النهار
حلل سفير اليونان بانوس كاريغولوبولوس الخصوصية السياسية والثقافية والدينية اللبنانية، والتي تضاف الى انفتاح على العالم والتقاط التأثيرات الخارجية لتجعل من لبنان اشبه بـ"النموذج المصغر" لما يحصل في المنطقة وما وراءها: "هو مختبر نرى فيه امكانات التعايش وبعض الاحيان التشنج الكامن. هي "عالمية" بالمعنى الثقافي للكلمة وما تعنيه من قبول للآخر والتآلف مع طرق عيش ولغات وعالم اجتماعي آخر اغنت خبرتي في اتصالي الجدي وطويل النفس مع الشرق".
واكد السفير اليوناني في حديث لصحيفة "النهار" ان "المحكمة الدولية انشئت بناء على طلب الحكومة اللبنانية. وسوية مع بقية المجتمع الدولي وقال "نعتقد ان الشعب اللبناني يتطلع منذ زمن الى العدالة ووقف سياسة الافلات من العقاب في الجرائم السياسية. وما زلنا مقتنعين بأن العدالة والاستقرار ليسا هدفين متناقضين. ويعود الى القوى السياسية اللبنانية ايجاد طريق تزاوج بين البحث عن العدالة والحاجة الى الاستقرار. ومن جهة اخرى، تعتقد اليونان ان الشرعية الدولية يجب ان تكون ركيزة العلاقات الدولية. نحن نمتثل لهذا المبدأ في سياستنا الخارجية ونأمل ان يمتثل الآخرون لهذا الالتزام ايضا".
واشار الى ان "لا بديل من السلام والامن رغم انهما يبدوان صعبين وربما غير قابلين للتحقيق راهنا. فالدينامية الجديدة التي اوجدها الربيع العربي قد تشكل عاملا ايجابيا مرحباً به. طالب المتظاهرون في دول "الربيع العربي" اولا بالعدالة الاجتماعية والحرية وبمستقبل افضل. وعلى المجتمع الدولي ان يعمل مع الانظمة الجديدة في هذه الدول لمساعدتها على تحقيق المطالب الشعبية بالديموقراطية والحرية ومستقبل واعد. فهذه الاجابة تبدو الاكثر صدقية ردا على القلق المشروع للأقليات الدينية وغيرها في المنطقة.
وقال: "فليلتقطوا الفرص الجديدة ولينخرطوا في التحولات الجارية في بلادهم في اتجاه الحرية والازدهار. ولنتفهم ايضا ان لا سلام مستمراً اذا لم يتوافر الامن لكل دول المنطقة".
واجاب ردا على سؤال: "كدولة موجودة في شرق المتوسط، تؤيد اليونان تولي بقية الدول في المنطقة في تحديد حدودها البحرية واستثمار حقولها الهيدروكاربونية المحتملة (الغاز الطبيعي والنفط) وفقا للقانون الدولي للبحار. فالتهديدات ومحاولات التهويل لا تساعد ولا يمكن السماح بها. ونأمل عن حق في ان يتمكن لبنان وقبرص في تخطي اي سوء تفاهم قد يوجد ويمضيان قدما في اتفاق تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة المنفذ عام 2007".
واضاف: "اعرب موفد الامم المتحدة خلال لقائه نهاية تشرين الاول الماضي مع رئيس الجمهورية ديمتريس كريستوفياس ورئيس مجموعة القبارصة الاتراك السيد درفيس ايروغلو عن حصول تقدم حيال بعض المسائل، لكنه تحدث ايضا عن غياب تقدم في الفصول المهمة جدا في المفاوضات الجارية. نشاطر الامين العام آماله في تحقيق تقدم في هذه الفصول ولاسيما ان الاجتماع المقبل حدد نهاية كانون الثاني في نيويورك. ولكن الامر يبدو صعبا طالما ان السيد ايروغلو يعيد موضع تساؤل ما وافق عليه سلفه في قضايا الحكم ويرفض المفاوضة على اعادة الاراضي ويواصل عموما سياسة التعنت. ندعم جهود الرئيس القبرصي كليا في التوصل الى اتفاق عملي وقابل للحياة ويرتكز على قرارات الامم المتحدة ومبادئ الاتحاد الاوروبي وقيمه. ونحن مقتنعون ان اتفاقا مماثلا سيكون مفيدا للجميع، ضمنهم تركيا. للأسف، يتفادى المسؤولون الاتراك تشجيع السيد ايروغلو على تبني موقف بناء ويتحدثون معظم الاحيان علنا بطريقة غير منتجة".
وعلق على موقف تركيا بالقول: "من الواضح ان لتركيا علاقات تاريخية وثقافية في الشرق الادنى والاوسط الى جوارها المباشر مع بعض دول المنطقة. ونأمل في ان تتمكن من ادراك اهمية هذه القدرة للمساهمة في استقرار المنطقة وفقا لقواعد القانون الدولي وتطلعات الشعب الثائر".
واكد ان اليونان تؤيد انضمام تركيا الكلي الى الاتحاد الاوروبي في حال لبت كل المعايير المطلوبة وانضمت كليا الى قواعد حسن الجوار. يمثل الاتحاد الاوروبي مجموعة دول حيث لا مكان فيها للسياسات العدوانية او لوضع القانون الدولي موضع تساؤل".
واوضح السفير اليوناني ردا على سؤال عن الازمة اليونانية بالقول: "تدفع اليونان والشعب اليوناني راهنا ثمنا غاليا نتيجة السياسات في الاعوام الماضية. والتضحيات المطلوب ان يقدمها المواطن اليوناني المتوسط للخروج من الازمة المالية والاقتصادية غير المسبوقة، تتطلب احتراما. وافق شركاؤنا في منطقة اليورو على مساعدتنا وكذلك بقية اعضاء الاتحاد الذين وجدوا انفسهم في اوضاع ملحة مماثلة. الا انه تجدر الاشارة الى ان اليونان هي المثال الاول والحاد لأوسع ازمة دين وثقة ضربت منطقة اليورو واي دولة ذات مشاكل دين مماثلة خارجها. ومن خلال بذل جهود انسانية خارقة، سيتجاوز الشعب اليوناني ممارسات سيئة اعتمدت في الماضي وسيتمكن من الوقوف مجددا على رجليه. فاهداف سياسة اليونان الخارجية وخياراتها الجوهرية لم ولن تتأثر بالازمة الراهنة".