إحذر الهدية ان كنت تخشى إغراء تبطنه ورحب بها ان أحسست ان المهدي يريد منها محبة او صداقة. من كانت لك معه معاملات ذات طابع تجاري يبغي مما يعطيك ان تسهل المعاملة حتى تتجاوز حدود القانون. حيثما تظهر الفائدة او تتوقع حدوثها يكون الشيطان صاحبها وتتعطل سلامة العلاقة وطهارة طابعها. هناك دائما ضغط على قرارك ان لاح لك في الأفق مال تجنيه وقبول لتشيئتك اي لإبطال العنصر الوجداني القائم في كل صلة وإبداله بعنصر لا تواصل فيه بين ذات وذات. قمة ذلك الرشوة التي هي تحكم الأقوى ماليا بقرارك او استعبادك لما يريده آخر فاذا بك تؤثر علاقة شيئية على علاقة حريتين.
المال أصلا من أقوى ما في الوجود لإلغاء الحرية اذ رآه المسيح رباً يُعبَد اي يستعبِد وتبيد في سبيله حريتك. بهذا يفترق هذا الرب عن الرب الحقيقي. ان هذا الأخير يحررك بالحق وذاك المعبود لا حق فيه. فاذا قبضت المال الحرام تقبل تسليم حريتك لآخر وتكون قد أعلنت للخالق ان كلمته لا تسير حياتك اذ سفكت حياتك الحقيقية. لهذا أعلن ما انفقه عليك سيدا على قلبك وقابضا على روحك.
ما يقلقك حقا في كلام المسيح انك لا تستطيع ان تهرب منه مهما اخترت من مزاريب. فإما ان تعبد خالق الكون ومطهر نفسك من الدنس او لا تعبده. واذا ظننت انك قادر ان تجمع اندفاعك الى المال الى اندفاعك الى الله بواسطة بعض طقوس تمارسها تكون قد بلغت قمة الضلال. هنا الاختيار القطعي يفرض نفسه.
***
دائما الخطيئة تتلبس المبررات اذ تزكي نفسها اذ بقي عند الإنسان الخوف من هذا الإله الذي يعاقب او يخيف كالفزاعة ويأبى الإنسان ان يمحى كليا من الوجود. مبررات الرشوة كثيرة عند الموظف الصغير والمسؤول الكبير ولكن ليس هذا موضوعنا اليوم.
موضوعنا الهدية المالية اللاحقة للعمل. هذا الذي يخولها لنفسه بعد العمل إغراؤه ان يشترط عليك مبلغا من المال قبل الشروع بالتفاهم. ممكن ان تنشأ الرشوة هكذا. تتعلمها من سقوطك بالهدية غير المشروع وتسقط في ديانة اسمها عبادة المال فيما انت تلهو بديانتك الموروثة التي تصبح في عيني الله لا شيء.
***
الى هذا الهدية المختلفة وراء الصداقة. كثيرا ما قامت اي كثيرا ما كانت صادقة ودائمة للمحبة ولكن على الانسان ان يتفحص قلبه قبل اعطائها. هل هو منزه كليا في العطاء عن كل ضعف. ادعو هذا الى اليقظة ولست ادعو الى الغاء التواصل بالهدايا. احيانا من اهدي اليه شيء يجب ان يتحصن عند ضعف ممكن ظهوره فيه تجاه من أهدى.
هنا يدخل موضوع حجم الهدية. بين المثقفين معروف اهداء كتاب او ما له علاقة بالفكر. والمتعارف عليها هدايا الأعراس ولكن كثيرا ما يقتنع المعطي انه يتقبل ما يبادلها في حال اقام عرسا لأحد ابنائه اي ليس هناك صداقة كاملة او غير مخروقة ولكن هناك شك في صدق الإهداء لشيء ثمين جدا ما لم تكن هناك محبة جارفة او نسابة منفوخة بالثرى. فقط شيء كوقف لمؤسسة دينية او خيرية او مجلس بلدي يمكن اعتباره عملا لمجد الله. اما اذا دعمنا علاقة شخصية بعطاء مالي كبير فالشك فيه كثير.
في الحياة العائلية خطر الهدية كبير. الآباء يهدون أبناءهم وبناتهم غالبا بصورة مرضية ولكن احيانا لتأكيد عاطفة مشكوك بها. غير ان هذا بسيط مقابل الإهداء الزوجي. العائلة لو كانت قائمة على المحبة الزوجية تصير سعادة قصوى. ولكن اذا سادها التوتر ممكن ان تصير شبه مصح لا شفاء فيه فيبدأ التعامل النفعي فتبيع المرأة دلعا تشتري به فساتين فيطغى هذا النوع من التجارة ليغطي خللا يتحكم كثيرا الى ان ينزل الله نفسه ليحكم العائلة. قبل هذا تنقضي الحياة البادية مشتركة على هذا اللون من التجارة.
***
ليس لكوننا نخشى سوء الاستعمال للهدية يجب الغاؤها في اي مجال من مجالات الحياة اذ يحيي الإنسان ان يرى نفسه محبوبا ومفتقدا. من ابهى مشاعر الانسان ان يحس بأنه محضون من يهتم له في صدق ويبدي الوحدة بينهما. هكذا نقتنع ان المحبة التي سكبها الله فينا بالروح القدس لا تزال حية، فاعلة. اما التفسير المشوه للمشاعر العاطفية فقد يحصل ولكن نشفيه بالحس الطيب الذي هو دواء الوجود.
اعطوا دائما بكرم غير منتظرين شكرا ولا مبادلة شعور. قد يساء فهمكم وقد يبتزكم بعض. لا تقيموا وزنا لهذه. المحبة التي نشأت فيكم تكفيكم لتحيوا ويحيا بكم الآخرون. انتبهوا ألا تلطخوا انفسكم بالتماس المودات. حسن اذا وجدت من نفسها، في مجانيتها ولكن اعرفوا اننا في الحب مجانيون دائما ابدا. ابطلوا الأخطاء التي قد ترافق الاهداء ولكن ثابروا على الأحسن لتظل نفوسكم بلا جفاف.
التبادل في الله، من أجل الله ينبوع للحياة. لا تخشوا العطاء الذي تعرفون انه منبثق من إلهام إلهي. تكونون قد أهديتم الله نفسه كما قدم المجوس هداياهم لطفل بيت لحم غير متوقعين الا الرضاء الإلهي.
وكما أنتم مقدسون بالدعاء تقدّسوا بالهدية المباركة التي تقدمونها للرب بواسطة الإنسان. من تحبونه جسركم الى الله.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك