لفت الأنظار في الرياض رئيس الجمهورية ميشال سليمان وهو يدخل الديوان الملكي معزياً بوفاة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز، فقد كان في مقدمة الوفد الرسمي الذي اصطحبه، رئيس سابق للجمهورية هو أمين الجميل، وذلك على مرأى ملوك ورؤساء وأمراء ومسؤولين عرباً وأجانب التقاهم مغادرين أو آتين لتقديم التعازي، وهذا مشهد قل نظيره في العالم العربي الذي يفتقر الى وجود رؤساء سابقين يعيشون في بلادهم حياة طبيعية، وهم إذا وجدوا، فإما منفيين أو مختفين لا يظهرون ولا يعرف الناس عنهم شيئاً. وكان المشهد مدعاة اعتزاز حتى للبنانيين الذين يعانون الأمرين من فوضى السياسة وانفلاتها في لبنان، ومن "الجزر المستقلة ذات السيادة" التي يحكمها أمراء السياسة والأحزاب والطوائف. ومع ذلك، ثمة من يجد في لبنان حداً أدنى للممارسة الديموقراطية وإن الشكلية في حالات كثيرة.وفي طريق العودة من الرياض، وفي أسرع "سفرة" استغرقت ست ساعات ونصف الساعة فقط بين ذهاب وإياب وما بينهما تقديم التعازي، وليس انطلاقاً من المشهد المشار اليه آنفاً، بدا رئيس الجمهورية مسكوناً بـ"هاجس" الديموقراطية. قال: "لا بديل من الديموقراطية في العالم العربي عاجلا أم آجلا. ولا مفر في النهاية من الاحتكام اليها، فالعالم أصبح متداخلا ومتواصلا الى درجة صار يصعب معها تجاهل طريق الممارسة الديموقراطية. وما دام لا بد منها، فلتكن بدون إراقة دماء. ومن غير المستحيل على أي دولة في العالم التفاهم على الاحتكام الى الديموقراطية التي تكفل حماية الحريات وسيادة المؤسسات والقانون" وذلك من خلال الحوار الهادىء البناء، والذي يشكل وحده الطريق الى الحلول وتجاوز الأزمات".ويقول رئيس الجمهورية إن الدول الكبرى وفي طليعتها الولايات المتحدة الاميركية والغرب عموماً، تتحمل مسؤولية في هذا المجال وهي التي تنادي بالديموقراطية وتعطي دروساً فيها، فلا يحق لها أن تكون إستنسابية في دعواتها. ويتساءل: "هل من الديموقراطية بمكان تجاهل الاعتداءات الاسرائيلية واحتلال اراض عربية في فلسطين وسوريا ولبنان؟ وهل في استطاعة المنحاز الى المعتدي ضد المعتدى عليه أن يوازن بين انحيازه الى الجانب الاسرائيلي ودعوته الى الديموقراطية؟هل في تجاهل المبادرة العربية للسلام التي ترتكز على الديموقراطية الحقة والتي اطلقها العاهل السعودي الملك عبدالله من القمة العربية في بيروت عام 2002 شيء من الديموقراطية؟".وفي رأي رئيس الجمهورية أن التعددية في لبنان "على علاتها" يمكن أن تشكل مثالا يحتذى به لما يمكن أن تكون عليه الديموقراطية الآتية عاجلا أم آجلا، الى كل بلدان العالم العربي، والعالم في شكل عام.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك