لا يتصرّف القواتيّون على أساس أنّهم خسروا حليفاً قويّاً في المنطقة، لكنّ الأحداث الطائفيّة الأخيرة التي شهدتها مصر دفعتهم الى النظر مليّاً في خريطة التغييرات التي لفحت أرض الفراعنة. ما يحدث عند الجارة سوريا لا يقلّ خطورة، برأيهم، عن الحالة المصريّة، والسؤال الذي لم يجدوا له جواباً حتى الان شديد الاختصار "هل يسقط أو يصمد نظام بشار الاسد؟".
وحتى تتّضح معالم الصورة الدمشقيّة، ترصد معراب أيضاً باهتمام مسار الاحداث في القاهرة، والرهان الاكبر على أنّ سقوط النظام لن يعني بالضرورة تخلّي مصر عن خياراتها السياسيّة في المنطقة وعن حلفائها اللبنانيّين. 13 حزيران من العام الماضي كان اللقاء الاخير بين رئيس الهيئة التنفيذيّة في "القوات اللبنانيّة" سمير جعجع والرئيس المصري حسني مبارك الذي حمل بعد أقل من ثمانية أشهر من هذا اللقاء لقب "الرئيس المخلوع". آنذاك كان القواتيّون يرون في الحليف "الحديدي" أحد أهم عوامل استمرار مشروع "ثورة الارز". الحفاوة المصريّة وصلت الى حد تجاوز مبارك آنذاك للوقت المحدّد للزيارة وبمدّ حليف حليفه الرئيس سعد الحريري باوكسيجين الاستمراريّة من ضمن استراتيجية مصر الداعمة للخط اللبناني المناوئ لـ "حزب الله".
تلك الصورة التي جمعت "الحكيم" مع "الريّس" آنذاك لم يكن، برأي قواتيين، لـ "تيّار المستقبل" الفضل الوحيد فيها. هنا يستفيض المقرّبون من جعجع في رسم الخط البياني الذي نقل "القوات"، تحديداً بعد خروج جعجع من السجن، من مرحلة الميليشيا الى مرحلة الحزب المؤمن بالدولة وبضرورة الانفتاح على المكونات العربيّة، بما فيها سوريا، والالتزام بالعمق العربي وهو الامر الذي أكد عليه جعجع في الخطاب الذي ألقاه العام الماضي في ذكرى حلّ حزب "القوات اللبنانيّة". ومع استلام المجلس الاعلى للقوات المسلحة السلطة في مصر بعد الاطاحة بحسني مبارك، ما يزال السيناريو الأكثر ترجيحاً في معراب يدور في فلك أنّ مصر لن "تغيّر جلدها" وأنّ الحراك العنفي الذي تعيشه بعض الدول العربيّة سينتهي الى إرساء معادلات جديدة لن تُخرج مصر بالتأكيد من محور الاعتدال، وبالتالي لن ترميها في حضن محور الممانعة. وعليه، تبدو القوات مطمئنّة الى بقاء السياسة الخارجيّة المصريّة على ثوابتها، مع الرهان الكبير على قدرة النظام الجديد على ضبط الانتهاكات بحق الاقباط وقطع الطريق أمام وصول الاخوان المسلمين الى الحكم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك