بعدما بذل المفاوضون في شأن قانون الانتخاب كثيرا من الجهد للتوصّل إلى اتفاق على "مبدأ" النسبيّة على أساس 15 دائرة انتخابيّة، أتى جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء ليعطي مؤشراً سلبيّاً يفيد بأنّ الطبخة الانتخابيّة لم تنضج بعد، على رغم ضغط مهلة انتهاء ولاية مجلس النواب الممددة مرتين بعد أسبوعين تماماً.
وفيما تستمر الاجتماعات الحزبية للغوص في تفاصيل يصر متفائلون على حصرها في البعد التقني، لا يسقط كثيرون من حساباتهم البعد السياسي للعبة تناتش مكاسب انتخابية يمارسها الجميع، ليست التفاصيل التقنية سوى واجهتها. وفي السياق، يشكو بعض عارفي الشؤون والشجون الانتخابيّة من مطالب رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، معتبرين أن فيها رفع سقوف يطاول اتفاق الطائف الذي يلتقي الجميع عليه، فيما يتمسك "التيار" بحقه في المطالبة بما يسميه "ضمان حسن التمثيل المسيحي".
واعتبرت مصادر في تكتل التغيير والاصلاح عبر "المركزية" "أننا صبرنا وانتظرنا طويلا. وتاليا، من المفترض ألا نخرج بشيء "متسرع"، لا سيما في ما يخص الصوت التفضيلي واحتساب الأصوات، ولا نريد أن يستغرق الأمر 8 سنوات أخرى لنؤمن نتائج عادلة في قانون الانتخاب. ونتمنى ألا تفسر كل خطوة على أنها مؤامرة من التيار الوطني الحر. كل ما في الأمر أن هناك بعض التفاصيل التي من الأفضل بحثها الآن.
وفي معرض الرد على الكلام عن أن مطالب باسيل "الجديدة" (وبينها العتبة الطائفية) تعد رصاصة في صدر اتفاق الطائف، تذكّر المصادر بأن الطائف نص على أن يشكل مجلس النواب من 108 نواب، أي أن 20 نائبا أضيفوا ليدور شاغلو هذه المقاعد في فلك السلطة التي كانت قائمة في البلاد آنذاك. هذه الصورة تدفعنا إلى التساؤل: كيف يجرؤ المتحدثون عن الطائف على الكلام عنه، فيما قفز الجميع فوق هذا الاتفاق منذ زمن، لا سيما بإضافة 20 نائبا إلى البرلمان؟ علما أن اللامركزية والمناصفة وسواهما من المطالب التي نرفعها، ونتهم بالتعطيل بسببها، منصوص عليهما في الطائف".
وفيما يؤكد الخبراء الانتخابيون أن من شأن الركون إلى النسبية تخفيف حدة التأثير الطائفي على المشهد السياسي في لبنان، تكال للتيار اتهامات كثيرة بتكريس الطائفية وتفريغ النسبية من مضمونها عن طريق ما يطالب به باسيل. غير أن الرابية لا تفوت فرصة تذكير الجميع "بأننا أول من طرح النسبية، ولا مشكلة لدينا في الاتجاه إلى إنهاء الوضع الطائفي في لبنان، غير أن العقلانية تفترض من الجميع أن يعوا أن قانون الانتخاب لا يكفي وحده لبلوغ هذا الهدف النبيل، وهذا ينطلق من المدارس والجامعات".
أمام هذه الصورة الانتخابية المعقدة، هل يجوز حصر العرقلة الانتخابية بالأسباب التقنية، أم أن حسابات سياسية تتحكم بمسار الأمور، جريا على العادة اللبنانية؟ تجيب المصادر العونية معترفة بأن "هناك سياسة إلى جانب التقنيات وحسابات الربح والخسارة التي تشير إلى أننا سنكسب 48 مقعدا مسيحيا بأصوات المسيحيين من أصل 64. لذلك، نحن نطرح أفكارا تصب في خانة رفع هذا الرقم، خصوصا أن هناك 20 مقعدا مسروقة لا يختارها المسيحيون ولم تتغير مطالبنا منذ البداية. كل ما نريده هو العدالة، وهذا حقنا وهو لايعني أننا نعطل مسار الاتفاق".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك