بعد خلاف عميق وكبير دفع وزراء تكتل التغيير والاصلاح إلى عدم حضور جلسة مجلس الوزراء الأسبوع المنصرم وعدم اكتمال النصاب, وبعد أن هدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالإستقالة في حال لم يتم تمويل المحكمة, أطل ميقاتي بعد أقل من 24 ساعة عل عودته من روما, أطل من السراي في 30 تشرين الثاني 2011 ليلعن تحويل المبلغ المتوجب على بلاده في تمويل المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري.
وفي المعلومات أنه تم تحويل المبلغ من الموازنة الخاصة برئاسة مجلس الوزراء، ما يعني ان ميقاتي لم يكن مضطرا للمرور بالحكومة التي ترفض اكثريتها التمويل.
واوضح مصدر حكومي ان المبلغ المتوجب على لبنان والبالغة قيمته 32 مليونا و180 الف دولار "أخذ من الهيئة العليا للاغاثة التابعة مباشرة لرئاسة مجلس الوزراء، وبالتالي من الموازنة الخاصة لرئاسة الحكومة التي هي جزء من موازنة الدولة اللبنانية". واشار الى ان المبلغ يشكل حصة لبنان عن العام 2011.
قرار ميقاتي هذا لاقى ترحيب العديد من الدول الغربية والأجنبية, بحيث رحبت الولايات المتحدة بقرار لبنان دفع حصته من تمويل المحكمة الخاصة بلبنان المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري.
واعتبر المتحدث باسم الخارجية الاميركية مارك تونر ان عمل المحكمة الخاصة بلبنان "فرصة للبنان لتجاوز تاريخه الطويل في الافلات من العقاب بسبب العنف السياسي".
وعلق تونر على ذلك بالقول ان دعم بيروت للمحكمة الخاصة بلبنان وتعاونها معها "التزام دولي اساسي".
وكانت السفيرة الاميركية في بيروت مورا كونيلي رحبت بعد لقائها رئيس الحكومة، بقيام ميقاتي بتسديد حصة لبنان في تمويل المحكمة، مضيفة ان "التزامات لبنان تجاه المحكمة تتجاوز مسألة التمويل وحده، وان الوفاء بهذه الالتزامات يشكل مؤشرات هامة على التزام الحكومة بمصالح لبنان وبالتزاماته الدولية على حد سواء".
واعتبرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون، بحسب بيان وزعته بعثة الاتحاد الاوروبي في بيروت ان قرار رئيس الحكومة "يتيح للبنان الحفاظ على استقرار حكومته"، وحضت السلطات اللبنانية على المضي في تعاونها مع المحكمة.
وفي لاهاي، اشاد المتحدث باسم المحكمة الخاصة بلبنان مارتن يوسف بالقرار اللبناني وقال "نرحب بقوة باعلان رئيس الوزراء وننتظر بفارغ الصبر تسلم المال"، موضحا ان "ايداعه الحساب المصرفي سيستغرق اياما عدة".
الناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية رحب من جهته, بقرار الحكومة اللبنانية وهنأ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بهذا القرار "الذي يسمح للبنان بالامتثال لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بمساهمته في ميزانية المحكمة الدولية وفقا لأحكام القرار 1757"، مشيرا الى ان هذه المساهمة ستوفر للمحكمة الوسائل اللازمة لمواصلة عملها.
وأمل أن تستطيع المحكمة الخاصة للبنان تنفيذ مهمتها في أحسن الظروف، متمنيا أن تكون الحكومة اللبنانية تعمل على الإصلاح الذي ينتظره اللبنانيون. وجدد دعم فرنسا لاستقرار لبنان واستقلاله وسيادة وسلامة أراضيه.
يبدو أن الرئيس ميقاتي "لعبها صح" وهو سعى بهذه الخطوة أولا إلى تجنيب ذاته خلاف عميق مع حليف الأمس الرئيس سعد الحريري ومع الشارع السني أيضا, وهو سعى كذلك إلى تغيير نظرة الغربيين بالحكومة اللبنانية التي اعتبروها منذ بداية تشكيلها حكومة "حزب الله". فهل فُتحت أمام ميقاتي أبواب الدول الغربية على مصراعيها, أم أن لا يزال أمام ميقاتي العديد من القرارات المصيرية التي ستتخذ بهذه الطريقة؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك