بدأ احد كبار العاملين في الكونغرس الاميركي اللقاء قائلاً: "هناك قرار يتعلق بلبنان صارت مسودته شبه جاهزة. وسيرفع قريباً الى رئيس اللجنة الخارجية في مجلس النواب. سيكون القرار قوياً في رأيي. وسينال إعجاب فريق 14 آذار. لكنه سيكون مجرد كلام. ذلك انه قد لا يُطبق. وهو يتضمن مادة ان اي حكومة لبنانية جديدة، وإن تكن مماثلة للحكومة المستقيلة التي رأسها سعد الحريري، لن تحصل على مساعدات من اميركا. والامر نفسه بالنسبة الى الجيش اللبناني. والسبب الاساسي لذلك ان "حزب الله" هو جزء اساسي من الحكومة العتيدة. وهذا يعني ان الاميركيين يعتقدون ان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي اذا نجح في تأليفها ستكون حكومة "حزب الله".
الرئيس باراك اوباما قد يجمّد قرار الكونغرس المشار اليه لاعتبارات عدة. منها مساعدة الجيش كي يبقى موحَّداً وقادراً على مقاتلة كل من يعادي الدولة بما في ذلك "حزب الله". نعرف ان لهذا الحزب تأثيراً قوياً داخل الجيش. لكن هناك في الوقت نفسه احتمال ان يبقى موحداً وان يُقاتل. فلماذا نضرب هذا الاحتمال؟ علماً ان استمرارنا في مساعدة الجيش يُبقي لنا علاقات قوية معه ومع عدد من قياداته. طبعاً لن يكون هذا الجيش "جيشنا". وإذا فرضت عليه التطورات اللبنانية والاختيار فلن يختارنا قطعاً ولن يختار حلفاءنا اللبنانيين. لكن ذلك امر منوط بتطورات الخارج. الابواب بين سوريا واميركا لا تزال مفتوحة. أما مع ايران فهي لا تزال مقفلة، لكن امكان فتحها قائم. وهذا قد يمنع الجيش اللبناني من التعرض لتجربة الانقسام الصعب". علّقت: الجيش لن يقاتل "حزب الله". سيقاتل اسرائيل رغم ضآلة امكاناته. اما في الداخل فسيقاتل اذا دعت الحاجة الفريق المناوئ لـ"الحزب" وحلفائه. وسيقاتل ايضا الاسلاميين التكفيريين السنّة كما حصل في مخيم نهر البارد". علّق: "ربما من اجل مواجهة هؤلاء الاصوليين لا بد من مواصلة تسليح الجيش. وربما ايضاً لا تكون هناك مصلحة لـ"حزب الله" أو لحلفائه الخارجيين في عدم مساعدة الجيش وتالياً في ضربه او تعريض وحدته للخطر. ذلك ان لهم مصلحة كبيرة في ان يتصدى هو للارهاب الاصولي السنّي كما نسميه. فمقاتلو "حزب الله" لا يستطيعون مقاتلته في مناطق غير شيعية بسبب الحساسيات المذهبية بين السنّة والشيعة. لكن الجيش يستطيع ذلك. وهو يحتاج الى دعم خارجي وداخلي. ويجب ان يحصل عليهما". ثم سأل: "عن الانقلاب الدستوري وعن سبب تحوّل الاقلية البرلمانية غالبية". سأل تحديداً "عن سبب تسمية ما حصل انقلاباً دستورياً". اجبت: يسمونه كذلك لأن استعمال "حزب الله" وحلفائه السلاح في ايار 2008 ضد بيروت السنّية، كما ضد جبل وليد جنبلاط، دفع بعدد من برلمانيي فريق 14 آذار الى الانتقال الى فريق 8 آذار فصار غالبية. فأُنجز الانقلاب الدستوري بإسقاط حكومة الغالبية السابقة.
ثم تطرّق الحديث مع احد كبار العاملين في الكونغرس الاميركي نفسه الى العماد ميشال عون ومواقفه السياسية المتناقضة مع المواقف التي كانت له ايام نفيه والتي كان يبحث فيها معه ومع غيره من ناشطي الكونغرس. واشار الى انه ربما كان في استطاعة فريق 14 آذار استيعابه فور عودته الى لبنان. ثم سأل: "فاجأني استطلاع قام به صحافي اميركي مرموق يشير الى ان 60 في المئة من المسيحيين اللبنانيين ضد المحكمة الدولية. ما رأيك في ذلك؟" اجبت: لا شك في ان مؤيدي العماد عون من المسيحيين هم ضد المحكمة عملياً لأنه هو ضدها. وقد يكون هذا الاستطلاع مبنياً على معلومات انه يمثل نحو 60 في المئة من مسيحيي لبنان. طبعاً لا يزال عون يمثّل فئة مسيحية مهمة، لكنها ليست قطعاً 60 في المئة. بعد ذلك تناول الحديث اوضاع مسيحيي لبنان ومستقبلهم في ضوء استشراء الاصوليات الاسلامية المتشددة والمتنوعة واذا كانوا سيحتفظون بوضع طالما امتازوا به عن اخوانهم المسيحيين العرب.
سأل: "ما هي النصيحة التي تقدمها الينا؟" اجبت: عليكم ان تحذِّروا حلفاءكم في 14 آذار المسلمين والمسيحيين من "التفكير التمنياتي". وسأل اخيراً: "هل تعتقد ان حوادث المنطقة ستشمل لبنان؟" اجبت: حوادثه تكفيه. لكن لا شيء يمنع تأثره بحوادث سوريا اذا تفاقمت، او اذا فكّر بعض الجهات فيه بالتدخّل فيها مع هذا الطرف او مع ذاك.
ماذا في جعبة "الادارة الاميركية" حول الشرق الأوسط بكل قضاياه ومشكلاته؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك