سفينة بشار الغارقة

علي حماده

النهار

مرة جديدة يعود مجلس وزراء الخارجية العرب ليجتمع اليوم للبحث في الازمة السورية بعد فشل المبادرة العربية التي قدمت للنظام في سوريا، وقد قابلها بسلسلة تعديلات طالب بها بهدف افراغها من مضمونها، وهذا ما حدا باللجنة الوزارية العربية والامانة العامة للجامعة على ان ترفض التعديلات، مع الاصرار على التزام السوري حرفية المبادرة. وعند هذه المحطة توقف قطار الحل العربي. وبات من الضروري الانتقال الى مرحلة جديدة في التعامل العربي مع نظام بشار الاسد الذي قرر بحسب ما بدأ يصرح به في الاعلام الخارجي (الصانداي تايمس اللندنية) مواصلة المعركة بالعنف... حتى الموت!

ومن المفارقات التاريخية ان يأتي اجتماع مجلس الجامعة اليوم، وهو مفصلي غداة توقيع المبادرة الخليجية بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح (آخر اصدقاء بشار الاسد مع ميشال سليمان ونجيب ميقاتي) والمعارضة لحل الازمة اليمنية. وفي نهاية الامر يخرج صالح من البلاد في رحلة علاجية، ويخرج معها من السلطة خلال تسعين يوما.

المطلوب الآن من وزراء الخارجية العرب اصدار بيان يندد بالنظام في سوريا، وتأكيد تعليق عضوية سوريا في الجامعة، والتوصية بسحب السفراء العرب من دمشق، وتعجيل الخطى في دعم توحيد المعارضة عبر اشتراط توحيدها باقصى سرعة للاعتراف بها ممثلا وحيدا للشعب السوري. والاهم الآن اقرار سلسلة من العقوبات الاقتصادية جرى التوافق على حزمة اولى منها بين دول مجلس التعاون الخليجي.

ولا بد من اتخاذ قرار بنقل الملف الى المجتمع الدولي استنادا الى شبه اجماع عربي. ويكون ذلك بالتحضير العاجل لطرح مشروع قرار عربي - اميركي - اوروبي قوي في مجلس الامن ضد النظام في سوريا. ومن المعلوم ان طرح مشروع قرار عربي - غربي مشترك يمثل ضغطا كبيرا على الموقف الروسي - الصيني - الهندي والبرازيلي في مجلس الامن. من هنا ضرورة تشكيل وفد على مستوى وزراء الخارجية العرب يرافقهم الامين العام للجامعة العربية مهمته زيارة عواصم "الرفض" الدولية، بدءا من موسكو حيث مفتاح "الممانعة" الدولية. ولا بد من توجيه رسالة قوية لموسكو مفادها انها بدفاعها عن النظام في سوريا انما تضع نفسها في مواجهة مباشرة وصريحة مع الاسرة العربية بأسرها، وبالتالي لا بد من مراجعة موقفها.

يجب ان يفهم بشار الاسد ان الاسرة العربية قبل المجتمع الدولي، تطالبه بالرحيل لأنه لا يستطيع قتل شعبه والبقاء في السلطة من غير ان يرف له جفن. والحال ان بشار كرئيس فعلي لسوريا انتهى. فلقد سقطت شرعيته في الداخل وعربيا ودوليا وما بقي معه سوى ايران وروسيا وكوريا الشمالية، فضلا عن ذلك فإنه بعد قتله آلاف السوريين ما تمكن من اخماد الثورة.

في سوريا اصبح النظام رجلا مريضا، وموته لا ينتظر سوى اتفاق خصومه على التركة. هذا ربما ما ينبغي لنجيب ميقاتي ان يدركه فيعجّل في القفز من سفينة بشار الغارقة.