اعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحويل المبلغ المخصص لتمويل المحكمة الدولية، اخذ الكثير من الجدل الداخلي خصوصا داخل الاروقة السياسية لمختلف شرائح فريق الاكثرية. وجاء كلام امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ليزيد من مستوى هذا الجدل، لا سيما بالنسبة المتعلقة بصوابية تسمية نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة مرحلة ما بعد الحريري.
بداية، هنالك ما يشبه الاجماع بان فريق 14 آذار تلقي هزيمة قاسية من خلال نجاح الحكومة بتجاوز هذا القطوع بسبب الدعم الدولي لها شرقاً وغرباً، ما جعل امكانية صياغة مخرج داخلي لها مسألة ممكنة. فهذا الفريق كان قد اتخذ قراراً بشن معركة قاسية على الحكومة من خلال هذا الباب لدفعها للتشرذم والانقسام وبالتالي اسقاطها بهدف استعادة السلطة، فيما المنطقة على ابواب تطورات كبيرة، كما ان لبنان بات على مشارف استحقاقات اساسية.
ومع فشل هذا الهدف، تلقى هذا الفريق ضربة قاسية ظهرت من خلال حشود اقل من عادية في مهرجان طرابلس، اضافة الى ردود فعل متضاربة ومتناقضة بعد انجاز تمويل المحكمة.
لكن فريق الاكثرية بدا انه ملزم باعادة قراءة ما حصل، واخذ العبر المناسبة خصوصاً وان ما ينتظر لبنان في المرحلة المقبلة كبيراً وله علاقة مباشرة بمستجدات الساحة السورية.
فمع ولادة اتفاق الدوحة جرى تكريس معادلة جديدة على المستوى السياسي الداخلي، تعايش تحت سقف واحد داخل السلطة ما بين السياسة الغربية والسعودية من خلال تيار المستقبل والسياسة السورية والايرانية من خلال حزب الله.
يومها قيل بان توازنات السلطة الناتجة عن اتفاق الدوحة جرى صياغاتها من خلال ميزان الذهب، ونتج عنها تسمية ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. ويومها ايضا، وانسجاماً مع منطق سحب الساحة اللبنانية من اطار المواجهات الاقليمية والدولية وادخالها في هدنة طويلة، جرى فكفكة كل اسلحة المواجهة. فمثلا جرى نزع الالات التي وضعت في وزارة الاتصالات والتي كانت تعمل على تسجيل كل المخابرات الهاتفية، الثابتة والخليوية، لصالح اجهزة الاستخبارات الامنية.
كما جرى سحب العناصر الفرنسية التي وضعت ضمن فريق الحماية الخاص برئيس الحكومة يومها فؤاد السنيورة اضافة الى خبراء امنيين كانوا موزعين على بعض الادارات الرسمية اللبنانية الحساسة.
في المقابل، تراجع الضغط السوري من خلال الساحة اللبنانية ،اضافة الى التزام حزب الله بالقرارات الدولية التي اعلنت عقب حرب تموز، وباختصار كان الترتيب الدولي ما بين واشنطن وباريس والرياض اضافة الى دمشق وطهران، يقضي باخذ الساحة اللبنانية الى الهدنة في ظل تعايش مدروس داخل السلطة.
فولدت حكومة الوفاق الوطني برئاسة سعد الحريري الذي ما لبث ان زار دمشق حيث امضى ليلته هناك في الزيارة الاولى والتي تلتها زيارات اخرى.
وفي تلك المرحلة، جرى استقبال الرئيس السوري بشار الاسد في باريس، وللمفارقة فان زيارته الاولى جاءت للمشاركة في احتفالات 14 اتموز وهي الذكرى الاهم في الوجدان الفرنسي كونها تتعلق بالثورة القائمة على مبادئ المساواة والحرية والعدالة.
ولم يكن مفهوما او منطقياً ان تبدأ الحملة الدولية والفرنسية خصوصا بعدها على الرئيس الاسد تحت عنوان الحريةو العدالة والمساواة.
لكن القوى السياسية اللبنانية ولا سيما فريق 14 اذار، باشر بخرق هذه الهدنة ومندفعاً بسرعة الى الامام وباتجاه التصعيد من خلال اعادة طرح ملف المحكمة الدولية ولكن من جوانب سياسية واستثماره في اطار الصراع الداخلي.
وجاءت المفاجأة من خلال تجاوب حزب الله مع خطوة التصعيد السياسي، واندفاعه في هذه اللعبة من خلال ملف شهود الزور.
وجاء كلام امين عام حزب الله حين كشف عن الاتفاق الذي كان جرى الاعداد له، ليزيد من حدة النقاش الداخلي الحاصل الآن.
فيومها، بدا أن المصلحة السياسية تميل باتجاه القبول بهذا الواقع، لاسيما ان سعد الحريري كان قد فقد الكثير من بريقه في شارعه، وهو اعلن اعترافه بشهود الزور، ما يمهد لاحقاً في حال استغلال هذا الجانب، الى دفعه لتقديم المزيد من التنازلات.
باختصار كان الحريري قد أصبح اسيراً في هذه المعادلة، ما يلزمه بأن يعمد الى تقديم اثمان عند كل محطة.
ويردد البعض ان غضب واشنطن وباريس بلغ ذروته تجاه دمشق، مع تقديم الوزراء استقالتهم قبيل دخول الحريري الى مكتب الرئيس الاميركي للاجتماع به.
وصحيح أن الغرب اعطى اشارة بعدم ممانعته لوصول نجيب ميقاتي الى السراي الحكومي، وصحيح انه بات مؤمن بعدم خبرة الرئيس سعد الحريري وبالتالي انتقاده لسلوكه السياسي هو وبعض حلفائه، الا أنه كان يدرك بأن خطوة قلب الطاولة الحكومية انما كانت موجهة له وتحديداً للجزء المتعلق به من اتفاق الدوحة.
المهم أن فريق الأكثرية وتحديداً حزب الله،شعر مع تسمية ميقاتي كرئيس للحكومة، انه مضطر للتنازل امامه دعماً لشرعيته، ولأن اللعبة السياسية لم تعد تحتمل المزيد من الخضات الكبيرة. وهكذا، وبرأي هؤلاء، فان اللعبة انقلبت من اضطرار الحريري الى تقديم التنازلات، الى اضطرار حزب الله لمراعاة ميقاتي.
وقد يكون كلام السيد نصرالله قد صيغ من خلال هذه الخلفية او على الاقل هذا الشعور، عندما اظهر عدم رضاه في اكثر من مكان في كلمته على الرئيس نجيب ميقاتي.
وصحيح أن الرئيس ميقاتي سيستفيد من هذه اللهجة ليستثمرها في الشارع السني وتصوير نفسه كبطل يصون مصالح طائفته وبالتالي تعزيز قاعدته الشعبية على حساب الحريرية، الا أنه في الوقت نفسه يضع نفسه في خانة المواجهة مع حزب الله، وسط تطورات كبرى تمر بها المنطقة، وما تزال غير واضحة في المسار التي ستصل اليه، ما يدفع الى ضرورة التروي في الخطوات واعادة تنظيم الحسابات بشكل افضل.
جدل داخل كواليس الاكثرية حول صوابية خطوة «تطيير» الحكومة السابقة
الديار
اعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحويل المبلغ المخصص لتمويل المحكمة الدولية، اخذ الكثير من الجدل الداخلي خصوصا داخل الاروقة السياسية لمختلف شرائح فريق الاكثرية. وجاء كلام امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ليزيد من مستوى هذا الجدل، لا سيما بالنسبة المتعلقة بصوابية تسمية نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة مرحلة ما بعد الحريري.
بداية، هنالك ما يشبه الاجماع بان فريق 14 آذار تلقي هزيمة قاسية من خلال نجاح الحكومة بتجاوز هذا القطوع بسبب الدعم الدولي لها شرقاً وغرباً، ما جعل امكانية صياغة مخرج داخلي لها مسألة ممكنة. فهذا الفريق كان قد اتخذ قراراً بشن معركة قاسية على الحكومة من خلال هذا الباب لدفعها للتشرذم والانقسام وبالتالي اسقاطها بهدف استعادة السلطة، فيما المنطقة على ابواب تطورات كبيرة، كما ان لبنان بات على مشارف استحقاقات اساسية.
ومع فشل هذا الهدف، تلقى هذا الفريق ضربة قاسية ظهرت من خلال حشود اقل من عادية في مهرجان طرابلس، اضافة الى ردود فعل متضاربة ومتناقضة بعد انجاز تمويل المحكمة.
لكن فريق الاكثرية بدا انه ملزم باعادة قراءة ما حصل، واخذ العبر المناسبة خصوصاً وان ما ينتظر لبنان في المرحلة المقبلة كبيراً وله علاقة مباشرة بمستجدات الساحة السورية.
فمع ولادة اتفاق الدوحة جرى تكريس معادلة جديدة على المستوى السياسي الداخلي، تعايش تحت سقف واحد داخل السلطة ما بين السياسة الغربية والسعودية من خلال تيار المستقبل والسياسة السورية والايرانية من خلال حزب الله.
يومها قيل بان توازنات السلطة الناتجة عن اتفاق الدوحة جرى صياغاتها من خلال ميزان الذهب، ونتج عنها تسمية ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. ويومها ايضا، وانسجاماً مع منطق سحب الساحة اللبنانية من اطار المواجهات الاقليمية والدولية وادخالها في هدنة طويلة، جرى فكفكة كل اسلحة المواجهة. فمثلا جرى نزع الالات التي وضعت في وزارة الاتصالات والتي كانت تعمل على تسجيل كل المخابرات الهاتفية، الثابتة والخليوية، لصالح اجهزة الاستخبارات الامنية.
