صنع الأميركيون أسطورة أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة من الهجمات على برجي التجارة العالمية في 11 أيلول 2001. ذُهل العالم آنذاك من احتمال أن يكون تنظيم إرهابي يملك هذه التقنيات والتسهيلات التي أعطت فرصة الاختراق الخطير للأمن الأميركي. استساغ تنظيم القاعدة هذه التهمة وبنى عليها مجده السياسي خلال المرحلة الماضية. لكن خلال عشر سنوات لم نسمع بعملية نوعية ضد المصالح الأميركية تعطي «القاعدة» دليلاً على مثل هذا الدور والإمكانات.
احتل الأميركيون أفغانستان ثم احتلوا العراق في سياق حربهم الاستباقية على «الإرهاب». تحوّل أسامة بن لادن إلى لغز تاريخي ورمز لعمليات «إرهابية» جرى ابتزاز العرب والمسلمين من خلالها. كان على هذا العالم المستباح من الجيوش والقواعد العسكرية والإرهاب الدولي المنظم أن يعتذر صباح مساء عن الجماعات المنسوبة إلى ثقافته وبيئته. انقلب الدور التاريخي فصار على العرب والمسلمين أن يقدموا للغرب كل شهادات حسن السلوك لأنه تعرّض في عقر داره لعمل عدواني همجي مشين. عقدة الضمير من هذا الغرب تحوّلت إلى سياسة ومنهجية في تقديم التنازلات لكي يثبت العرب والمسلمون أنهم ليسوا عنصريين أو ليسوا فاشيين كما اتهمهم جورج دبليو بوش.
كان على العرب أن يخوضوا في حوار الأديان مع اليهود الصهاينة حتى لا يظهروا في المشهد العالمي وكأنهم «حثالة الحضارة». كان أسامة بن لادن والقاعدة التي تزعمها شبحاً يخيّم على العقل العربي أكثر ممّا يخيّم في واجس الغرب.
كبُرت الأسئلة. احتل الأميركيون أفغانستان وتغلغلوا في باكستان وطوّقوا إيران ثم احتلوا العراق ولم يقبضوا على عدوهم المفترض. خلال عشر سنوات كُتب على العرب والمسلمين أن يدفعوا فاتورة عمل لم يرتكبوه. القادمون من واشنطن يقولون اليوم إن أميركا قرّرت التخلي عن أولوياتها السابقة. انتهى دور «القاعدة» لمصلحة استيعاب الإسلام السياسي المعتدل الذي يقبل شروط اللعبة الأميركية.
أنجز الأميركيون الفصل الأول من المسرحية فإلى الفصل الثاني. هكذا أعلنوا انتهاء أسطورة أسامة بن لادن.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك