بعد عقد من انعدام التوازن، والحروب الدونكيشوتية، والتربّص، والمطاردة، والأرق، والخسائر على أنواعها، تمكّنت الادارة الأميركية من اصطياد صائد أمنها واستقرارها وكبريائها كقوّة عظمى لا تقهر.
أخيراً وقع أسامة بن لادن في الفخ، وسقط عن عرش الارهاب الذي اعتلاه عن "جدارة"، وتربع فوقه بعدما اخترق كل الحصون، والأسوار والقلاع، ودكَّ أحد أبرز رموز التفوّق الأميركي في قلب نيويورك، وساوى برجي مركز التجارة العالمي بالأرض.
حبس العالم أنفاسه أمس أكثر مما يحتمل. وعلى غرار ما حصل لحظة اصطدام الطائرة البن لادنية الأولى ثم الثانية بالبرجين الشاهقين في 11 ايلول 2001.
فجأة، وفي توقيت لم يكن يتوقعه الأميركيون والعالم، ظهر الرئيس باراك أوباما ليزفّ البشرى، وليبلغ الاميركيين قبل سواهم "ان أميركا قتلت أسامة بن لادن".
اذاً، ملك الارهاب لم يُعتقل، بل قُتل. ثم رُميت جثته في البحر، على ما افادت الأنباء لاحقاً، ما أثار التساؤلات، التي تبدأ بـ"كيف"، و"لماذا" رُمي في البحر"... وحيث كان الجواب التحليلي يرجّح الرغبة في التخلّص السريع من هذا الرجل الذي قد تفتح محاكمته أبواباً مغلقة. كما قد يتحوّل قضيّة تحاصر أميركا وتغرقها في بحر المتاعب.
بالطبع، خبرٌ، او حدثٌ بهذا الحجم سيحفّز أقلاماً كثيرة على الكتابة، وسيسيل حبر كثير، وستعلو أصوات ومناقشات عَبْر التلفزة، ولفترة طويلة.
إلا أنَّ ما يمكن تأكيده الآن هو أن فرحاً عارماً اجتاح العالم حين أذيع النبأ، الذي قارنه البعض بنبأ اعلان انتهاء الحرب العالمية الثانية. وكما قوبل نبأ الاعتداء على رمز التفوق المتمثل بالبرجين اللذين كانا شامخين.
بن لادن قُتل، والبعض اعتبر الحدث المدوّي انتصاراً للعدالة ولمحبي السلام. إنما، ماذا بعد هذا الحدث الذي سيبقى فترة طويلة قيد التداول والتحليل؟
ثم، ماذا بعد بن لادن؟ وهل قُتل الارهاب معه ورمي مع جثته في البحر؟ هل قٌتلت "مدرسته" واندثر "تلامذته" المنتشرون في ارجاء الأرض؟ هل قتلت المرحلة الارهابية التي وسّع بن لادن آفاق "طموحاتها"؟
قد يكون من المبكر الدخول في متاهة هذه الأسئلة كلها، وفي الوقت الذي سمح العالم لنفسه ان يحتفل بالمناسبة، من غير أن ينسى التنويه بـ"النجاح الكبير الذي حققته ادارة الرئيس باراك أوباما ضد الارهاب وحملة مشاعل الشر والاجرام".
ما لا خلاف عليه ان مقتل بن لادن كان متوقعاً.
حتى قيل ان هذه النهاية هي الانجاز الأهم والأخير لكل من يسلك الدروب الوعرة التي سلكها هذا الرجل الذي عشق الارهاب، وقد يموت سرّه معه.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك