جاء في صحيفة "النهار": قبل سنة ونصف السنة صدر كتاب يحمل اسم "المعصرة" للمسؤول في "القوات اللبنانية" جورج العلم، يروي فيه فصولاً عما تعرض له من اعتقالات وانتهاكات لحقوقه كمواطن لبناني وانسان، أسوة بآلاف الشباب الناشطين في صفوف احزاب المعارضة في حقبة ما قبل 2005 مثل "التيار الوطني الحر"، "القوات" و"القاعدة الكتائبية" والوطنيين الاحرار، وذلك تحت عنوان "حماية السلم الاهلي" و"التصدي لعملاء اسرائيل" و"قمع الفتنة"، او بتهمة "الاساءة الى علاقات لبنان بدولة صديقة" و"تعكير العلاقات الاخوية".
كتاب "المعصرة" لم يصدر من العدم، وما كتب عنه العلم ليس الا نموذجا عن حال الممانعة التي خاضها كل من قرر المواجهة مع نظام الهيمنة والوصاية على لبنان، وشعار "ما بدنا جيش بلبنان الا الجيش اللبناني" لا يزال يصلح حتى الساعة رغم المتغيرات، لأن الاستقلال الحقيقي والناجز لم يتحقق بعد.
ولم يوقع جورج العلم كتابه في السر وعتمة الاقبية، بل في "قاعة البطريرك الحويك" في جبيل امام العشرات من اصدقائه، ووزع من الكتاب مئات النسخ لان "ما من خفي الا سيُعلن". وخلال عطلة نهاية الاسبوع فوجئ باتصال يَرِدُه من "الشرطة الجنائية" يدعوه الى "فنجان قهوة"، على عادة اتباع الاستخبارات السورية في الدعوة الى شرب فنجان قهوة، كثيراً ما كانت تنتهي بالمدعوين الى معتقل عنجر ومنه احيانا الى المعتقلات الرهيبة في سوريا لينضموا الى لائحة "المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية".
المحامي العلم رفض "شرب القهوة" لانه لا يحب طعمها، واعتقادا منه بان زمن الوصاية على لبنان قد ولى، وطلب ابلاغه بالطرق القانونية في حال كانت هناك دعوى قضائية في حقه بسبب ما تضمنه الكتاب، فوصل الى منزله في اليوم التالي عناصر من مخفر درك جبيل وهم يحملون تبليغا بوجوب المثول اليوم صباحاً عند الساعة العاشرة امام النيابة العامة في قصر العدل في بيروت. وتبين له ان المدعي عليه هو وزارة الدفاع الوطني التي احسنت صنعا باستدعاء العلم بالطرق القانونية والادعاء عليه بدل استخدام وسائل اخرى، وفي ذلك نقطة ايجابية تسجل للوزارة ومسار قانوني نتمنى الاّ تحيد عنه، لكن ما هو غير قانوني محاولة كم الافواه ومنع التعبير عن الرأي في التاريخ لمرحلة الوصاية البعثية على لبنان، وما اصاب اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا من ويلات بسببها، علما ان ادبيات "التيار الوطني الحر" كانت تصر على ان البعث السوري اعتقل 15 الفا من المناضلين. وأمس زار جورج العلم البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي واخبره بما جرى معه، وكان موقف البطريرك انه يرفض العودة الى الايام السابقة وتجاربها المرة.
الشعوب العربية تسير نحو حريتها و"الربيع العربي"، ونحن نعود الى "المعصرة"، مفخرة لبنانية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك