بمشاركة صينية، أسقطت روسيا، للمرة الثانية، إجماع أعضاء مجلس الأمن على مشروع قرار دعم الخطة العربية للعملية السياسية الانتقالية في سورية. بدعوى انه يدعو الى تغيير النظام، وتشجيع المعارضة للسيطرة على السلطة، ويوجه «رسالة غير متوازنة الى النظام والمعارضة، ولا يعكس واقع الوضع في سورية»، فضلاً عن انها طالبت ان يكون القرار «لأخذ العلم وليس للتنفيذ»، ما يشير الى ان روسيا تهدف الى تعطيل الخطة العربية وإخراج العرب من المشهد.
بعض العرب يتفهم، ولا يرفض، وربما يدعم، لجم حماسة «مجلس الأمن» لاستصدار قرار يفضي في النهاية الى تدخل عسكري في سورية، على غرار ما جرى في ليبيا. لكن الاعتراض الروسي لم يتوقف عند هذه النقطة الجوهرية، وكان منحازاً الى النظام في شكل فج. لم يقر بعنف الجيش السوري، وساوى بين الضحية والجلاد، واعتبر عنف الحكومة مساوياً لمطالب الشعب السوري، وجعل رفض التدخل وسيلة لتسويغ القمع والهمجية، واعطاء النظام السوري فسحة من الوقت لتنفيذ عملياته العسكرية وحسم المعركة، أو هكذا يتوهم الروس.
لا شك في ان زوال النظام السوري يعني أفول شمس روسيا في المنطقة. دمشق هي آخر حصون موسكو في الشرق الاوسط، وهي تستخدم دم الشعب السوري، للتصدي لتهميش دورها وفك تشابك مصالحها مع الغرب، وتدرك ان الدول الغربية تهدف الى التخلص من بقايا ما كان يعرف بـ «الاتحاد السوفيتي»، ومن يتابع تنامي علاقات روسيا العسكرية مع ايران، والتنسيق مع «حزب الله»، وتزويده بالسلاح، سيجد انها تخوض حرب بقاء في المنطقة، وتسعى، بهذا السلوك الانتهازي، الى حماية منفذها الوحيد على البحر المتوسط، ومحاصرة التسهيلات التركية لحلف الاطلسي.
الأكيد ان وجود صوت معارض للاطماع الغربية مطلوب. لكن روسيا لم تعد تشكل توازناً للقوة، فضلاً عن انها تسعى الى تحقيق اطماعها بدعم الديكتاتورية والوحشية والظلم. واذا كانت موسكو تدافع عن مصالحها على هذا النحو المقزز، فيجب على الدول العربية، تعليق العلاقات الديبلوماسية معها، ومقاطعة بضائعها، ووضع شركاتها على القائمة السوداء. موسكو تستهين بشعوب المنطقة، وتعاود فاشيتها القديمة، وعلى العرب مواجهتها بحزم.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك