عندما بشرنا الانقلابيون على حكومة سعد الحريري بنهج جديد يعود بالخير على المواطن والبلد، قال البعض فليكن، لنعطي تلك المجموعة فرصة، متجاهلين ان لا شيء يجمع مكونات تلك المجموعة سوى الكره للحريرية السياسية، وان لا رؤية اقتصادية تسيرها انما عقلية زبائنية ومجرد اشخاص تتناحر على مصالح لا اكثر ولا اقل.
مشروع زيادة الاجور في نسخته الثانية يثبت بشكل لا يقبل شك ان ظروف نشأة الحكومة الميقاتية هي التي تتحكم بسياستها، وان اخراج الحريري من الحكم، الى جانب كونه امرا غبيا لما يمثل الرجل داخل الطائفة السنية وخارجها ايضا، لا يمكن ان يشكل "بيانا وزاريا".
مشروع نحاس لزيادة الاجور الذي اعاد الحياة له اجتماع نصرالله بعون هو مجرد جائزة ترضية للاخير الذي وجد نفسه الخاسر الاكبر بعد دفع الحكومة اللبنانية حصتها من تمويل المحكمة الخاصة بلبنان، والذي كان جنرال الرابية عارضه بشراسة مقترحا على رئيس الحكومة تمويلها من جيبه الخاص، ثم ما لبس ان اذعن لارادة حلفائه في تمرير البند هذا؟ اضف الضرر الذي لحق به نتيجة تنبؤاته السورية الخاطئة وموقفه من الثورة فيها.
نعم تمرير مشروع نحاس في الحكومة الميقاتية هو مجرد جائزة ترضية للانا العونية المترنحة التي لم تاخذ بعين الاعتبار لا مصلحة العمال ولا مصلحة ارباب العمل او حتى مصلحة لبنان الاقتصادية.
مجرد غريزة انتقامية لطالما ميزت مسيرة عون السياسية. فكيف لنحاس ما ان يقفز فوق الاتفاق او التسوية المنجزة بين ارباب العمل والعمال في وقت سابق؟ واي منطق يدفع بوزير الى الانتفاضة على رئيسه الذي سعى لتلك التسوية؟ واي عاقل يعمل لخلق مشكلة اقتصادية للبلد قد تم على اقل تقدير تخديرها ريثما تنجلي الصورة القاتمة المحيطة بنا؟
لست بحاجة لان تكون اقتصاديا من الطراز الرفيع حتى تعي ان توقيت هذا القرار خاطئ. فالعالم اجمع يمر بازمة اقتصادية مخيفة، ولبنان ليس بمعزل عن نتائجها السلبية اذ ان اقتصاده يعتمد بشكل اساسي على التحويلات التي تاتيه من الخارج المازوم، ثم هناك الاوضاع السورية والتي اثرت على دورة الاقتصاد والسياحة، والكلام عن مؤسسات كبيرة في لبنان تقع تحت عجز قد تضطر الى الاقفال، بالاضافة الى الضغط الذي يمارس على قطاع المصارف من قبل الحكومة الاميريكية بما قد يؤثر على قابلية الايداعات فيها.
ولكن، سلام على المنطق، فالمهم من الرابية ان ينتصر الجنرال في مكان ما او ملف ما او تحليل ما، خاصة مع قرب الانتخابات النيابية، ولو كان الانتصار على حساب الناس وارزاقهم ولقمة عيشهم واستقرار الاقتصاد. اليس هو نفسه المنطق الذي اعلن على اساسه حرب التحرير والالغاء ودمر البلد على رؤوس ابنائها وغير المعطى السياسي بالكامل لصالح سوريا وحلفائها؟ اليس المنطق نفسه الذي دفعه الى توقيع ورقة تفاهم تناقض كل ما عمل به وصرح به وآمن به من سيادة وحرية واستقلال؟
هو المنطق نفسه للاسف. ولكن الى متى تبقى الناس اسيرة الديماغوجية العونية التى لم تنفك، من يوم استلمت شيئا من سلطة، تدمير لبنان؟ الجواب في الـ2013.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك