مجلس الوزراء ودع العام 2011 بغداء في القصر الجمهوري بعد جلسة أخيرة بدت كأنها الجلسة الأولى: وعود بالعمل في العام الجديد لتطبيق ما كان يجب تطبيقه على جدول الأعمال في العام المنصرم. ورهان على عمر طويل للحكومة التي كانت ولا تزال (حكومتين). أما العمل في العام الجديد، فإنه محكوم بجولات جديدة من (الملاكمة السياسية) التي سجّل العام 2011 أبرز جولتين فيها: واحدة لرئيس الحكومة في تمويل المحكمة، وأخرى لـ (الثلاثي) القوي في قرار تصحيح الأجور، بصرف النظر عن مصيره في مجلس الشورى ورفض الهيئات الاقتصادية له. وأما العمر الطويل للحكومة، فإنه يتوقف على ثلاثة: حرص حلفاء المعارضة العرب والدوليين على دور الرئيس ميقاتي، رغبة أطراف (الحكومتين) في التعايش لاستمرار الإمساك بالسلطة، والصورة الأخيرة التي ينتهي اليها المشهد السوري.
لكن تحديات العام الجديد أكبر من تحديات ما سبقه. فالرئيس ميقاتي يضع في (برنامجه الأساسي) ثلاثة أمور: (استمرار وقف النار في الجنوب، متابعة عمل المحكمة الدولية، ودرء تداعيات الوضع في سوريا على لبنان). وهو يعرف أن تطبيق القرار 1701 لا يزال في مرحلة (وقف الأعمال العدائية) ولم يصل الى (الوقف التام للنار) لأسباب تتعلق بالموقف المتعنت للعدو الاسرائيلي واستمراره في (الخروقات) التي تسجلها قوات (اليونيفيل) الى جانب شكواها من (خرق القرار) عبر (أسلحة ومسلحين في منطقة عملياتها جنوب الليطاني). فضلاً عن ان التجديد للمحكمة، وهو موضع معركة في لبنان، ليس (في يد مجلس الأمن) على ما قاله رئيس الحكومة بل في يد الأمين العام بان كي - مون الذي يستشير الحكومة ومجلس الأمن من دون التزام الاستشارة.
وليس من السهل (درء تداعيات الوضع في سوريا على لبنان)، وان كان من المصلحة الوطنية. لا فقط لأن الانقسام اللبناني الحاد يقود قوى 8 آذار الى الانحياز للنظام السوري وقوى 14 آذار الى الانحياز للانتفاضة عليه، بل أيضا لأن التطورات تجاوزت القدرة على الاستمرار في سياسة (النأي بالنفس). صحيح ان الحسابات المحلية والاقليمية التي جاءت بالحكومة لم تتغير لجهة الوظيفة والدور. لكن الصحيح أيضا ان تطورات الأحداث السورية، ومعها اللعبة الاقليمية والدولية، تدفع الى المطالبة بما يتجاوز وظيفة (الاحتياط) في (الحديقة الخلفية) لسوريا الى دور التقدم نحو الخط الأمامي.
وكل ذلك، وسط ضغوط واعتبارات عربية ودولية يصعب تجاهلها، ورقابة مشددة على القطاع المصرفي كما على الاجراءات الأمنية المفترضة على الحدود.
من المهم التذكير بصدور 79 قانونا في أيام الحكومة. لكن الأهم هو ان نبدأ ورشة أكبر اسمها بناء دولة الحق والقانون.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك