يتأرجح الفرقاء اللبنانيون الذين ينتظرون اتضاح مآل الاتصالات النهائية في الملف الرئاسي بين هبة باردة وأخرى ساخنة وفق صحيفة "الحياة"، في انتظار ما يمكن أن يعلنه زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري حول دعمه ترشيح زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون للرئاسة ليبني كل فريق على الشيء مقتضاه، وسط موجة تصريحات من عدد من نواب "التيار الحر" بأن الحريري حسم خياره بتأييده "وسيعلنه خلال يومين"، استناداً إلى تبلغ رئيس التيار جبران باسيل بذلك.
ورافقت الترقب تسريبات بأن صيغة إعلان الحريري تأييده عون بقيت حتى نهار أمس تحت الدرس والتمحيص: هل تتم في مقابلة تلفزيونية ترددت معلومات في الأوساط السياسية عن اتصالات جرت في شأنها، أم تتم في مؤتمر صحافي يعقده محاطاً بأعضاء كتلته النيابية؟ وتردد، بحسب قول مصادر سياسية معنية بانتظار موقف زعيم "المستقبل" لـ "الحياة"، أن قادة "التيار الحر" يفضلون الصيغة الثانية للدلالة على أن أعضاء كتلة الحريري النيابية منسجمون معه في خياره، وسط الحديث عن رفضه من بعضهم واتجاههم إلى عدم التصويت لعون.
ومع أن نواب كتلة الحريري ظلوا يتسقطون أخباره مثل سائر الفرقاء الذين انتظروا الخبر اليقين، فإن الأنظار تتجه اليوم إلى الخطاب الذي سيلقيه العماد عون في الحشد الشعبي الذي دعا إليه تياره قرب القصر الرئاسي في بعبدا إحياء لذكرى 13 تشرين الأول عام 1990 حين أخرجه الجيش السوري من القصر. ويجري الحشد تحت شعار: "يكون الميثاق أو لا يكون... لبنان"، على أن يركز الجنرال في كلمته كما تتوقع مصادر التيار، على تحديد صفة "الرئيس القوي" التي أصر عليها في اختيار رأس السلطة في لبنان، نظراً إلى ثقل تمثيله المسيحي شعبياً كميزة مطلوبة في الرئيس العتيد كي يتمكن من الحكم تعزيزاً للمشاركة المسيحية فيه، أسوة بالقوة التمثيلية لرئيسي البرلمان والحكومة. وتنتظر هذه المصادر أن يشدد عون على أن الرئيس القوي هو لكل لبنان لا لطائفته فقط. ويتوقع بعض الأوساط من عون أن يكرر مخاطبة الطائفة السنية بلغة تصالحية مثلما فعل في مقابلته التلفزيونية قبل زهاء أسبوعين، وتبعه في ذلك رئيس "التيار" الوزير جبران باسيل الخميس الماضي حين شدد على أن زعامة الحريري ترمز إلى الاعتدال السني. وهو الأمر الذي كان الزعيمان اتفقا عليه لطمأنة جمهور الحريري إزاء خياره والتخفيف من معارضته لدى مناصريه.
وتقول مصادر مواكبة للاتصالات الرئاسية إنه إذا بقيت موجة التفاؤل على حالها، ولم تظهر معوقات لدعم الحريري عون فإن تسلسل الأحداث المتوقع لا يعني أن الأمور ستجد طريقها إلى النهاية السعيدة سريعاً، لأنه يفترض أن يستبق الحريري ذلك بالاجتماع إلى كتلته النيابية كما وعد أعضاءها في اجتماعين سابقين، هذا فضلاً عن أن الخطوات التي يفترض أن تلي إعلان خياره تتدرج كالآتي:
- أن يتوجه العماد عون إلى الحلفاء المعترضين على خياره في قوى 8 آذار، لإقناعهم به، وفقاً للنصيحة العلنية التي قدمها إليه الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله في خطابه الثلثاء الماضي، وتحديداً إلى رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، اللذين يربط نواب آخرون من الحلفاء موقفهم بالتشاور معهما.
- لن يخاطر: أن التواصل مع النائب فرنجية يشكل الامتحان الأبرز نظراً إلى ما أشار إليه عدد من الأوساط بينها عونية، عن أن الجنرال لن يخاطر في النزول إلى البرلمان في ظل استمرار فرنجية في ترشيحه، إذا كان هناك احتمال أن يصر الأخير على ذلك وفق ما أعلنه من دارة الرئيس بري مطلع الأسبوع. فهناك خشية عونية من أن يؤدي تأمين نصاب الجلسة النيابية الانتخابية، في ظل استمرار ترشيح فرنجية إلى توزيع لأصوات الاقتراع السري يحمل أخطار تأمين أكثرية لرئيس "المردة"، إذا صحت الأنباء عن أن بعض نواب "المستقبل" قد يتمردون على قرار الحريري، وكذلك بعض نواب كتلة جنبلاط ونواب كتلة بري.
- تقول مصادر سياسية متابعة لموقف "حزب الله" انه لن يقدم على أي خطوة في الرئاسة أكثر مما فعل في تأكيد دعمه عون، إلا بعد إعلان الحريري دعمه له، في وقت اتفق الحريري مع عون أنه إذا كان مطلوباً من الحزب خطوات لإزالة أي مخاوف أو معوقات من أمامه، فإن هذه المهمة تقع على عون وليس على زعيم "المستقبل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك