وسام سعادة
المستقبل
هناك أمور لا مجال للكثير من اللف والدوران حولها. منذ سحبت مقولة "الحركة الاستقلالية" من التداول والإعلام السياسيين، صار الردح يحتل المجال كله، وعلكت نفسها التحليلات في الشأن الداخلي، الى حد كبير. يكاد العنصر المفيد، اليتيم فيها، أن يختصر بالتالي: البلد في الثلاجة، في ثلاجة ما، الى أن يلوح "وضوح استراتيجي" في مآل الوضع في سوريا وفي الاقليم.. وفي العالم!!.
بكل عبثية ذلك بالنسبة الى أوضاعنا، فهي معلّقة، في الفضاء، في المجهول، ولأجل غير مسمّى. وبهذا المعنى فراغ سدّة رئاسة الجمهورية هو تكثيف لحالة سياسية شاملة، وليس كما خيّل في البداية، أنه فراغ في رئاسة بامكانه أن يتعايش مع تسيير شؤون الحكومة والدولة بعامة، بالتي هي أحسن.
البلد معلّق أكثر فأكثر، ورهينة العوامل الخارجية أكثر فأكثر، والأهم: البلد رهينة لامبالاة العوامل الخارجية تجاه الأوضاع الداخلية المعلّقة بها، والمتأملة فيها، والساعية وراءها، والمراهنة عليها، أو المحبطة بصددها.
- الاولى هي بدء العد العكسي لانتهاء الولاية الممددة مرتين "حتى الآن" للمجلس النيابي، هذا المجلس المغلول اليدين تشريعياً، بصريح الدستور، ما دام عاصياً على انتخاب رئيس وفقاً لأحكام الدستور والواجبات الدستورية الأساسية لنائب في البرلمان اللبناني.
اقتراب موعد انتهاء مدة الولاية الممددة من دون قانون انتخاب ومن دون "سياق انتخابي" من شأنه أن يثير المخاوف من حالة فراغ كامل، بلا برلمان ولا حكومة ولا انتخابات وليس فقط لا رئيس. وهذا الوضع سيرفع من محاولات الابتزاز للمكونات الراغبة في عدم الذهاب بعيداً عن الفوضى.
- الاحداثية الثانية التي لا تغادر منظار الحزب وحلفائه الاقليميين والداخليين هي المحكمة الدولية. موضوع المحكمة ما زال الشغل الشاغل لدى قيادة هذا الحزب، رغم كل السنوات التي مرت، وفظائع الحرب السورية، وأفلام الرعب الارهابية عبر العالم.
في هذا الوقت المحدود، الحزب معني بأمرين: التحسب للمحكمة الدولية، والاستعداد للحظة المأزق، ساعة نقترب من نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي بلا قانون انتخابي وبلا انتخابات وبلا مخرج. ليس عند الحزب الآن كماليّات البحث عن شروط المؤتمر التأسيسي. أبداً. مراهنته أخطر: الانتقال من حالة الفراغ النسبي الى حالة الفراغ التام. لكن ليس للذهاب بها الى خواتيمها، بل لانتزاع ما يريده، تحت ضغط الخوف من الذهاب الى المجهول.