نظام الشاه في ورطة
نظام الشاه في ورطة

تواجه ايران تحديات اساسية تتمثل في طبيعة النظام العالمي الراهن، والأوضاع المعقدة والمهددة التي تسوده، والتوترات في المنطقة والعالم، وترسخ الوجود الأميركي في جواره، وبروز أدوار وتحالفات جديدة لدول إقليمية، بالاضافة الى أزمة الملف النووي، وظاهرة العولمة، كل هذه المعضلات العالمية والدولية والإقليمية، تفرض نفسها كمعوقات أمام دوره الحالي. فهذا النظام السياسي المتشكل إثر الثورة الإيرانية 1979 يواجه اليوم ضغوطا دولية قد تحد من قدراته المتنامية مؤخرا، فغداة الهجوم الذي نفذه متظاهرون مقربون من النظام على السفارة البريطانية في ايران, اعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ اغلاق سفارة بلاده في طهران من جهة, واغلاق السفارة الايرانية في لندن "في غضون 48 ساعة" من جهة أخرى. هيغ أعلن موقفه هذا امام مجلس النواب, معتبرا ان الهجوم على السفارة ما كان ليقع "لولا موافقة ما" من النظام الايراني. رئيس الوزراء ديفيد كاميرون, هدد بدوره, ايران بتدابير قاسية جدا على اثر الهجوم الذي وصفه "بالمشين"، موضحا ان سلامة الطاقم الدبلوماسي تتصدر اهتماماته. وكان سبق اجراء الخارجية البريطانية بالاقفال, قرار بإجلاء عدد كبير من دبلوماسييها في طهران. ولفت متحدث باسم الخارجية البريطانية الى ان هدف القرار هو ضمان امن الدبلوماسيين, في وقت اوضحت مصادر دبلوماسية غربية ان الموظفين غادروا الى الامارات وان مجموعة اولى ممن جرى إجلاؤهم بمساعدة وزارة الخارجية الايرانية والكثير من السفارات الاوروبية, استقلوا صباح الاربعاء طائرة متجهة الى دبي . وفي ردود الفعل, اثار الهجوم سلسلة ادانات دولية حيث شجب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ما حصل, داعيا السلطات الايرانية الى التحقيق في الحادث وضمان عدم تكراره, كما استنكر مجلس الامن بأشد العبارات الهجوم, الأمر الذي اثار انتقاد رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني, الذي اتهم المجلس بالتسرع في ادانة طهران بهدف التغطية على الجرائم التي اقترفتها بريطانيا واميركا, لافتا الى ان بريطانيا مسؤولة عن تأجج المشاعر التي قادت لتلك المشاهد العنيفة ومن واشنطن, حض الرئيس الاميركي باراك اوباما ايران على محاسبة المسؤولين عن اقتحام السفارة، كذلك استدعت وزارة الخارجية الالمانية سفيرها لدى طهران "للتشاور" وكذلك فعلت كل من فرنسا وهولندا, في وقت اغلقت سفارة النروج ابوابها في طهران، فيما اعلنت الخارجية ان الدبلوماسيين النروجيين ما زالوا في طهران ولم يتخذ بعد قرار بإجلائهم.
بعد تدهور العلاقات السعودية - الايرانية على خلفية محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن ها هي طهران مجددا في "عين العاصفة" واليوم مع بريطانيا ومع سلسة مواقف واجراءرات حازمة.
زمن يمضي، وزمن يأتي، ثم تغدو تجربته في ذمة التاريخ الذي يعود من جديد، وتعود البلاد لتقع في تجربة نظام الشاه لتضحى في الزمن الدائري نفسه، فهل يكون هذه المرة بمنأى عن العاصفة التي ضربت المجتمع الايراني مجددا بكامله.
جويل نصار شواح