كتبت "اللواء": التأكيد المشترك للأمين العام لـ?"حزب الله" السيد حسن نصر الله ورئيس تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون على تمتين أواصر التحالف في إطار مكونات الأكثرية ترجم نفسه في التصويت الذي حصل في جلسة مجلس الوزراء أول أمس، حيث أدت هذه الأكثرية الضربة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدعمها مشروع الأجور الذي قدمه وزير العمل شربل نحاس، متجاهلة التوافق الذي كان حصل بين ميقاتي والاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية بشأن تصحيح الأجور، والذي سعى لأجله وشارك في إنجازه وزير الصحة علي حسن خليل، في حين كانت المفاجأة بتصويت الأخير ومعه وزراء "8 آذار" إلى جانب مشروع نحاس وعدم الأخذ بمشروع رئيس الحكومة.
وقد بدا بوضوح من خلال ما جرى داخل مجلس الوزراء أن الانقسامات الحكومية قد وصلت إلى مرحلة متقدمة جداً لا يمكن معها إعادة تفعيل الأداء الحكومي، في ظل سعي البعض داخل مكونات الأكثرية الوزارية إلى تسجيل انتصارات وهمية على حساب أطراف آخرين في الحكومة، الأمر الذي سيترك انعكاسات كبيرة جداً على عمل مجلس الوزراء ودوره في تلبية احتياجات الناس وتسيير أمورهم اليومية. والأخطر من ذلك كله أن يتباهى فريق وزاري بأنه استطاع أن يحسم الأمر لنفسه، ولو على حساب التوافق الحكومي كفريق عمل، من خلال تثبيت ما يُسمى بـ"التحالف الثلاثي" بين وزراء "التيار الوطني الحر" ووزراء "أمل" و"حزب الله"، والضرب بعرض الحائط لما تمّ التوافق عليه قبل الجلسة بشأن تصحيح الأجور.
وهذه المعادلة الجديدة التي تحدث عنها وزير الطاقة والمياه جبران باسيل بعد الجلسة الحكومية، رأت فيها مصادر وزارية بأنها تشكل استفزازاً واضحاً للرئيس ميقاتي وعرقلة لعمل الحكومة لا يمكن القبول بها، وكأن هناك من يريد أن يحول مجلس الوزراء ساحة لتصفية الحسابات تحت غطاء التصويت كلما اقتضت الضرورة ذلك، ودون الأخذ بعين الاعتبار لمقتضيات المصلحة الوطنية وضرورة التفاهم على القضايا التي تهم مصالح الناس وشؤونهم اليومية، مشيرة إلى أن ما شهدته جلسة الحكومة الأخيرة أصاب البنيان الحكومي باهتزاز كبير ورسم علامات استفهام كثيرة حول مدى التزام بعض الأطراف الممثلة بالحكومة بالتضامن الوزاري، حيث أظهرت الممارسة أن هناك من يحاول أن يضع مجلس الوزراء ورئيسه أمام الأمر الواقع، فإما أن تنفذوا ما نريد أو فلتذهبوا إلى التصويت الذي باتوا يستعملونه كسلاح لاستخدامه في مواجهة الفريق الآخر داخل الحكومة، وإن دلّ ذلك على شيء، فإنما يدل على وجود ما يمكن تسميته بانعدام ثقة بين المكونات الوزارية تجلت صورها في الالتفاف على الاتفاق الذي وقّعه الرئيس ميقاتي والاتحاد العمالي والهيئات الاقتصادية.
وفي هذا الإطار تحذر أوساط سياسية متابعة من محاولة "التيار الوطني الحر" الدفع باتجاه تثبيت المعادلة الجديدة التي تحدث عنها الوزير باسيل والتي رفضها الوزير وائل أبو فاعور بعد لقائه الرئيس ميقاتي، وهذا سيخلق بالتأكيد متاريس سياسية وطائفية بين أبناء الصف الواحد، ويعطي المعارضة مبرراً إضافياً للتصويب على الحكومة التي باتت في وضعٍ لا تُحسد عليه، حيث يخشى أن تسقط بالضربة القاضية في أقرب فرصة إذا ما وجد التحالف الثلاثي الممسك بزمامها أنه لم يعد من مصلحته بقاؤها فيعمد إلى التسريع برحيلها.
ورأت أن سعي التحالف الثلاثي إلى تثبيت نفسه داخل الحكومة على حساب وحدتها وتضامنها يجعل الأمور أكثر تعقيداً وصعوبة، ما يجعل مجلس الوزراء رهينة بأيدي هذا التحالف ويفقد رئيس الحكومة الدور الذي ينبغي أن يقوم به، ما يجعله مجرد "باش كاتب" ليس قادراً على أن القيام بما هو مطلوب منه عندما يشعر بأن هناك من يحاول الهيمنة على قرارات الحكومة، متسلحاً بالتصويت لفرض شروطه على الآخرين، مشددة على أن الوضع الحكومي مرشح إلى مزيد من الإرباك والتضعضع إذا استمرت سياسة المكابرة التي ينتهجها البعض داخل التركيبة الوزارية، والنظر إلى الرئيس ميقاتي وفريقه الوزاري كخصم سياسي داخل الحكومة، والعمل لإقامة تكتل حكومي في مواجهته، يأتي استكمالاً للانتقادات التي وجهها إليه السيد نصر الله والنائب عون في ما يتعلق بتمويل المحكمة الدولية، ما ينبئ بأن فريق "8 آذار" لن يسمح بإعطاء ميقاتي هامشاً كبير للتحرك داخل الحكومة، وسيعمل على تقييده لردعه عن اتخاذ أي قرار لا يتناسب مع مصلحة هذا الفريق الذي يحكم قبضته كما يشاء على الحكومة وقراراتها.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك