لم يبق أحد لم يتدخل في قضية مقتل الشابة ميريام الأشقر، إلا أن الأمور تتجه إلى الطرق القانونيّة، وقد اعترف المتهم بجريمته، بعد محاولته إخفاء الأمر
بعد مضيّ 10 أيام على مقتل ميريام الأشقر، في ساحل علما، لم يبق متطفل إلا أصدر حكماً نهائياً في القضية. خلال الأيام الماضية، لم تبق تهمة إلا ألصقت بالمشتبه فيه. بعضهم أفرط في خياله، فجعله «ضابطاً في استخبارات الجيش السوري». والبعض الآخر جعل له شركاء في الجريمة تواروا عن الأنظار بعد فعلتهم. ربما تكون ردود فعل ذوي القتيلة «مفهومة». فهم مفجوعون. بيد أن ما هو غير مفهوم هو مسارعة بعض السياسيين والمسؤولين إلى استباق نتائج التحقيق، وتثبيت التهمة على المشتبه فيه بعد ساعات قليلة على توقيفه.
لكن قضية ميريام نجت من الخروج عن سكة القضاء. فقد حقق المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي داني شرابية مع الموقوف، الذي اعترف بارتكابه الجريمة، ولن يكون بإمكانه لاحقاً الادّعاء بأن رجال الأمن انتزعوا منه اعترافه تحت وطأة التعذيب، على غرار ما يحصل في كثير من التحقيقات هنا. وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أن اعترافه بارتكاب الجريمة «جاء واضحاً وصريحاً»، إذ قال إنه «ذبح القتيلة بسكين من نوع ست طقات، وفي نيته قبل ذلك مجامعتها اغتصاباً، من دون أن يتمكن من الفعل نتيجة مقاومتها الشديدة له». وبحسب أحد المتابعين للتحقيق، فإن الموقوف حاول الاعتداء جنسياً على الضحية «حتى بعد قتلها»، لكنه «لم يفعل ذلك بسبب شعوره بالصدمة من هول ما فعل، إذ لم تعد لديه القدرة الجسدية على الفعل الجنسي»، فباشر بعد ذلك بلف الجثّة بـ«كيس جنفيص» قبل أن يرميها في «واد سحيق».
اعتراف الموقوف لم يكن سهلاً. فهو، وفقاً لشهود على التحقيق، كان «صلباً وثابتاً ويتصرف بأعصاب باردة». لكنه أقر، بعد 3 ساعات، أنهك القاضي شرابية خلالها. بادر الموقوف إلى القول للقاضي إنه «تعب وما عاد يحتمل أكثر». اعترف بالتفصيل. بعد ذلك، ذكّره القاضي بأنه يعترف أمام قاض، لا أمام قوى الأمن، وبالتالي لن يكون بإمكانه التراجع عن أقواله بحجة التعذيب، حيث طوال التحقيق «لم يتعرض لأي ضربة كف». اختتم القاضي تحقيقه، بصفته ممثلاً للنيابة العامة، قبل أن يدّعي عليه ويحيله إلى قاضي التحقيق زياد مكنا. وفي سياق الشائعات التي رافقت الجريمة، أكّد مسؤول قضائي رفيع أنه «لا صحة لما قيل عن أن الموقوف ضابط في استخبارات الجيش السوري، فهو، ككل السوريين، خضع قبل مجيئه إلى لبنان لخدمة العلم الإجبارية». ونتيجة حيازته شهادة أكاديمية، حاز رتبة أثناء خدمته، وذلك بحسب «ما هو معمول به في كل الدول».
ثمّة سؤال طُرح من جانب متابعين، بعد عملية التوقيف، عن سبب عدم هروب المدّعى عليه بعد حصول الجريمة. في هذه النقطة، يوضح المسؤول القضائي أن الموقوف «لم يمض على وجوده في لبنان مدة طويلة، وهو كان يتقاضى من عمله مبلغ 800 دولار أميركي شهرياً». وهذا يعدّ مبلغاً ممتازاً قياساً بما يتقاضاه العمال السوريون عادة. أكد المسؤول أن الموقوف «شخص ذكي جداً» وقد افترض أنه «لا وجود لدليل ضده»، ولذلك لم يهرب. أثناء بحث المحققين عن الجثة، كان يطلق «صوفرة» ويظهر علامات الأسى والتأثر، بهدف إبعاد الشبهة عنه، بل إنه «ساعد في البحث عن الجثة». وللمناسبة، المكان الذي رميت فيه الجثة هو مكان يصعب الوصول إليه، ولولا جهود الجيش اللبناني وفرقه المختصة «لما أمكن تحديد المكان والوصول إليه». إلى ذلك، أثبت كشف الطب الشرعي على الجثة، إضافة إلى التشريح الذي أجري تحت إشراف النيابة العامة، أن ميريام الأشقر كانت لا تزال عذراء. لقد نجحت في الدفاع عن نفسها حتى الرمق الأخير. وبحسب تقرير الطبيب الشرعي، فإن الجرح الذي أحدثه المعتدي بسكينه في عنق القتيلة، كان بطول 7 سنتم، وهذا الجرح أدّى إلى نزف دموي وتقطع في المجاري التنفسية.
وأخيراً، ذكر المسؤول القضائي أنه «ربما من حسن الصدف أن الموقوف ليس مسلماً، وليس مسيحياً، بل هو من طائفة اسمها المرشيدية»، وهي «طائفة غير مشهورة». وبعيداً عن «التطييف»، وضع القضاء يده على القضية ولديه موقوف واعترافات. والأمل كبير بأن تأخذ العدالة مجراها قبل أي شيء آخر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك