لبنان تأخر في التزام الحياد حيال الملف السوري فهل دعمه للنظام يخفف الأذى؟
ثريا شاهين

ثريا شاهين

المستقبل

يطرح الموقف اللبناني الرسمي في جامعة الدول العربية في شأن رفض تجميد عضوية سوريا، وردود الفعل حوله من أركان الحكم ومن المجتمع الدولي علامات استفهام حو ما هو الأفضل للبنان ان يتخذه من مواقف حيال الموضوع السوري برمته، فهل هو الحياد؟ وهل يمكن ان يحيد نفسه في مسألة متصلة بسوريا نظراً للتداخلات السياسية والتأثيرات، أم هل يمكن ان يتعامل مع هذا الملف وفق موقف لبنان التاريخي من حرية الشعوب والديموقراطية؟
الموقف اللبناني الذي اتخذ، وعلى الرغم من وجود معارضة له في الخارج ومن الداخل لا سيما من قوى 14 آذار، تبرره الديبلوماسية اللبنانية أمام السفراء المعتمدين في بيروت والذين لم يوقفوا استفساراتهم حوله، بثلاثة أسباب هي وفقاً لمصادر ديبلوماسية كالآتي:
- ان لبنان الذي رفض تجميد العضوية، يعتبر انه في القضايا ذات الصلة بالمواضيع العربية، فإنه يتخذ مواقف لها خصوصيتها في الإطار العربي، وتختلف عن مقتضيات المواقف في إطار مجلس الأمن الدولي، نسبة الى العلاقات التي تربط لبنان بسوريا والدور الذي يمكن للبنان على المستوى الرسمي ان يؤديه حول ما يتصل بسوريا. ولا يمكنه في الإطار العربي، ان ينأى بنفسه كما فعل لدى صدور بيار رئاسي في مجلس الأمن أخيراً حول سوريا، حيث نأى بنفسه عما يصدر.
- ان لبنان يعتبر انه في ميثاق الجامعة العربية فإن قرارات مهمة من هذا النوع، تصدر بالإجماع وليس بالأكثرية، وبالتالي مثل هكذا قرار ما كان يجب صدوره إلا بالتوافق.
- ان لبنان يعتبر انه في إطار حماية البلد من تداعيات الأزمة السورية، وهي مسألة بالغة الأهمية، عمل على اتخاذ قرار رفض تجميد العضوية. ولو لم يأخذ هذا الموقف، لكان يمكن ان تحصل مستجدات على جانب من الخطورة. وهو يعيد التذكير بأن كل الدول نصحته بضرورة ان يحمي نفسه من تداعيات الأزمة في سوريا.
إلا أن أوساطاً ديبلوماسية أخرى، تقول ان كل ذلك لا يبرر اتخاذ الموقف الذي اتخذه لبنان. والتعليل بأن ذلك يحمي لبنان، يعني بأن النظام السوري لديه في لبنان جماعات تستطيع ان تلجأ الى الانتقام والى الوسائل الأمنية التفجيرية، وان لبنان يقع تحت الهيمنة والتهديد السوريين، وعليه ان يتخذ مواقف متطابقة مع مواقف النظام.
وتلفت الأوساط، الى ان من يقرر في السياسة الخارجية يتخوف على مصيره في حال سقوط النظام، كما يتخوف على مستقبله السياسي، لانه مثل هذه الظروف ستؤثر على وجوده في موقع معين.
في حين ان "حزب الله" يبدو انه يفكر أبعد من ذلك. ففي حالة مثل سقوط النظام سيضعف الحزب، لكنه في النهاية هو مرتبط بإيران، وإذا ما تغير النظام في سوريا من المرجح ان تحصل صفقة دولية مع إيران. وبالتالي وضع الحزب ليس حرجاً مثل وضع الفئات اللبنانية المرتبطة مباشرة وفعلياً بالنظام.
يفترض بلبنان التزام الحياد وفقاً للأوساط، وهو الأمر الذي تحدث عنه باستمرار رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي. لكن حتى ان الحياد، فيه ما يخالف تاريخ لبنان في الديموقراطية ومساندة حقوق الشعوب. انما الحياد يتضمن ما يكفي من الأسباب التخفيفية للأذى الذي يمكن ان يتعرض إليه نتيجة الإنعكاسات المتنوعة للأوضاع السورية عليه.
لكن لبنان تأخر في التزام الحياد الذي طالبته به بحسب الأوساط، الولايات المتحدة وكذلك بريطانيا وفرنسا. ولم يتأخر فقط لكنه في أدائه حقق مغالطات في السياسة الخارجية وفي الديبلوماسية، الى الحد الذي جعل ديبلوماسيين أجانب يعتبرون ان لبنان لم يثبت مهنية ديبلوماسية في تعاطيه مع الملف السوري في الجامعة العربية.
لبنان بالنسبة الى الديموقراطية لا يمكن ان يلطخ تاريخه في تأييده الأنظمة الاستبدادية وأكثر ما كان يفترض ان تطلبه سوريا منه هو الوقوف على الحياد، على الرغم من ان ذلك ضد طبيعته، لانه يؤيد الديموقراطية وتبدل السلطة وهو ينادي بهما عبر الأزمنة وحتى الآن. وتشير الأوساط، الى ان الموقف الحيادي يخفف الأخطار، لا سيما وان الشعب في سوريا باقٍ، في حين ان علامات استفهام على النظام يؤدي الى حقد الشعب ضد لبنان.
راهنت الديبلوماسية اللبنانية على ان تصويت لبنان بالرفض للتجميد، سيُسقط القرار. لكن على الرغم من ذلك صدر القرار.
وهنا تطرح أسئلة حول ما إذا قام لبنان باتصالات كافية قبيل انعقاد اجتماع الجامعة، لمعرفة المعطيات كافة؟ وهل لو عرف بذلك لكان أصرّ على الموقف ذاته أم لكان اختار الحياد مثلما كان خياره في مجلس الأمن؟