كما جرى سحب العناصر الفرنسية التي وضعت ضمن فريق الحماية الخاص برئيس الحكومة يومها فؤاد السنيورة اضافة الى خبراء امنيين كانوا موزعين على بعض الادارات الرسمية اللبنانية الحساسة.
في المقابل، تراجع الضغط السوري من خلال الساحة اللبنانية ،اضافة الى التزام حزب الله بالقرارات الدولية التي اعلنت عقب حرب تموز، وباختصار كان الترتيب الدولي ما بين واشنطن وباريس والرياض اضافة الى دمشق وطهران، يقضي باخذ الساحة اللبنانية الى الهدنة في ظل تعايش مدروس داخل السلطة.
فولدت حكومة الوفاق الوطني برئاسة سعد الحريري الذي ما لبث ان زار دمشق حيث امضى ليلته هناك في الزيارة الاولى والتي تلتها زيارات اخرى.
وفي تلك المرحلة، جرى استقبال الرئيس السوري بشار الاسد في باريس، وللمفارقة فان زيارته الاولى جاءت للمشاركة في احتفالات 14 اتموز وهي الذكرى الاهم في الوجدان الفرنسي كونها تتعلق بالثورة القائمة على مبادئ المساواة والحرية والعدالة.
ولم يكن مفهوما او منطقياً ان تبدأ الحملة الدولية والفرنسية خصوصا بعدها على الرئيس الاسد تحت عنوان الحريةو العدالة والمساواة.
لكن القوى السياسية اللبنانية ولا سيما فريق 14 اذار، باشر بخرق هذه الهدنة ومندفعاً بسرعة الى الامام وباتجاه التصعيد من خلال اعادة طرح ملف المحكمة الدولية ولكن من جوانب سياسية واستثماره في اطار الصراع الداخلي.
وجاءت المفاجأة من خلال تجاوب حزب الله مع خطوة التصعيد السياسي، واندفاعه في هذه اللعبة من خلال ملف شهود الزور.
وجاء كلام امين عام حزب الله حين كشف عن الاتفاق الذي كان جرى الاعداد له، ليزيد من حدة النقاش الداخلي الحاصل الآن.
فيومها، بدا أن المصلحة السياسية تميل باتجاه القبول بهذا الواقع، لاسيما ان سعد الحريري كان قد فقد الكثير من بريقه في شارعه، وهو اعلن اعترافه بشهود الزور، ما يمهد لاحقاً في حال استغلال هذا الجانب، الى دفعه لتقديم المزيد من التنازلات.
باختصار كان الحريري قد أصبح اسيراً في هذه المعادلة، ما يلزمه بأن يعمد الى تقديم اثمان عند كل محطة.
ويردد البعض ان غضب واشنطن وباريس بلغ ذروته تجاه دمشق، مع تقديم الوزراء استقالتهم قبيل دخول الحريري الى مكتب الرئيس الاميركي للاجتماع به.
وصحيح أن الغرب اعطى اشارة بعدم ممانعته لوصول نجيب ميقاتي الى السراي الحكومي، وصحيح انه بات مؤمن بعدم خبرة الرئيس سعد الحريري وبالتالي انتقاده لسلوكه السياسي هو وبعض حلفائه، الا أنه كان يدرك بأن خطوة قلب الطاولة الحكومية انما كانت موجهة له وتحديداً للجزء المتعلق به من اتفاق الدوحة.
المهم أن فريق الأكثرية وتحديداً حزب الله،شعر مع تسمية ميقاتي كرئيس للحكومة، انه مضطر للتنازل امامه دعماً لشرعيته، ولأن اللعبة السياسية لم تعد تحتمل المزيد من الخضات الكبيرة. وهكذا، وبرأي هؤلاء، فان اللعبة انقلبت من اضطرار الحريري الى تقديم التنازلات، الى اضطرار حزب الله لمراعاة ميقاتي.
وقد يكون كلام السيد نصرالله قد صيغ من خلال هذه الخلفية او على الاقل هذا الشعور، عندما اظهر عدم رضاه في اكثر من مكان في كلمته على الرئيس نجيب ميقاتي.
وصحيح أن الرئيس ميقاتي سيستفيد من هذه اللهجة ليستثمرها في الشارع السني وتصوير نفسه كبطل يصون مصالح طائفته وبالتالي تعزيز قاعدته الشعبية على حساب الحريرية، الا أنه في الوقت نفسه يضع نفسه في خانة المواجهة مع حزب الله، وسط تطورات كبرى تمر بها المنطقة، وما تزال غير واضحة في المسار التي ستصل اليه، ما يدفع الى ضرورة التروي في الخطوات واعادة تنظيم الحسابات بشكل افضل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك