اللواء
جاء في صحيفة "اللواء": مع أن البعض حاول تغليفها بطابع تقني، متذرعاً باحتجاج على فوضى التقنين الكهربائي، فإن "فضيحة" معمل الزهراني وما رافقها من اشتباك سياسي بدت معالمه واضحة بين "أبناء الفريق الواحد"، لا زالت ترخي بثقلها على المشهد السياسي الداخلي، راسمة علامات استفهام كبيرة حول العلاقات بين قوى "8 آذار"، وتحديداً بين النائب ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بعد الانتقادات غير المباشرة التي وجهها وزير الطاقة والمياه جبران باسيل إلى قوى الأمر الواقع في الجنوب، في إشارة إلى حركة "أمل" و"حزب الله"، ورفضه توجيه رسائل سياسية عبر الكهرباء.
وأفادت المعلومات المتوافرة لـ "اللواء" في هذا الإطار إن ما جرى يعكس بكثير من الوضوح عمق الخلافات بين مكونات الأكثرية الوزارية بشأن الكثير من الملفات ومن بينها موضوع الكهرباء، بعد تزايد الشكاوى من قبل رؤساء البلديات في عدد من مناطق الجنوب، من انقطاع التيار الكهربائي على مدى ساعات طويلة، خلافاً لما هو حاصل في بقية المناطق اللبنانية.
ورغم المراجعات العديدة التي تقدم بها هؤلاء إلى وزارة الطاقة وشركة كهرباء لبنان، إلا أن مراجعاتهم لم تلق تجاوباً من قبل الوزير باسيل، الأمر الذي أثار استياءً لدى القيادات السياسية والفاعليات الحزبية في الجنوب، ما دفع إلى اتخاذ القرار بإقفال معمل الزهراني احتجاجاً على سوء توزيع التيار الكهربائي.
وأشارت مصادر نيابية في تكتل "التغيير والإصلاح" إلى أن هناك من يحاول افتعال أزمة سياسية مع التيار العوني بعناوين مختلفة من بينها الكهرباء، كما حصل في الزهراني بإقدام البعض من القوى السياسية في الجنوب على إقفال معمل الزهراني بالقوة، ضارباً بعرض الحائط لمصالح الناس، ومتذرعاً بحجج تفتقر إلى المصداقية، وهذا بالتأكيد لا يساعد على تفعيل الأداء الحكومي ويسيء إلى العلاقات بين الحلفاء، وإذا كان هناك من يريد أن يبعث برسائل سياسية، فمصالح الناس ليست هي الوسيلة المناسبة لإرسال هذه الرسائل التي من شأنها أن تزيد من حدة التشنج ولا تساعد على إخراج البلد من أزمته.
وترى المصادر أن هناك من يحاول الافتئات على الوزير باسيل وتظلمه في ما يتعلق بموضوع الكهرباء، فيما يعلم الجميع أن وزير الطاقة يعمل جاهداً لتأمين التيار الكهربائي بشكل متساو بين جميع المناطق اللبنانية دون استثناء، وليس هناك مفاضلة بين منطقة وأخرى، ولكن ربما هناك من يحاول أن يتلطى بقضية الكهرباء، للقيام بعملية تصفية حسابات سياسية مع "التيار الوطني الحر"، انتقاماً لخسائر سابقة، فيما المطلوب التعالي عن هذه الأمور والنظر إلى ما يؤمن مصلحة الناس ويخفف من معاناتها.
وفي هذا الإطار، لفتت أوساط مراقبة إلى أن ما جرى في موضوع الكهرباء، لا يمكن فصله عن الصراع الخفي الدائر بين قوى "8 آذار" في ما يتعلق بالكثير من الملفات وفي مقدمها موضوع التعيينات، حيث أن هناك أطرافاً أساسية في هذا الفريق تعارض ما يطالب به النائب ميشال عون على صعيد الحصص، وتتهمه بمحاولة الاستئثار بمواقع ليست له ولا يستحقها، متذرعة بأنه لا يمثل كل المسيحيين، وبالتالي عليه ألا يمد يده إلى حصة غيره، فهناك أطراف سياسية وازنة داخل الحكومة ينبغي أن تحصل على حصتها في التعيينات، وبالتالي فإن ما جرى في معمل الزهراني هو رسالة إلى النائب عون بأن لا يتخطى الخطوط الحمر، وأن يدرك جيداً أن هناك قوى سياسية فاعلة قادرة على أن تفرض حضورها متى شاءت وتريد أن تحصّل حقوقها كاملة دون منّة من أحد.