ذكرت صحيفة "المستقبل": في وقت تتصاعد عزلة نظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي يخضع لعقوبات عربية وغربية بسبب قمع المحتجين المناوئين للنظام السوري، اختارت حكومة نوري المالكي دعم الاسد اقتصاديا وماليا عبر استمرار التجارة والعلاقات لتوفير "طوق نجاة"، وذلك بالتزامن مع انباء اشارت الى سعي بعض كبار رموز النظام السوري للاستعانة بشبكة علاقات في بغداد للالتفاف على العقوبات المفروضة على دمشق والتي دفعت نوابا عراقيين لفتح ملف العلاقات بين البلدين . فقد كشفت مصادر برلمانية مطلعة على تحرك عدد من النواب لتقديم طلب لرئاسة البرلمان العراقي من اجل توضيح منح الحكومة العراقية امتيازات تجارية واقتصادية للنظام السوري.
وأفادت المصادر في تصريح لـ "المستقبل" ان "نوابا يعكفون على تقديم لائحة مطالب لرئاسة البرلمان لغرض معرفة طبيعة العلاقة بين الحكومة العراقية ونظيرتها السورية بخصوص بعض الملفات الغامضة ومنها منح دمشق امتيازات تجارية ونفطية بشكل مثير للاستغراب".
وأكدت المصادر ان "أطرافا نيابية تسعى لصوغ قرار يلزم الحكومة العراقية الالتزام بالعقوبات العربية المفروضة على نظام الاسد وخاصة في الجوانب التي تستهدف النظام ورموزه دون الاضرار بالشعب السوري او الجالية العراقية المقيمة في سوريا ".
وبينت المصادر ان "رجل الاعمال السوري رامي مخلوف (ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد ) يدعم شبكة من رجال الاعمال المقربين منه ومن النظام للاستعانة برجال اعمال عراقيين من اجل اسناد النظام السوري الذي بدأ يعاني من ضغوط كبيرة على الاقتصاد بسبب العقوبات الغربية".
ولفتت المصادر الى ان "مخلوف ومن خلال بعض رجال الاعمال، بصدد افتتاح شركات عراقية في مختلف المجالات تكون واجهة للالتفاف على العقوبات المفروضة على النظام السوري حيث ستكون تلك الشركات عراقية بالواجهة وتحول الاموال التي تجنيها الى سوريا"، مشددة على ان "بعض النواب العراقيين يسعون لطلب استيضاح من وزارة التجارة والمالية بشأن الاجراءات التي تتخذ للحيلولة دون فتح تلك الشركات التي تمارس غسيل الاموال لصالح النظام السوري".
واشارت المصادر الى ان" اجراءات ستتخذ للتحقق من وثيقة رسمية موقعة من قبل وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي تتعلق بتفاصيل عقد مع "كوجاس" الكورية الجنوبية و"كازمونايجاس" من كازاخستان لتطوير "حقل عكاس" للغازالطبيعي في محافظة الأنبار (غرب العراق) والتي تسمح للحكومة العراقية بمنح نظيرتها السورية تسهيلات جراء الانتاج في الحقل الضخم تحت بند بررته الوثيقة الرسمية بعدم وجود منشآت عراقية مماثلة، ومن دون ان تبرر ما يحول دون انشاء ما يحتاجه المشروع بشكل كامل على الاراضي العراقية". ونوهت بأن "احدى فقرات العقد الذي تداولته وسائل اعلام عراقية نصت على ان يتم نقل الانتاج لمدة 5 سنوات من تاريخ نفاذ العقد ولحين اكتمال بناء وتشغيل منشآت معالجة الغاز الخام المنتج من الحقل، وقد يتم نقل الغاز ومعالجته في منشآت معالجة الغاز في دير الزور في سوريا ويتم بيع الغاز الخام او منتجات المعالجة بموجب اتفاق خاص بين الجانب العراقي والجانب السوري".
وكان مجلس الوزراء العراقي قرر اخيرا وقف اجراءات الفحص والتفتيش للبضائع القادمة من سوريا لستة اشهر، وهو ما يوفر فرصة لنظام الاسد تصدير بضائعه ومنتجاته الى العراق مقابل عائدات مالية بات في أتم الحاجة اليها فضلا عن محظورات دولية قد تتضمن اسلحة ومعدات اصبحت اهدافا للعقوبات الدولية في مؤشر آخر على ان العراق بات جزءا من ثغرة في نظام العقوبات الدولية على نظام الاسد.
في سياق متصل، شددت شخصيات نيابية عراقية على دعوة الحكومة العراقية لرفض الضغوط الايرانية لدعم نظام الاسد.
فقد اكد القيادي في القائمة العراقية ظافر العاني أن العراق سيهتز وإيران ستضعف في حال سقوط النظام السوري. وقال إن "العراق لن يكون منفذا كافيا لسوريا عندما يكون هناك إجماع عربي ودولي بفرض عقوبات اقتصادية كبيرة عليها"، مبينا انه "في حال سقوط النظام السوري فستكون هناك انعكاسات سلبية تهز العراق".
أضاف العاني أن "تلك الانعكاسات تتجسد بأن القوى الحليفة لإيران ستشعر بخسارة كبيرة، وينظر إليها بأنها كيانات مكروهة كونها تقف في مواجهة المجتمع الدولي"، مشيرا إلى أن "ذلك سيقوي القوى المعادية لإيران وسيضعف الأخيرة"، مرجحا بأن "تزيد إيران تدخلها في الشؤون العراقية، لاستخدامها كورقة لمساومة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي"، لافتا إلى أن "وحدة العراق وأمنه مهددان بفعل التغييرات الإقليمية التي ستحصل في حال سقوط النظام السوري".
ودعا العاني القيادات السياسية إلى "وضع خطة استراتيجية متفق عليها، لمواجهة هذا الموضوع"، مؤكدا "وجود شعور رسمي عربي يتنامى بأن العراق يتصرف بطريقة طائفية خاصة في ما يتعلق بالربيع العربي".
بدوره، طالب النائب الكردي محمود عثمان حكومة المالكي برفض الضغوط الايرانية لدعم النظام السوري .
وقال في تصريح صحافي ان "الحكومة العراقية وضعت باعتباراتها الحسابات الايرانية بخصوص موقفها تجاه الاحداث في سوريا، لان مصير نظام بشار الاسد بالنسبة لطهران مهم جدا وسيؤثر في انحسار نفوذها في المنطقة ولهذا السبب مارست ضغوطا واساليب اخرى على بغداد لتكون داعمة لدمشق ". اضاف ان "ايران اعلنت حرصها على بقاء النظام السوري والحكومة العراقية تبنت الموقف الايراني تجاه سوريا"، مشددا على ضروة ان "يتبنى العراق موقفا مساندا لتطلعات الشعوب نحو الديمقراطية ومساندة حقها في التخلص من الانظمة الديكتاتورية. وسبق لحكومة المالكي ان تعهدت لدمشق توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية معها في خطوة وصفتها اطراف عراقية بأنها اذعان لضغوط ايرانية فرضت على المالكي للتعاون الاقتصادي مع دمشق.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك