"أبو مصعب السوري" يتسلل إلى لبنان بعد الإفراج عنه في ظروف غامضة

كشف مسؤول أمنيّ لبناني عن معلومات وردت في تقرير خاص، من جهاز استخبارات دولة أجنبية صديقة، تشير إلى تسلّل قياديّ خطير في تنظيم "القاعدة" إلى لبنان، يدعى مصطفى ست مريم نصار، المعروف بلقب "أبو مصعب السوري" بعدما أفرجت عنه المخابرات العامّة السوريّة أخيراً، في ظروف غير معلومة، مع مساعدٍ له لقبه "أبو خالد".

وذكرت صحيفة "الجمهورية"، أن التقرير الموجود في ملفّ المسؤول الأمني، يتضمّن في مطلعه ما يشبه "سيرة حياة" مصطفى ست مريم نصار، فهو سوريّ الجنسية من مواليد حلب، ومن أبرز قياديّي تنظيم "القاعدة"، والأكثر خطورة، وكان مطلوباً من السلطات الأميركية إثر أحداث 11 أيلول عام 2001، وخصّصت يومها المخابرات الأميركية مبلغ خمسة ملايين دولار للقبض عليه، نظراً لخطورته، ونشاطاته التي تهدّد المصالح الغربية والأميركية.

إلا أنّ نصار كان سيّئ الطالع، وعن طريق الصدفة اعتقلته المخابرات الباكستانية في أيّار عام 2006، في مدينة كويتا في باكستان، وسلّمته إلى المخابرات الأميركية.

وبسبب سعي الولايات المتحدة الأميركية إلى التقارب مع سورية، ونظراً إلى التنسيق الأمني الذي كان قائماً في تلك الفترة، وعلى أشده بين المخابرات السورية من جهة والمخابرات الفرنسية والأميركية من جهة أخرى، وبالتحديد في إطار مكافحة الأنشطة الأصوليّة والإرهابية، والذي تولاه اللواء آصف شوكت شخصيّاً، تمّ تسليم "أبو مصعب" إلى المخابرات السوريّة.

هديّة ثمينة

وكان "أبو مصعب" الذي يحمل الجنسية الإسبانية، من أثمن الهدايا التي تلقّاها النظام السوري في حينه، فهو مطلوب بتهمة المشاركة في معارك حماه ضدّ الجيش السوري عام 1982، على رأس فرقة كانت تعرف بـ"الطليعة المقاتلة"، والتي كانت تابعة يومئذ لجماعة "الإخوان المسلمين"، إضافة إلى مشاركته في تدريب إرهابيّين على استخدام الأسلحة الكيميائية، في معسكرات سرّية في أفغانستان، ودوره في تفجيرات حصلت في لندن ومدريد. وكان "أبو مصعب" في مرحلة لاحقة وبعد أحداث 11 أيلول ، أعلن الولاء لأسامة بن لادن، الزعيم الراحل لتنظيم "القاعدة".

ويبقى السؤال، عن السبب الأساسي وراء إفراج السلطات السورية عن مصطفى ست مريم نصار، ومساعده "أبو خالد"، في هذه الظروف بالذات.

رسالة سوريّة

يرى محلّلون أمنيّون أنّ "الإفراج عن مصطفى يُعتبر رسالة واضحة من النظام السوري إلى الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية، بوقف التعاون الأمنيّ بين السلطات السوريّة، والأجهزة الأمنية الغربية، وخصوصاً الأميركية، والذي كان مستمرّاً منذ الدخول الأميركي للعراق، وبالتالي الإفراج عن المعتقلين الإرهابيّين في السجون السوريّة، ممّن تعتبرهم واشنطن من أبرز الذين يهدّدون مصالحها وسفاراتها في العالم، ومن المتّهمين بجرائم ضدّ رعايا أميركيّين".

ومن المعروف، أنّ السجون السورية، وخصوصًا "سجن فرع فلسطين" يضجّ بعدد كبير من المعتقلين من تنظيم "القاعدة"، ومن جنسيّات مختلفة عربية وأجنبية، بعضهم تسلّمه السوريّون من ألمانيا، وشارك محقّقون ألمان في السابق في استجوابهم في سجون سوريّة.

إطلاق سراح "أبو مصعب السوري"، اعتبره مسؤول أمنيّ غربي في لبنان، "مؤشّراً إلى وجود مخطّط لدى بعض القيادات الأمنية السوريّة، يقضي بإطلاق يد الإرهابيّين في لبنان، وعدد من الدول العربية والأجنبية، وقيامهم بعمليّات تخريبية تطاول سفارات ومؤسّسات وشخصيات ديبلوماسية أجنبية وعربية، للضغط على الدول الأجنبية لتغيير مواقفها من النظام السوري، الذي يريد إيصال رسالة إلى الدول الغربية، وهو ما زال يعتقد أنّها سارية المفعول، وسبق أن استخدمها واستهلكها مفادها: "نحن الذين نحميكم من خطر الأصوليّة، وإلا تحمّلوا عواقب سقوطنا".

استنفار أمنيّ

المعلومات عن دخول "أبو مصعب السوري" إلى لبنان، وضعت العديد من الأجهزة الأمنية الغربية والعربية الناشطة في لبنان، في حال من الاستنفار، وهي التي تتلقّى يوميّاً تقارير من دوله،ا عن احتمال حصول عمليّات اغتيالات وتخريب من خلايا إرهابية أصوليّة مأجورة، تعمل لأجهزة مخابراتية إقليميّة، ومعلومات عن أن عدداً من الجماعات الإرهابية بات يعمل وفق "القطعة" لصالح جهات استخباراتية مشبوهة، وباتت بمثابة "بنادق للإيجار".

كذلك، أبدى مسؤول في مخابرات غربية تخوّفه أمام أحد النوّاب اللبنانيين من أن يكون الهدف من الإفراج عن "أبو مصعب السوري"، "تكليفه، ربّما من المخابرات السورية التي تمكّنت من إعادة تجنيده لصالحها، الاتّصال بالخلايا الناشطة في تنظيم "القاعدة"، وتنفيذ عمليّات إرهابية ضدّ مصالح أميركية وفرنسية وغربية في المنطقة، بدعم سوريّ، من بينها استهداف القوّات الدولية العاملة في جنوب لبنان".

أبو مصعب وأبو القعقاع

وأضاف المسؤول الأمني، أن "إطلاق سراح "أبو مصعب السوري"، لا يعني أنّه في منأى عن رقابة الأجهزة الأمنية السوريّة، التي قد تكون في الوقت ذاته وضعت خطة لتصفيته عند اللزوم، بعد تحقيق المهمة المطلوبة منه، كما حصل مع إمام جامع الإيمان في حلب الجديدة (شمال سوريا) الشيخ محمود غول أغاسي المعروف بأبي القعقاع، الذي كان على علاقة جيّدة مع مخابرات النظام السوري، وتردّد أنّه كان وراء تأسيس منظمة "فتح الإسلام" التي جاءت إلى لبنان، ومن أبرز الداعين إلى الجهاد ضدّ القوات الأميركية في العراق.

وقد قُتل "أبو القعقاع" في ظروف غامضة في 28 أيلول عام 2007، لدى خروجه من المسجد، بعد تأديته صلاة الجمعة، برصاص مُسلّح ترجّل من سيارة بيك اب، برفقة مجموعة من الأشخاص، وأخفيت التحقيقات في ظروف مقتله، ربّما بقصد إخفاء سرّ "فتح الإسلام"، وسرّ زعيمها شاكر العبسي".

فبين معلومات متوافرة لدى الأجهزة الأمنية اللبنانية، عن توجّه "أبو مصعب السوري"، إلى أحد المخيّمات الفلسطينية في لبنان، وأخرى تقول إنّه انتقل إلى منطقة الرمادي في العراق للقاء ناشطين في "القاعدة"، تبقى القاعدة المتّبعة في العمل الأمني، والتي تقضي باستباق الحدث سيّدة الموقف، والأساس في عملية الرصد والمتابعة، في ظلّ المعلومات والتقارير التي تحذّر من عمليات اغتيال وتفجيرات واعتداءات إرهابية، ودوماً العنوان "صنع في أقبية القاعدة"