ما هو القاسم المشترك بين الانتخابات النيابية في مصر والتسوية السياسية في اليمن? شيئان بارزان. أولهما القفز من فوق شباب الثورة والتضحيات. وثانيهما إن المرحلة الانتقالية ليست من الثورة في الشارع الى السلطة الثورية في المؤسسات بل الى نوع من المشاركة في سلطة النظام القديم. التيارات الاسلامية اكتسحت الانتخابات في مصر وصارت العمود الثاني للسلطة مع عمود العسكر في اطار رعاية عربية وإقليمية ودولية. وحكومة الدكتور كمال الجنزوري كان يمكن أن يصدر مرسومها الرئيس حسني مبارك الذي جاء بمثلها في الماضي وبرئاسة الجنزوري نفسه. تسوية المبادرة الخليجية المدعومة عربياً ودولياً تركت (المؤتمر الشعبي) في الرئاسة والجيش والحرس الجمهوري وأعطته نصف الحكومة. وحكومة محمد سالم باسندره كان يمكن أن يأتي بها الرئيس علي عبدالله صالح من قبل بمشاركة أحزاب (اللقاء المشترك)، وهو فعلها في الماضي مع (الحزب الاشتراكي) و(حزب الاصلاح).
ولا شيء يعبّر عما حدث للثورة، بعد كل ما فعلته (ثورة 25 يناير) والدوي الذي أحدثته، سوى أن يصبح محور الخيار في مصر هو بين حزب (الحرية والعدالة) الإخواني وحزب (النور) السلفي. ولا أحد يعرف، وسط الآمال والمخاوف، كيف ستكون تجربة الانتقال من شعار (الاسلام هو الحل) الى العمل بالسياسة لايجاد حلول ملحة تتطلبها مشاكل عدة في واقع داخلي معقد مفتوح على واقع كوني أشد تعقيداً، حيث المشاكل أكثر من الحلول القديمة وبعض الحلول والأفكار الجديدة. فما يدور الآن هو معركة (التجميل والتقبيح). والتيارات الاسلامية مندفعة في تجميل صورتها بالحديث عن الاعتدال والمشاركة والمواطنة وحقوق الجميع. وفي صفوف التيارات الليبرالية واليسارية مَن يعيد التذكير بشعارات التيارات الاسلامية وما قاله عدد من قادتها عن الخلافة والدولة الدينية ورفض الدولة المدنية، ومَن يذهب الى تقبيح الصورة بالتخوف منها والتخويف بها.
والصورة البسيطة، بصرف النظر عن التجميل والتقبيح، هي أن ما يبدأ بالالتفاف على الثورة ليس مرشحاً لأن ينتهي بتحقيق أهدافها. فلا أهداف شباب الثورة هي على (أجندة) المجلس العسكري أو على (أجندة) التيارات الاسلامية، وفي طليعتها الدولة المدنية. ولا الديمقراطية هي فقط حكم الأكثرية بل أيضاً ضمان حقوق الأقلية.
لكن من الخطأ قياس كل شيء بموازين اللحظة الحالية. فالثورات في (الربيع العربي) لم تكتمل بعد. وما سمي (الزلزال الشبابي) مستمر بشكل أو بآخر. فهو هدم جداراً وأطلق مساراً. الجدار هو الانظمة الاستبدادية. والمسار كفيل مع الوقت وازدياد الوعي بهدم أي جدار لنظام استبدادي جديد من نوع آخر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك