حزب الله يتبع سياسة "النفس الطويل" مع الزعيم الاشتراكي
الديار

«الكل» في لبنان في الوسط السياسي وخارجه، من الحلفاء الجدد والسابقين في حالة ترقب لأي موقف جنبلاطي وبالتحديد لقرار انتقال الزعيم الاشتراكي مجدداً وعودته الى كنف حلفائه السابقين . انعقدت الجمعية الاشتراكية ومرت انتخاباتها بهدوء من دون ان تهب العاصفة الجنبلاطية ، وكذلك مرت استحقاقات كثيرة قبلها من القرار الظني الى استدعاء المتهمين للمثول امام المحكمة الدولية ، فصمد جنبلاط امامها وان كان لصموده ألف معنى ومغزى، صحيح انه لم ينتقل لكن تصاريحه عن المحكمة وما يحدث في سوريا يطرح ألف سؤال وسؤال، وبالتالي فان الحديث عن تموضع جنبلاطي يعيد جنبلاط الى 14 آذار لا يزال مطروحاً في كل وقت وعند كل مفترق طريق ومع تتابع وتيرة الأحداث.
مؤخراً ارتفع منسوب التفاؤل بإعادة تموضع الزعيم الاشتراكي مجدداً ، وصل الأمر بالمغالين بالتفاؤل الى حد تصوره خطيباً في احتفال طرابلس يوم الأحد المقبل بديلاً عن الشيخ سعد الحريري الذي لم يحن بعد وقت رجوعه الى لبنان لاعتبارات أمنية ومتصلة بالشأن السياسي العام واحداث المنطقة ، فتم تبديل الصورة في مخيلة بعض الآذاريين في إعتلاء جنبلاط بدلاً من مروان حمادة وبطرس حرب معلناً الانتقال وسلسلة من المواقف التي تتنتظرها جماهير الثورة ، لكن الصورة سرعان ما تتبدى لتعود الصورة الى واقعها الحقيقي ، وفيها ان مهرجان طرابلس يعطى اكثر من حجمه العادي ، كما تعطى حركة جنبلاط الأخيرة انطباعات لا تستند الى وقائع ثابتة وملموسة.
بالمؤكد فان لقاء جنبلاط بنواب المستقبل قبل فترة حبس انفاس حلفائه الجدد في حكومة ميقاتي لكنه أعطى جرعة دعم زائدة للآذاريين عندما أعاد الزعيم الاشتراكي الحرارة الى علاقته الباردة ببعض الشخصيات فاتحاً صفحة جديدة لإعادة التواصل معها ، وحيث بعد كسر الجليد في المرة الأولى يمكن ان تتوالى الاتصالات لتعود المياه الى مجاريها مع من تبقى من حلفاء ثورة الأرز الآخرين ، ومن شملتهم نيران البيك في الهجوم أكثر من مرة بعدما تزعزعت الثقة معهم في أعقاب الانقلاب الجنبلاطي الشهير.
لكن والى حين تستتب علاقة جنبلاط بسائر مكونات ثورة 14 آذار، فان ما بين جنبلاط والمستقبل اليوم لا يمكن تجاهله بحيث ان المستقبل من الجمهور الى رأس الهرم يبدو مرتاحاً الى مسار العلاقة الجنبلاطية الاشتراكية بخلاف الحلفاء الجدد وخصوصاً التيار الوطني الحر الذي ساءت علاقته كثيراً بالزعيم الاشتراكي ، وحزب الله الذي يتبع سياسة «النفس الطويل» مع جنبلاط على طريقة المقاومة التي «تمهل ولا تهمل» ، خصوصاً ان جنبلاط بدأ يحيد في بعض مواقفه عن خريطة طريق التحالف الجديد . في مجالسهم يدافع المستقبليون اليوم عن جنبلاط على طريقة «عفا الله عما مضى» ، وبتفهم مستقبلي لا حدود له لهواجس الزعيم الاشتراكي ومخاوفه التي فرضت عليه الانتقال ذات يوم على النحو الذي جرى . مؤخراً يبدو ان الآذاريين والمستقبليين منحوا الزعيم الاشتراكي عفواً عاماً عن «كل ارتكاباته» السابقة ، حتى تلك التي اخرجت سعد الحريري من الحكومة . بالنسبة الى المستقبل كان ثمة التزام بتوجيهات رئيس التيار بتحييد الزعيم الاشتراكي عن الخصومة السياسية وعن مرمى نيران المستقبل التي تركزت مؤخراً على الفريق البرتقالي وحزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري . يرى القربيون من المستقبل ان جنبلاط استطاع رغم كل ما يقال ان يدوزن بين انتقاله الى المقلب الآخر وعلاقته بسعد الحريري ، ويتحدث القريبون عن قرارات شخصية من الحريري في أحلك الظروف التي مرت بها قريطم بعدم التعرض للزعيم الاشتراكي مهما بلغ سقف ترددات استداراته السياسية وتكويعاته ، البعض كان يكرر كلمة السر المستقبلية نقلاً عن الدوائر العليا في بيت الوسط «جنبلاط حليفنا الى الأبد مهما كانت الاستراتيجيات والمواقف الجنبلاطية» .وفي مطلق الأحول يحلو للبعض اللعب على وتر العلاقة المتأزمة بين التيار الوطني الحر وجنبلاط «المفترض انهم حلفاء في الحكومة» .
لكن الى اين سيوصل هذا التناغم والانسجام المستقبلي -الحريريي ، وماذا عن حنين جنبلاط الى رفاق الأمس ؟ يرى الخبثاء ان وليد جنبلاط القارىء الأحداث قبل وقوعها يعرف الكثير، ولذلك هو اليوم في الوسط «هو حليف المقاومة وليس خصماً لـ 14 آذار»، وهو إذ يراقب الأحداث في المنطقة فان فكره مشغول بهاجس النسبية التي يرفرف شبحها فوق دوائره في الشوف وبعبدا وعاليه ،مع قلقه على هاجس الأقليات في المنطقة ومنهم طائفة الموحدين الدروز في ضوء المتغيرات الكبيرة . من هنا يمكن القول ان ثمة التقاء مصالح «وجودي وسياسي وانتخابي» يفرض نفسه على وسطية جنبلاط بين الضفتين وعلى علاقة الاشتراكي والمستقبل ، بحيث يضمن الفريق المستقبلي استمرار الدفع الجنبلاطي باتجاه تمويل المحكمة و«كبس» جنبلاط في اتجاه الضغط على ميقاتي تمهيداً لحشره وإحراجه فإخراجه من الحكومة ، وهذا ما بدأ فعلياً باعتكاف الوزير غازي العريضي وتهيد وزراء الاشتراكي بالاستقالة من الحكومة ، في حين يسدد الفريق الجنبلاطي «ضربة معلم» بتمريرة مستقبيلية الى قانون النسبية الذي يعجب الرابية وفريق واسع من حلفائها.
مسألة تمديد عمل المحكمة في آذار المقبل.