في باب توما اقدم حي مسيحي في دمشق، تسود اجواء من الحزن عشية عيد الميلاد اذ لم تزين الشوارع او تضاء خلافا للاعوام السابقة، ومع ان السكان يتبادلون التهاني، فهم لا يبدون اي رغبة في الاحتفال.
واشار مطران الروم الكاثوليك الياس الدبعي الى" ان السوريين تعلموا ان يتحسسوا آلام بعضهم".
واضاف ان "اقتصار المسيحيين للمظاهر على الاحتفالات الكنسية فقط من دون مباهج العيد انما هو رسالة من الكنيسة لنقول لجميع العالم اننا نحن السوريون عائلة واحدة".
وتشهد سوريا منذ اكثر من 9 اشهر تظاهرات احتجاج غير مسبوقة ضد نظام الرئيس بشار الاسد اسفر قمعها حتى الان عن خمسة الاف قتيل على الاقل كما تقول الامم المتحدة، فيما تتحدث السلطات من جهتها عن اكثر من الفي قتيل من القوات الامنية.
وازداد الوضع تدهورا اليوم الجمعة بعدما استهدف اعتداء انتحاري مزدوج الاجهزة الامنية في دمشق واسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى.
وقال مازن تاجر السجاد وهو جالس امام محله في شارع صغير في الاحياء القديمة "وضعنا محزن". وهذا الشارع الذي يستقطب عادة السياح مقفر ويندر وجود الزبائن فيه منذ اشهر.
وبعض المتاجر التي تبيع زينة الاعياد مقفرة. والمتاجر الوحيدة التي قامت بمجهود لتعليق الزينة هي المتاجر الفاخرة في المركز التجاري بفندق فور سيزن.
وعلى غرار السكان الاخرين، يشعر المسيحيون الذين يشكلون سبعة او ثمانية بالمئة من 22 مليون نسمة في سوريا، بقلق عميق حيال اعمال العنف اليومية ويتخوفون على الاستقرار السياسي، فيما كانوا يعيشون منذ نحو 50 عاما في كنف نظام مستبد.
ويؤكد عدد منهم انهم يتخوفون من ان يفسح احتمال سقوط نظام الاسد في المجال للاسلاميين وخصوصا الاخوان المسلمون المحظورون والمقموعون منذ عقود في سوريا، لتسلم السلطة.
وقال فرزات وهو مهندس "اذا سقط النظام سيستولي الاسلاميون على الحكم، وخلال 20 عاما لن يبقى مسيحيون في بلادنا". واضاف "هذه السنة، ثمة شجرة ميلاد وهدايا للاطفال لكن ذلك لا يأتي بالفرح. سنلازم منازلنا".
ويتخوف آخرون بدرجة اقل من هذا التغيير.
وقال انور البني المحامي المسيحي المدافع عن حقوق الانسان ان المسيحيين في سوريا ما زالوا يعيشون "بتوافق تام مع الطوائف الاخرى في البلاد ويتقاسمون الثقافة نفسها".
واكد ان "لا شىء يخيف الاقليات لم تكن هناك اي مشكلة بين طوائف وقوميات المجتمع السوري خلال تاريخه كله".
وحيال هذا الوضع، اجتمع بطاركة الروم الارثوذكس والروم الكاثوليك والسريان الارثوذكس في 15 كانون الاول في دير قرب دمشق للبحث في "الاحداث التي تعصف بوطننا الحبيب".
وبعدما اعربوا عن "حزنهم للمآسي" وتخوفهم من "تدهور الوضع الاقتصادي"، اكد البطاركة "رفضهم اي تدخل خارجي" في سوريا ودعوا الى رفع العقوبات المفروضة من قبل الغرب.
وقد اتخذ الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والجامعة العربية مجموعة من التدابير الاقتصادية آملة في حمل السلطات على وقف القمع. لكن هذه العقوبات تتسبب في ازمة اقتصادية تشمل جميع فئات السكان ولاسيما المعوزون.
وانتقد البطاركة "كل اشكال العنف" ودعوا الى "المصالحة" وشجعوا "الاصلاحات والتدابير الايجابية التي اتخذتها الحكومة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك