إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان المحترم
مهجري بلدة حوّاره في قضاء الضنية
صاحب الفخامة ،
بعد تأمل طويل وجدت نفسي أمام ألتزام أخلاقي في الكتابة إلى فخامتكم لأن اليأس والأحباط بدأ يجتاح نفوس ومشاعر أهل بلدتي، أحباط من هذه الدولة ومكوناتها الإدارية والسياسية وسلطتها التنفيذية ،أحباط قد ينعكس سلبا على مسيرة السلم الأهلي التي تقودونها بكل حكمة منذ كنتم في قيادة الجيش، إن سبب الكتابة إليك يا فخامة الرئيس هو أقتناعي المطلق بقيادتكم وعدالتكم، هذه العدالة التي هي أساس كل الأنظمة المتقدمة والمتحضرة والتي هي أيضا كما تعلمون يا فخامة الرئيس قيمة إلهية قبل أن تكون قيمة أنسانية وليس هناك خلاف ديني أو سياسي أو حتى أجتماعي في العالم بشأن قدسيتها وعدم انتهاكها مهما كانت الأسباب الموجبة لذلك .
صاحب الفخامة ،
أكتب إليك لأشرح لفخامتك قضية بلدة مهجرة في قضاء الضنية أسمها حوّاره ، هذه البلدة تعتبر رمزا تاريخيا لمعاناة وألام المهجرين المسيحيين في لبنان نظرا لمسلسل التهجير الطويل الذي ألّم بها وما يزال، هذه المعاناة بدأت مع بداية الكيان اللبناني وما زالت تتفاعل حتى الأن، فمسلسل التهجير بدأ على الشكل التالي : ثورة الشاويش عام 1926، ثورة شمعون عام 1958، المنظمات الفلسطينية عام 1969، الحرب الأهلية عام 1975، إذا مسلسل مستمر وطويل من سلسلة أفلام الرعب والألم والعزاب والتهجير.
فخامة الرئيس ،
لأن الظلم صعب ولا أحد يحتمله ويتقبله أراد رؤساء البلديات والمخاتير في قضاء الضنية حيث بلدتي المهجرة، وقضاء زغرتا حيث تتواجد تجمعات الأهالي المهجّرين، أن يوجهوا إلى فخامتك هذا النداء الأنساني البعيد كل البعد عن أي أصطفاف سياسي أو طائفي، فهؤلاء الموقعين يمثلون مختلف شرائح المجتمع اللبناني من مسيحيين ومسلمين من 14 و 8 أذار ومن المستقلين، ندائهم لك هو من أجل العمل على رفع الظلم والمعاناة عن هذه البلدة المهجّرة
فخامة الرئيس ،
بأسف شديد، وألم كبير، وحسرة أكبر، تابعنا وما زلنا أوضاع بلدتنا المهجّرة وطريقة معالجة ملف تهجيرها من وزراء المهجرين والمدراء العامين ، وكأي مهجّر مجروح سألنا أنفسنا بصراحة وصدق ، لماذا نحن ما زلنا مهجرين ؟ لماذا لم تهتم وزارة المهجرين بنا ؟ لماذا نحن الذين ذقّنا طعم وألام التهجير لم نعود إلى بلدتنا ولم نقبض التعويضات المستحقة أسوة ببقية المهجرين في لبنان ؟ لماذا نواب الضنية السابقين والحالين يريدون طمس حقيقة التهجير وتشويه تاريخنا ؟ لماذا نحن مهمشين كمسيحيين في الضنية وليس لدينا نائب أو زعيم يدافع عن حقوقنا ؟
فخامة الرئيس ،
إن أهالي البلدة هم من الذين تنازلوا عن دمائهم وجراحهم وآلامهم ووقفوا جميعا إلى جانب الصلح والتصالح والعيش المشترك وإنهاء أثار الحرب الأهلية وشناعتها طمعا في أمن تطمئن به النفوس، وعدل تسترجع به الحقوق، وحكم عادل ينصف المظلوم، ويردع الظالم، ويحمي المضطهدين والمصتضعفين ، ولكن مع الأسف فما إن عاد الأمن والأمان، والسلم والإستقرار حتى أنبرى لسان نواب الضنية وبعض الموتورين والمتعصبين ليطمسوا حقيقة التهجير المسيحي في الضنية بشكل عام وفي بلدتي حوّاره بشكل خاص ضاربين بعرض الحائط كل المفاهيم والقيم الأخلاقية والأنسانية والأسس التي قامت عليها وزارة المهجرين .
فخامة الرئيس ،
إن أهالي البلدة هم أبناء شعب أبيٍّ مؤمن بربه، يرفض الظلم، ولا يحتمل الذل، ويمقت الظالمين والمتعصبين، هذا الشعب المؤمن الذي تحمل من ألام وعزاب الأضطهاد والتهجير ما لم تحتمله أي قرية أو بلدة في لبنان وإذا أكمل الظلم طريقه عليهم، فإن الأهالي لديهم من الإيمان في أعماقهم والدماء الفوارة التي تجري في عروقهم ما يجعلهم ينتفضون ويثورون على الظلم والظالمين، غير أن الواجب الأول والأهم لأي أنسان محترم، هو العمل دون كلل ولا ملل، في محاربة الظلم بالطرق المشروعة ، والبحث عن الحلول والبدائل التي تحقق العدل بين أبناء المجتمع، فإذا تعذرة الحلول بسبب ظلم المسؤولين، يحق للشعب عندها اللجوء إلى الاحتجاج بالطرق السلمية، لتغيير الواقع الأليم وإعادة الحق لأصحابه .
ونظرا لأننا كأهالي نعتبر أنفسنا جزء لا يتجزأ من المهجرين الغيورين على هذا الوطن وسمعته، الصادقين في الدفاع عن العيش المشترك، نرى لزامًا علينا توجيه هذا النداء إلى فخامتكم لأنكم أنتم المؤتمنين على النظام والدفاع عن الشعب والوطن، ولأنكم أنتم من تملكون زمام المبادرة لرفع الظلم وإحقاق الحق والعدل والمساواة في هذا الوطن الجريح .
وتقبلوا يا فخامة الرئيس احترامنا وتقديرنا مع خالص التحية.
الأستاذ طوني موسى مختار بلدة حوّاره المهجرة في قضاء الضنية
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك