"تاجر الموت" اللبناني غيبه الموت عن عمر يناهز الـ82 عاما

قضى اللبناني سركيس سوغاناليان حياته الملقب بـ "تاجراً الموت" بعد أن أبرم أكبر صفقات الأسلحة على مستوى العالم، كان هدفاً لوكالة الاستخبارات الأميركية، كما لعب دوراً في الحرب الأهلية اللبنانية، وزوّد كل من العقيد الليبي معمر القذافي، والرئيس العراقي السابق صدام حسين بالأسلحة.

 

من جهتها أفردت صحيفة الغارديان البريطانية تقريراً مطولاً ألقت فيه الضوء على حياة تاجر الأسلحة اللبناني سركيس سوغاناليان، الذي توفي مؤخراً عن عمر يناهز الـ 82 عاماً، بعد أن قضى معظم حياته باعتباره تاجراً للموت، كما أطلق عليه، وبعد أن شغل العالم بعلاقاته وتصرفاته وتصريحاته وصفقاته المثيرة للجدل على مدار سنوات وسنوات.

 

وقالت الصحيفة في هذا الصدد إن سركيس ظل أبرز تجار السلاح في العالم على مدار أكثر من عقدين من الزمن، وسبق له أن أبرم صفقات في كل من لبنان ونيكاراغوا وأنغولا وأثناء الحرب التي اندلعت بين العراق وإيران. وسبق له أن علق على منحه لقب "تاجر الموت" بقوله :" هذا الاسم لا يزعجني على الإطلاق".

 

كما ظل لفترات طويلة واحداً من أهم الأهداف بالنسبة للسي آي إيه، والإف بي آي وغيرهما من الوكالات الحكومية الأميركية. وكان يتعامل بحرص من خلال "سياسة الإنكار الظاهري" فيما يتعلق بصفقات السلاح السرية، التي لم تكن ترغب الولايات المتحدة أن تظهر فيها بالصورة. وسبق له أن وفر سلاحاً لأناستوزيا سوموزا، لمقاتلة الساندينيين في نيكاراغوا، وإلى صدام حسين، للاستعانة بها في مواجهة إيران.

 

وأوضحت الصحيفة كذلك إلى عمله السابق كمخبر يقدم معلومات استخباراتية ذات طبيعة قيمة. وسبق له أن قال في هذا الخصوص "عليك أن تسمع بلسانك وتتحدث بأذنيك". ثم مضت الصحيفة تشير إلى أن سركيس مواطن لبناني، وُلِد في مدينة الاسكندرون التركية، لكن أسرته الأرمنية انتقلت إلى بيروت في وقت لاحق. ثم هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1958 وأدار هناك مرآباً للسيارات قبل أن يعود مجدداً إلى لبنان. ثم عمل بعدها كوكيل لشركة "كولت Colt" المصنعة لبنادق أم 16.

 

ثم لفتت الصحيفة إلى الدور الذي قام به سركيس أثناء الحرب الأهلية في لبنان، حيث زود الميليشيات المسيحية بالسلاح وبدأت حينها علاقته بوكالة المخابرات الأميركية "سي آي إيه". وسبق له العمل كذلك مع فيليكس رودريغيز، العميل الكوبي المنفي الذي شارك في تعقب تشي غيفارا في بوليفيا، وادوين ويلسون، العميل المنشق الذي أضحى مهرباً للسلاح وقام بتزويد العقيد معمر القذافي في ليبيا بالسلاح.

 

ونتيجة للظروف الصعبة التي كان يمر بها لبنان في تلك الفترة، قرر سركيس العودة مرة أخرى إلى أميركا وتحديداً إلى ميامي. وسبق له أن زعم عام 2000 :" لم يسبق لي مطلقاً أن قمت ببيع أسلحة لأي أحد من المنتمين إلى تيار اليسار"، وذلك بعدما تحدثت أنباء عن قيامه بتسليح متمردي فارك في كولومبيا. ولمساعدة نفسه وكذلك سوموزا، قام سركيس بالاحتيال على تاجر السلاح البريطاني جون رالف عام 1977 بمبلغ قدره 1.15 مليون دولار تم دفعه لتسليح موريتانيا في غرب إفريقيا بالرشاشات لمقاتلة المتمردين المنتمين لجبهة البوليساريو. وقد ذهبت الرشاشات بدلاً من ذلك إلى نيكاراغوا.

 

وتم استغلال الأموال المتبقية في سداد ديون سركيس.

 

وسبق كذلك للمحامي الخاص به أن قال عنه عام 1987 "سركيس ليس مهرب سلاح مهلهل يسافر ليلاً، فهو معروف بالتأكيد لدى أبرز مسؤولي حكومتنا". ورداً على واقعة الاحتيال التي تعرض لها، قام رالف برفع شكوى جنائية، لكن لم تتخذ أي إجراءات حتى عام 1981، حين أدين سركيس بالواقعة. وبعد مرور عام، حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات تحت المراقبة. هذا وسبق له أيضاً أن زود الأرجنتين بصواريخ اكسوسيت، التي استخدمت لاحقاً في الصراع على جزر فوكلاند لإغراق المدمرة البريطانية اتش إم اس شيفيلد. وسبق له أن صرح كذلك عام 2001 بقوله " يعلم المسؤولون الأميركيون ما الذي أقوم به في كل دقيقة وكل ساعة".

 

أما أكبر صفقاته فكانت تلك التي أبرمها مع صدام حسين خلال الحرب التي خاضها مع إيران على مدار ثمانية أعوام بقيمة زادت عن مليار ونصف دولار. وبعد أن تم منعه من إبرام صفقات أسلحة مع الولايات المتحدة، سافر سركيس إلى فرنسا ثم إلى الأردن.

 

وألقي القبض عليه عام 1999 لدى وصوله إلى ميامي بسبب احتياله بشيك قيمته 3 مليون دولار. لكن أفرج عنه بكفالة بعدها بـ 10 أشهر. وبحلول عام 2008، تدهورت حالته الصحية، وكان يعيش في حي تنخفض فيه قيمة الإيجارات السكنية، وإن كان لا يزال وقتها على صلة بمسؤولين من الإف بي آي، وكان يتطلع كذلك لعقد صفقات سلاح، حتى توفي الاسبوع الماضي وتحديدا  في 7 تشرين الثاني.