يحرص قريبون او متصلون بالقيادة السورية على اشاعة اجواء ان "الازمة" التي تعيشها سوريا انتهت وان ما يحصل حالياً في بعض المدن هو معالجة ذيول الازمة وليس جوهرها. وهذا حصل منذ ما يقارب اسبوعين تقريبا ويستمر على نحو تعتقد مصادر ديبلوماسية معنية انه يهدف الى ردع المجتمع الدولي عن اتخاذ اجراءات تدين النظام السوري بناء على ان الحملة الامنية التي قادها ضد من صنفهم مجموعات ارهابية هي قاب قوسين او ادنى من الانتهاء.
يضاف الى ذلك ان هذا الانطباع يساهم ايضا في بقاء الارتباك او البلبلة في مواقف الدول الكبرى او حتى دون مواقف الاتحاد الاوروبي الذي اظهر عجزا عن اتخاذ موقف موحد من التطورات السورية وخصوصا في ظل عدم وجود خطة لدى الدول الكبرى لكيفية مواجهة ما يجري. فاذا كانت الامور القمعية قيد الانتهاء فان المنطق يقضي بانتظار بضعة أيام لرؤية النتائج باعتبار ان النظام قد يخرج قويا بعد أن يكون قضى على خصومه، في حين ان مصالح الدول تقضي بعدم قطع شعرة معاوية مع رأس النظام على الاقل. ووفق الرأي نفسه فان سوريا اثبتت في الاسابيع والايام القليلة الماضية انها لا تزال تملك اوراقا يمكنها تحريكها وفق ما فهمت الرسالة تماما مع التحرك في الجولان المحتل او انطلاقا من لبنان ايضا. اذ ان الموقف الاميركي الذي اعتبر ان دمشق حرضت على التظاهر لم تنفه سوريا بعد ساعات على صدوره كأن لا مشكلة لديها في ان تفهم رسالتها كما فهمت فعلا. وكذلك لا مشكلة لديها في ان تفهم الاتهامات التي تسوقها ضد طرف لبناني باستمرار على انه ينطوي على احتمال انتقال الازمة السورية الى داخل لبنان ايضا. وبحسب هؤلاء فان النظام لا يزال يتمتع بفترة سماح لا بأس بها، اذ انه لا يزال يتلقى مناشدات مطالبة باجراء الاصلاح والاسراع فيه ولم يصدر اي موقف او تصريح يشتمّ منه حتى الآن احتمال التخلي عن النظام. وهو الامر الذي يعني بالنسبة الى سوريا عدم وجود أي خطة لدى الغرب حتى الآن مما يترك امامها هامش انهاء ما بدأته الى جانب بعض الاشارات الايجابية التي يطلقها النظام بين وقت وآخر كالافراج عن معتقلين سياسيين وخصوصا من له رمزية معينة كرياض سيف فتحظى سوريا بتشجيع على هذه الخطوة والحض على استكمالها.
بعض المصادر الديبلوماسية المتابعة ترى ان هناك تبسيطا شديدا للامور باعتبار ان ما يحصل من تطورات يدفع المجتمع الدولي الى بناء قضية ضد النظام السوري ستتبلور تباعا مع الدعوة الى انتظار الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الاميركي حول الشرق الاوسط وبأي عبارات سيتطرق الى الموضوع السوري. وهناك عوامل، تقول هذه المصادر، كانت سلبية جدا في الايام الاخيرة تساهم في بلورة خيارات في غير مصلحة النظام منها: نزوح عدد كبير من العائلات السورية الى القرى الحدودية في منطقة عكار في شمال لبنان المحاذية للبلدات السورية التي تتعرض لحملات عسكرية بحيث ان شهادات النازحين لا يمكن اغفالها ما دامت تعبر عن مأساة انسانية. وهذا النزوح ينفي واقع ان الازمة انتهت حتى لو رافقها الاعلان عن لقاء الرئيس السوري بعض الفاعليات السورية في بعض المحافظات. فالواضح ان العصا التي استخدمها الرئيس السوري اكبر بكثير من الجزرة التي عرضها على المعارضين لكن الازمة لم تنته. يضاف الى ذلك ان هروب جنود من الجيش السوري ايضا يعطي التقارير التي تحدثت عن حالات مماثلة سابقة صدقية، علما ان العواصم الكبرى على وعي بورود حالات مماثلة وان لم تكن كبيرة.
ثم ان التقارير التي تحدثت عن مقابر جماعية في درعا ونفتها السلطات السورية، تحرج الدول الكبرى التي لا يمكنها السكوت عن تقارير مماثلة، وخصوصا ان الكرة هي في ملعب السلطات السورية التي رفضت حتى الان التعاون في شأن وصول لجنة دولية للكشف على الوضع في درعا. وفي حال ثبت وجود مقابر جماعية فان المسألة قد تعجل في اتخاذ قرارات ادانة ضد سوريا لان ذلك ينزع من ايدي حلفائها اوراق الدفاع عنها بمن فيهم روسيا التي لفتت معارضتها اتخاذ قرار دولي ضد الزعيم القذافي في حين انها طلبت منه قبل يومين واثناء زيارة وفد من السلطات الليبية لموسكو التزام القرارات الدولية والتخلي عن السلطة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك