برزت قضيّة العقوبات الأميركيّة على حزب الله التي تناولها بيان كتلة "الوفاء للمقاومة"، بالإضافة الى مبادرة وزير الصناعة حسين الحاج حسن بادر إلى إثارة الموضوع في مجلس الوزراء، بعدما كان قد أثير عرضا في جلسات سابقة، وهو قال إن ما يحصل هو بمثابة عدوان خطير ويتجاوز كل الخطوط الحمراء، خصوصا أن الأمر لا يقتصر على استهداف فئة أو طائفة لبنانية بل يستهدف كل اللبنانيين، مطالبا الحكومة بأن تتحمل مسؤولياتها، خصوصا في ضوء التعاميم الأخيرة التي أصدرها حاكم مصرف لبنان.
وبعدما أكد حرص الحزب على سلامة القطاع المصرفي وحصانته، عرض الحاج حسن مجموعة وقائع للتدليل على ما أسماه "غلو بعض المصارف في تنفيذ القانون الأميركي"، وبينها إقفال حساب جديد لأحد النواب (نوار الساحلي) في أحد فروع أحد المصارف الكبرى في مدينة الهرمل، وكيف رفض مصرف آخر التراجع عن قرار إقفال حسابات النواب علي فياض وعلي عمار وعلي المقداد، كما أعطى مثلا حول مبادرة أحد البنوك إلى إقفال حساب لا يتعدى الألف دولار (توطين لأجل فاتورة الهاتف الخلوي) يخص إبنة النائب السابق أمين شري الذي كان قد أبلغ في وقت سابق من إدارة المصرف نفسه بإقفال حسابه!
وشملت النماذج التي عرضها الحاج حسن مؤسسات تربوية وصحية ودينية واجتماعية أُقفِلت حساباتها بينها "جمعية المبرات الخيرية" التي يديرها السيد علي فضل الله نجل العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله، بالإضافة إلى أحد المستشفيات الذي يتولى تمويله عدد من المتمولين الخليجيين. وسأل: "ماذا إذا شملت الإجراءات في المستقبل عشرات البلديات التي فازت في الانتخابات بحجة أنها تضم شخصيات حزبية أو كان "حزب الله" مبادرا إلى تأليفها وتبنيها؟".
وتوزعت مداخلات الوزراء بين أغلبية ترفض الاستهداف السياسي لأي حزب لبناني، وبين مداخلات نافرة تقدم بها بعض الوزراء من فريق "14 آذار" وحملوا فيها "حزب الله" مسؤولية ما آلت اليه الأمور على قاعدة أن المقاومة بسلوكها الحالي صارت نقطة ضعف وليست نقطة قوة للبنان، فيما ذهب وزراء إلى مطالبة الحزب بتوفير النصاب الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فتنتهي الإجراءات الأميركية. وقال أحد الوزراء إنه من غير الجائز تحميل المسؤولية لا للمصارف ولا للحاكم المركزي، لأن لا أحد في العالم بمقدوره مواجهة الولايات المتحدة!
وقال نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل إن أحد المصارف الأميركية أبلغه بقرار إقفال حسابه في العاصمة الأميركية قبل فترة، وعندما استفسر كان الجواب أنه صدر تعميم أميركي يقضي بإقفال حساب أي مواطن لبناني في أي مصرف في الولايات المتحدة إذا كان صاحبه مقيما بصورة دائمة في لبنان. وطرح وزير آخر كيف رفض أحد المصارف في فرنسا مؤخرا فتح حساب له.
وتوقفت المناقشات عند حدود تكليف كل من رئيس الحكومة تمام سلام ووزير المال علي حسن خليل متابعة هذا الملف بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على أن يصار إلى إبلاغ مجلس الوزراء بالنتيجة، التي يفترض أن يتم التوصل إليها لتفادي مغالاة بعض المصارف في التعامل مع المراسيم الأميركية، خصوصا إذا كان التعامل محصورا بالليرة اللبنانية وبتوطين رواتب لعشرات آلاف الموظفين وليس بحركة أموال من بلد إلى بلد.
وقال أحد الوزراء بوجوب تكليف فريق مصرفي وقانونيّ لبناني ودوليّ لمتابعة هذه القضيّة، على قاعدة المواءمة بين النصوص الأميركيّة (القانون 2297 الصادر عن الكونغرس الأميركيّ في 15 كانون الأوّل 2015، حول "منع التمويل الدوليّ لحزب الله")، والمراسيم التطبيقية الصادرة في 15 نيسان 2016 عن وزارة الخزانة الأميركيّة ومكتب مراقبة الموجودات الخارجيّة (OFAC) وبين القوانين والتعاميم المصرفية اللبنانية.