد.
وأشارت المصادر الى ان الفاتيكان والبطريركية المارونية لديهما معلومات موثقة حول ازدياد نسبة هجرة العائلات المسيحية من سوريا وأن بعض هذه العائلات بدأت تشتري منازل لها في لبنان او في دول عربية وغربية للإقامة فيها بشكل نهائي، بسبب التطورات في سوريا، وأضافت ان المواقف التي اطلقها البطريرك الراعي في باريس وبيروت وأميركا تنطلق من المعطيات التي يمتلكها الفاتيكان حول المخاطر التي تواجه الوجود المسيحي في المنطقة وأن اولوية اي تحرك هي كيفية حماية الوجود المسيحي سواء على مستوى المواقف او الأداء أو المبادرات وأن هناك تنسيقا كاملا بين البطريركية المارونية والفاتيكان في هذا الاطار.
الإرشاد الرسولي والسينودس
من جهة اخرى، قالت المصادر الكنسية ان ما يقوم به الراعي ينطلق من روحية تطبيق "الارشاد الرسولي" الذي اعلنه البابا يوحنا بولس الثاني خلال زيارته لبنان في العام 1997 وبعد عقد السينودس الخاص بلبنان بين عامي 1991 و1996 والذي لم يطبق في السنوات الماضية لا بل تم تجاوزه. كما يعمل الراعي لتنفيذ توصيات المجمع الماروني الذي عقد بين العامين 2004 و2006 بعد ان كان آخر مجمع كنسي ماروني قد عقد في العام 1850 وأن اهمية ما يقوم به البطريرك ينطلق من اعادة تجديد الهيكلية البطريركية وإدخال دم جديد فيها لكي تكون قادرة على تطبيق الاستراتيجية التي اقرها الفاتيكان والكنيسة المارونية خلال السنوات الماضية.
وشبهت المصادر ما يجري اليوم في الكنيسة المارونية بما جرى في المجمع اللبناني الماروني في العام 1736 في روما والذي اسس للمرحلة الحديثة للكنيسة المارونية بحيث تم تنظيمها من قبل متخرجي المدرسة المارونية في روما التي تأسست في العام 1584 وكان الهدف منها تنظيم الكنيسة المارونية، وتوقعت المصادر المزيد من المبادرات في أداء ومواقف الراعي وذلك في اطار مشروع يهدف الى نهضة الكنيسة المارونية وتجديد الدم في مؤسساتها وأسـلوب عملـها وهذا الأمر نابع من أســلوب عمل البطريرك وطبيعة شخصيته كونه آتيا من الرهبنة المارونية وقد عمل لسنوات طويلة في الفاتيكان ولاحقا مع مواقع مؤثرة في سياساته وتوجهاته الخارجية.
وقالت المصادر إن الراعي يعطي الأولوية حاليا لقانون الانتخابات كونه سيشكل محطة أساسية في إعادة تكوين الواقع السياسي في لبنان وتخفيف التبعية المسيحية للأطراف الأخرى على صعيد اختيار النواب وان الاسس التي ينطلق منها البطريرك ترتكز على نقاط عدة أبرزها الخوف على الوجود المسيحي والعمل لإنهاء التهميش المسيحي السياسي وإعادة تفعيل دور الانتشار الماروني وحماية لبنان من مخاطر التطورات في المنطقة وعدم إلحاقه باستراتيجيات خارجية سواء كانت عربية او غربية.
مخاوف على لبنان
وأشارت المصادر الى وجود مخاوف كبيرة لدى الاوساط الكنسية المارونية على الوضع اللبناني في ظل ازدياد العصبيات الطائفية والمذهبية وقيام كل فريق لبناني سواء أكان مذهبا او طائفة بترتيب اوضاعه على حدة بما يؤدي الى تقسيم واقعي وثقافي واجتماعي واقتصادي وإن لم يحصل التقسيم المناطقي والجغرافي لتعذر ذلك عمليا. "ولذا ـ تختم المصادر ـ المطلوب اليوم التأسيس لنظرة فكرية وسياسية جديدة لدور المسيحيين والموارنة في لبنان والمنطقة انطلاقا من "الارشاد الرسولي" الذي تم اهماله في السنوات الماضية ولتطبيق نتائج المجمع الكنسي الماروني والذي صدرت نتائجه قبل سنتين وأن ما يقوم به الراعي ينطلق من هذه الروحية وهو سيتابع خطواته الانفتاحية على كل الدول العربية وخصوصا سوريا والعراق وسيزور كل الدول التي توجد فيها رعية مارونية وسيعمل لتفعيل دور المؤسسات البطريركية في المرحلة المقبلة بعد استكمال كل التعيينات وإدخال الدماء الجديدة في عروق المؤسسة البطريركية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك