من «نور الحرية أقوى من ظلامهم» الى «ربيع شعوب...خريف عهود» سنة بالتمام والكمال مضت في المفهوم الزمني بين الذكرى السابعة عشرة والذكرى الثامنة عشرة لحل حزب القوات اللبنانية، لكنها اذا ما قيست بحجم الانجازات فإنها تتخطى بأشواط مساحة ايامها الـ365.
ومن معراب، حيث أحيا الحزب الذكرى 17 الى «البيال» التي شهد بعد ظهر السبت احتفالا حضاريا سياسيا فكريا مطعما بنكهة عربية، بحيث حضر ممثلون عن ربيع الشعوب العربية، القى خلاله رئيس الحزب سمير جعحع كلمة سياسية موجها سهامه الى اخصام الداخل متسائلا عن مدى شعار الاصلاح والتغيير في حكومة لون واحد، كما تضمنت الكلمة رسائل اقليمية وعربية ابرز ما جاء فيها:
اعتبر جعجع ان "ممارسات الإصلاح والتغيير باتت في لبنان تهدد نوعية العمل السياسي وتعاطي الشأن العام وطريقة ممارسة السلطة، في الوقت الذي تناضل شعوب المنطقة وتموت كلّ يوم للخروج الى ربيعٍ أخضر"، مشيراً الى "ان هذا الفريق لا يهدف من كلّ ما يقول سوى الدعاية السياسية الرخيصة وتلطيخ سمعة الآخرين". جعجع وفي كلمة له خلال الإحتفال بذكرى حل حزب "القوات اللبنانية"، لفت إلى أنه "لطالما سمعنا منهم مطوّلات عن استرجاع حقوق المسيحيين في الدولة، فقولوا لي أين استرجعت هذه الحقوق: أفي التهجّم على موقع رئاسة الجمهورية ومحاولة تحجيمه؟ أم في الأمن العام؟ أفي ملاك وزارة المالية؟ أم في ملاك المجلس النيابي؟ أو في أي إدارة أخرى في الدولة؟ يظهر أننا نحن قد أسأنا الفهم أولاً بأول، إذ يبدو أنّ ما كان مقصوداً "بـاسترجاع حقوق المسيحيين"، هو التفتيش عن كل موظف مسيحي رجعي، أي غير إصلاحي وتغييري، واستبداله بموظف مسيحي آخر ينضح من رأسه حتّى أخمص قدميه إصلاحاً وتغييراً".
ودعا جعجع المسيحيين في هذا الشرق الى "التشبث بأرضهم وبأوطانهم والى مواجهة الأحداث والتحولات والمخاطر بشجاعة والى التفاعل مع محيطهم وتبني القضايا الانسانية العادلة".
ورأى ان "الحل الحقيقي في سوريا ليس السكوت عن النظام او التسامح معه، بل بالدعوة الى استفتاء شعبي حقيقي برعاية جامعة الدول العربية ومجلس الأمن حول بقاء النظام أو عدمه، وكل ما عدا ذلك مزيد من الدماء والدمار والموت. فالحلّ الحقيقي في سوريا هو في الديمقراطية، وليحكم من يصل الى الحكم ديمقراطياً".
واعتبر جعجع انه "قد تمر لحظات سود في التاريخ، ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ اتجاه التاريخ أسود. طالما هناك إنسان واحد على وجه الكرة الأرضية يفكّر أبيضَ ويعمل لإحقاق الحق، طالما التاريخ ذاهب في هذا الاتجاه، فكيف إذا كنّا كثرة، كما نحن في القوات اللبنانية، وكما نحن في الرابع عشر من آذار، وكما نحن جميعاً في الربيع العربي أينما كان؟ طالما نحن كثرة، وطالما نفكّر حريّة وديمقراطية وحقاً وربيعاً، طالما التاريخ ذاهب حكماً في هذا الاتجاه، وخريفاً لن يكون".
وأضاف: " نحن نعرف تماماً ما هو في انتظارنا على طريق الربيع العربي. في انتظارنا صعوبات جمّة، وعراقيل كثيرة، وتقاليد بالية، وعقول متحجّرة، ورؤوس حامية ونفوس متعصّبة، لكنّ هذه الصعوبات كلّها لن تثنينا عن عزمنا، لأنّها أصلاً، وبأبشع تجلّياتها، جزء من الواقع السائد، ولكنّ الأهمّ هو أنّ طريق الربيع العربي، وعلى صعوباتها، هي طريق الحق والحرية والحياة، وإن تعبنا فيها، فلن نحيد عنها. أذكر يا إنسان أنّك من الحرية... والى الحرية تعود".
ولفت الى ان "من تسبب أصلاً بالربيع العربي هي الأنظمة الدكتاتورية التي امتصّت دماء شعوبها وخيرات بلادها، وأسكتت وقمعت ونكّلت وبطشت وتجبّرت وأحبطت كلّ توق الى الحرية والانعتاق، وكلّه تحت مجموعة شعارات تبدأ بشعار الجماهيرية التي عادت وأسقطتها الجماهير، وتنتهي بشعار وحدة حريّة اشتراكية. فإذا بالوحدة تتحول الى واحد ، والحرية الى سجون ومنافٍ وقبور، والاشتراكية الى مليارات في الحسابات الخاصة. فطوبى للذين آمنوا بالحق والحرية والحياة، ولم يتخذوا أولياء من الدكتاتوريين والطغاة: تحيّة من ربيع بيروت الى ربيع دمشق... من جبل لبنان الى جبل العرب... ومن وادي قنوبين الى وادي النصارى... كم من النعوت تطلق بحقك يا ربيع دمشق، ولكنّك في نهاية المطاف ربيعاً تبقى".
وتابع: " يتكلّم البعض عن مسيحيي سوريا وكأنّهم هبطوا بالمظلاّت مع وصول هذا النظام، وعليهم بالتالي أن يجهّزوا أنفسهم للعودة من حيث أتوا في حال سقوطه، متناسين أنّ المسيحيين سكّان أصيلون تاريخيون في سوريا، عاشوا وتفاعلوا فيها لآلاف السنوات، إذا كانت ظاهرة التكفيريين، على محدوديّتها، حقيقة لا يمكن إنكارها، فإنّ وجود أكثرية إسلامية معتدلة تنشد الحرية والديمقراطية والمواطنة الحقة، هو واقع ملموس ومعاش لا يمكن التعامي عنه. ولنا في إعلان الأزهر ورسالة المجلس الوطني السوري الى اللبنانيين، كما في وثيقة حزب الإخوان المسلمين السوري وغيره من الأحزاب والتجمّعات والشخصيات السورية خير دليل على ذلك"، مشيراً الى ان "العبرة تبقى في التنفيذ، لكننا لا نستطيع تجهيل وتجاهل كلّ هذه الوثائق وإعلانات النوايا، ولا يمكننا إلاّ اعتبارها نقطة انطلاق جيدة، والتعاطي معها على هذا الأساس".
واعتبر "انّ واجبنا أن نشجّع الاعتدال بدلاً من الإغراق في بث روح الفصل العنصري وطرح فرضيات أقل ما يقال فيها أنّها فرضيات لا تبرّر مطلقاً السكوت عن الواقع الحالي القمعي المجرم. إنّ من يأبه فعلاً لمصير المسيحيين في الشرق لا يبثّ فيهم أفكار اليأس والقنوط والخوف، ويرميهم بين أيدي أنظمة قمعية بحجة حمايتهم"، داعياً "المسيحيين في هذا الشرق الى التشبّث بأرضهم وبأوطانهم والى مواجهة الأحداث والتحولات والمخاطر بشجاعة، والى الانتظام في أحزاب وتكتلات سياسية، دفاعاً عن كلّ ما يؤمنون به ويريدون، والى التفاعل مع محيطهم وتبنّي القضايا الإنسانية العادلة باعتبار انه لا حياة لنا في هذا الشرق إذا فقدنا قيمنا علّة وجودنا".
وقال: " وإن أنسى لن أنسى تاريخاً صنعته المسيحية المشرقية المقاومة وفي طليعتها كنيستنا المارونية ببطاركتها العظام، بالعرق والدماء والدموع؛ تاريخاً نفتخر به وبوحيه طليعيين أحراراً نعيش".
وأضاف: "في هذا السياق، أتوجّه باسمي وباسمكم، بتحيّة إجلال وإكبار لروح البابا شنودة الثالث، بابا التفاعل مع مجتمعه وقضاياه، بابا الإقامة الجبرية في الصحراء لفترات طويلة، البابا الذي عاش حياته بتواضع الراهب الناسك وفضّل التوحّد والصلاة في الملمّات على أي شيء آخر".
وأوضح أن "من يعتقد أنّ بإمكانه وقف دورة الحياة والترقّي هو مخطىء وبعيد عن حقيقة التاريخ لأنه من حق الشعوب أن تقرر مصيرها بنفسها. وإنّ من يعتقد بأنّ الحملات العسكرية، وتدمير المدن والقرى على رؤوس أهليها سينهي الثورة الشعبية في سوريا لهو مخطىء، وإنّ من يعتقد بأنّ كسب الوقت بالمناورات الدبلوماسية يساعد على إخماد شعلة الثورة لهو واهم. وإنّ من يراهن على إنهاك الناس، هو من سيتعب أولاً ويخسر أخيراً. وإنّ التمادي في استعمال العنف في سوريا لن يؤدي الى إضعاف الثورة، بل الى تقوية المتطرّفين"، لافتاً الى ان " كلّ يوم إضافي في عمر النظام، يشكل مدماكاً إضافياً في بناء التطرّف في سوريا. وان كلّ ما يجري لن يفيد النظام، ولا من يقف وراءه أو أمامه بشيء، سوى زيادة التطرّف، فهل هذا هو المطلوب؟"
وكشف ان "الحل الحقيقي في سوريا ليس السكوت عن النظام او التسامح معه، بل بالدعوة الى استفتاء شعبي حقيقي برعاية جامعة الدول العربية ومجلس الأمن حول بقاء النظام أو عدمه، وكل ما عدا ذلك مزيد من الدماء والدمار والموت.فالحلّ الحقيقي في سوريا هو في الديمقراطية، وليحكم من يصل الى الحكم ديمقراطياً".
وأضاف: "الطريق في مصر وتونس وليبيا واليمن، ومع أنّها أصبحت سالكة، لن تكون سهلةً أبداً ولا مفروشةً بالزهور والرياحين والياسمين. لكنّها الطريق، بعكس الجمود القاتل الذي كان سائداً تحت نير أنظمة العبودية. بعد تونس، والقاهرة، وبنغازي، وصنعاء، تهيأي دمشق، فللحرية الحمراء باب بكل يد مضرّجة يدق".
وشدد على انه "في الوقت الذي تناضل شعوب المنطقة وتموت كلّ يوم للخروج الى ربيعٍ أخضر، يعكف البعض في بلادنا على العكس. بكلّ صراحة، ومن دون مواربة، باتت ممارسات الإصلاح والتغيير في لبنان تهدد نوعية العمل السياسي وتعاطي الشأن العام، كما طريقة ممارسة السلطة. إنّ الكلمات عند هذا الفريق لم تعد تحمل أي معنى، وهو لا يهدف من كلّ ما يقول سوى الدعاية السياسية الرخيصة وتلطيخ سمعة الآخرين. التسويق السياسي شيء، وغش الرأي العام والكذب عليه ليلاً نهاراً شيء آخر مختلف تماماً. وإلاّ قولوا لي بربّكم عن أي اصلاح وتغيير كلّمونا وكلّمونا حتّى أتحفونا".
وتابع: "لقد مرّ عليهم في السلطة الآن، وفي أكثر الوزارات علاقةً بحياة الناس من ماء، وكهرباء، واتصالات، وعمل وعدل أقلّ من عام بقليل، فماذا بان من اصلاحهم، وأين لمسنا تغييرهم؟ أفي الموازنة؟ أم في الكهرباء؟ أفي الاتصالات؟ أم في الماء؟ أفي مرسوم الأجور؟ أم في الثقافة والحفاظ على التراث؟ أم في القضاء والعدل وإحقاق الحق في لبنان من خلال إبقاء منصب رئاسة مجلس القضاء الأعلى شاغراً. التغيير الوحيد الذي اقدموا عليه كان تغيير شربل نحاس، الوزير الوحيد من بينهم الذي كان يحمل أفكاراً إصلاحيةً وتغييرية، ولو كنا لا نوافق على معظمها".
وأشار الى أنه "قد صُمّت آذاننا ونحن نسمعهم يعظون بنظافة الكف، ويشنون حروباً يومية طاحنة على الفساد بكل اجناسه وأنواعه وأشكاله، في الدولة والمجتمع أيضاً، الى أن سقط القناع وبانت الحقيقة: فساد اسود كريه عابق بروائح الصفقات والفضائح، في المازوت، والكهرباء والاتصالات، سأتوقّف عند هذا الحدّ لئلاّ أفسد عليكم ما تبقّى من أمسيتكم وربما عطلة الأسبوع".
وتطرق جعجع الى حقوق المسيحيين، فأشار إلى أنه "لطالما سمعنا منهم مطوّلات عن استرجاع حقوق المسيحيين في الدولة، فقولوا لي أين استرجعت هذه الحقوق: أفي التهجّم على موقع رئاسة الجمهورية ومحاولة تحجيمه؟ أم في الأمن العام؟ أفي ملاك وزارة المالية؟ أم في ملاك المجلس النيابي؟ أو في أي إدارة أخرى في الدولة؟ يظهر أننا نحن قد أسأنا الفهم أولاً بأول، إذ يبدو أنّ ما كان مقصوداً "بـاسترجاع حقوق المسيحيين"، هو التفتيش عن كل موظف مسيحي رجعي، أي غير إصلاحي وتغييري، واستبداله بموظف مسيحي آخر ينضح من رأسه حتّى أخمص قدميه إصلاحاً وتغييراً".
أمّا على المستوى الاستراتيجي، فاعتبر أنه "تبيّن أنّ الإصلاح والتغيير يعني أولاً: إنّ قيام دولة لبنانية فعلية يسودها الإصلاح والتغيير يستدعي الطلب من حزب الله أن يبقى مسلّحاً حتّى العظم، ووضع كلّ القرار الاستراتيجي بين يديه، وإعطاءه حق الإشراف والوصاية على هذه الدولة، ماذا وإلاّ لا أمل بأي إصلاح أو تغيير في دولة لبنان الكبير. ثانياً: يجب إبقاء الفلسطينيين في لبنان داخل وخارج المخيّمات، وأينما وجدوا، مسلّحين، ماذا وإلاّ سيقع التوطين. ثالثاً: يجب قمع التحرّكات الشعبية في سوريا، بكل ما أوتي النظام وحلفاؤه من عنف، وفي سوريا وحدها فقط في المنطقة، لأنّ سقوط نظام الأسد يعني سقوطاً للحريّة والديمقراطية في هذا الشرق كما سقوطاً لكلّ أحلام الإصلاح والتغيير فيه. وأخيراً، لتحقيق كلّ هذا الإصلاح والتغيير، جاؤونا بحكومة مكهربة، لحمها فاسد، دمها مازوت، ونفسها ملوّث".
وتوجّه جعجع الى شابات وشبّان "التيار الوطني الحر" بالقول:" أعذروني على صراحتي، لكنّ السكوت في بعض الأوقات شيطان أخرس. إنّ هذا الكلام هو برسمكم أكثر مما هو برسم أي مواطن لبناني آخر، لأنّه ليس بإمكان أحد إجراء الإصلاح والتغيير اللازمين على الإصلاح والتغيير سواكم، لنعود ونلتقي على المسلّمات التي لم نختلف يوماً عليها، ونستعيد أيام نضالنا المشترك في وجه الوصاية أي وصاية، في وجه القهر والاستبداد والتخلّف والفساد والنفي والاعتقال، لصالح لبنان حرّ سيد مستقل، ودولة فعلية قوية يسودها فعلاً الإصلاح والتغيير".
وفي الشأن القواتي، قال جعجع: " نظام داخلي، فشرعة، فمؤسسة، فوطن: هذا هو مبتغانا في نهاية المطاف. ليست الشرعة والنظام الداخلي والمؤسسة أهدافاً بحد ذاتها، بقدر ما هي وسائل مساعدة للوصول الى الهدف: وطن نفتخر به وبحمل جواز سفره، ونطمئنّ الى مستقبل أولادنا فيه. يبقى أنّ كلّ هذا " سهل القول ، صعب التنفيذ"، داعياً القواتيين الى "شحذ الهمم، وكأنّه اليوم الأول لانطلاق مقاومتنا، وهي المقاومة الفعلية الحقة، تحضيراً لبناء لبنان ساحلاً سهلاً وجبلاً، واستعداداً لإعمار كلّ زاوية من زواياه، وإنماء كلّ منطقة من مناطقه، وتأمين فرص العمل لشاباته وشبابه".
وتابع: "أمّا أنت أيّها الربيع العربي، فإنّي أسمع أصوات شعوبك تواقة للنور والتحرر، وكلي أمل أنّه في يوم ليس ببعيد سيتخلّص الشرق من الظلم والظلامية والاستبداد والفساد والعبودية، وستسود المساواة والعدالة والديمقراطية والحرية".
وختم جعجع بالقول: "في العام 1994 حلّوا حزب القوات. في العام 2005 حلّوا عن أرضنا وعن سمانا! وكلّي أمل أنّه في وقت قريب " رح يحلّوا عن ضهر الشعب السوري إذا ألله راد"أكّد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ان "ممارسات الإصلاح والتغيير باتت في لبنان تهدد نوعية العمل السياسي وتعاطي الشأن العام وطريقة ممارسة السلطة، في الوقت الذي تناضل شعوب المنطقة وتموت كلّ يوم للخروج الى ربيعٍ أخضر"، مشيراً الى "ان هذا الفريق لا يهدف من كلّ ما يقول سوى الدعاية السياسية الرخيصة وتلطيخ سمعة الآخرين". جعجع وفي كلمة له خلال الإحتفال بذكرى حل حزب "القوات اللبنانية"، لفت إلى أنه "لطالما سمعنا منهم مطوّلات عن استرجاع حقوق المسيحيين في الدولة، فقولوا لي أين استرجعت هذه الحقوق: أفي التهجّم على موقع رئاسة الجمهورية ومحاولة تحجيمه؟ أم في الأمن العام؟ أفي ملاك وزارة المالية؟ أم في ملاك المجلس النيابي؟ أو في أي إدارة أخرى في الدولة؟ يظهر أننا نحن قد أسأنا الفهم أولاً بأول، إذ يبدو أنّ ما كان مقصوداً "بـاسترجاع حقوق المسيحيين"، هو التفتيش عن كل موظف مسيحي رجعي، أي غير إصلاحي وتغييري، واستبداله بموظف مسيحي آخر ينضح من رأسه حتّى أخمص قدميه إصلاحاً وتغييراً".
ودعا جعجع المسيحيين في هذا الشرق الى "التشبث بأرضهم وبأوطانهم والى مواجهة الأحداث والتحولات والمخاطر بشجاعة والى التفاعل مع محيطهم وتبني القضايا الانسانية العادلة".
ورأى ان "الحل الحقيقي في سوريا ليس السكوت عن النظام او التسامح معه، بل بالدعوة الى استفتاء شعبي حقيقي برعاية جامعة الدول العربية ومجلس الأمن حول بقاء النظام أو عدمه، وكل ما عدا ذلك مزيد من الدماء والدمار والموت. فالحلّ الحقيقي في سوريا هو في الديمقراطية، وليحكم من يصل الى الحكم ديمقراطياً".
واعتبر جعجع انه "قد تمر لحظات سود في التاريخ، ولكن هذا لا يعني أبداً أنّ اتجاه التاريخ أسود. طالما هناك إنسان واحد على وجه الكرة الأرضية يفكّر أبيضَ ويعمل لإحقاق الحق، طالما التاريخ ذاهب في هذا الاتجاه، فكيف إذا كنّا كثرة، كما نحن في القوات اللبنانية، وكما نحن في الرابع عشر من آذار، وكما نحن جميعاً في الربيع العربي أينما كان؟ طالما نحن كثرة، وطالما نفكّر حريّة وديمقراطية وحقاً وربيعاً، طالما التاريخ ذاهب حكماً في هذا الاتجاه، وخريفاً لن يكون".
وأضاف: " نحن نعرف تماماً ما هو في انتظارنا على طريق الربيع العربي. في انتظارنا صعوبات جمّة، وعراقيل كثيرة، وتقاليد بالية، وعقول متحجّرة، ورؤوس حامية ونفوس متعصّبة، لكنّ هذه الصعوبات كلّها لن تثنينا عن عزمنا، لأنّها أصلاً، وبأبشع تجلّياتها، جزء من الواقع السائد، ولكنّ الأهمّ هو أنّ طريق الربيع العربي، وعلى صعوباتها، هي طريق الحق والحرية والحياة، وإن تعبنا فيها، فلن نحيد عنها. أذكر يا إنسان أنّك من الحرية... والى الحرية تعود".
ولفت الى ان "من تسبب أصلاً بالربيع العربي هي الأنظمة الدكتاتورية التي امتصّت دماء شعوبها وخيرات بلادها، وأسكتت وقمعت ونكّلت وبطشت وتجبّرت وأحبطت كلّ توق الى الحرية والانعتاق، وكلّه تحت مجموعة شعارات تبدأ بشعار الجماهيرية التي عادت وأسقطتها الجماهير، وتنتهي بشعار وحدة حريّة اشتراكية. فإذا بالوحدة تتحول الى واحد ، والحرية الى سجون ومنافٍ وقبور، والاشتراكية الى مليارات في الحسابات الخاصة. فطوبى للذين آمنوا بالحق والحرية والحياة، ولم يتخذوا أولياء من الدكتاتوريين والطغاة: تحيّة من ربيع بيروت الى ربيع دمشق... من جبل لبنان الى جبل العرب... ومن وادي قنوبين الى وادي النصارى... كم من النعوت تطلق بحقك يا ربيع دمشق، ولكنّك في نهاية المطاف ربيعاً تبقى".
وتابع: " يتكلّم البعض عن مسيحيي سوريا وكأنّهم هبطوا بالمظلاّت مع وصول هذا النظام، وعليهم بالتالي أن يجهّزوا أنفسهم للعودة من حيث أتوا في حال سقوطه، متناسين أنّ المسيحيين سكّان أصيلون تاريخيون في سوريا، عاشوا وتفاعلوا فيها لآلاف السنوات، إذا كانت ظاهرة التكفيريين، على محدوديّتها، حقيقة لا يمكن إنكارها، فإنّ وجود أكثرية إسلامية معتدلة تنشد الحرية والديمقراطية والمواطنة الحقة، هو واقع ملموس ومعاش لا يمكن التعامي عنه. ولنا في إعلان الأزهر ورسالة المجلس الوطني السوري الى اللبنانيين، كما في وثيقة حزب الإخوان المسلمين السوري وغيره من الأحزاب والتجمّعات والشخصيات السورية خير دليل على ذلك"، مشيراً الى ان "العبرة تبقى في التنفيذ، لكننا لا نستطيع تجهيل وتجاهل كلّ هذه الوثائق وإعلانات النوايا، ولا يمكننا إلاّ اعتبارها نقطة انطلاق جيدة، والتعاطي معها على هذا الأساس".
واعتبر "انّ واجبنا أن نشجّع الاعتدال بدلاً من الإغراق في بث روح الفصل العنصري وطرح فرضيات أقل ما يقال فيها أنّها فرضيات لا تبرّر مطلقاً السكوت عن الواقع الحالي القمعي المجرم. إنّ من يأبه فعلاً لمصير المسيحيين في الشرق لا يبثّ فيهم أفكار اليأس والقنوط والخوف، ويرميهم بين أيدي أنظمة قمعية بحجة حمايتهم"، داعياً "المسيحيين في هذا الشرق الى التشبّث بأرضهم وبأوطانهم والى مواجهة الأحداث والتحولات والمخاطر بشجاعة، والى الانتظام في أحزاب وتكتلات سياسية، دفاعاً عن كلّ ما يؤمنون به ويريدون، والى التفاعل مع محيطهم وتبنّي القضايا الإنسانية العادلة باعتبار انه لا حياة لنا في هذا الشرق إذا فقدنا قيمنا علّة وجودنا".
وقال: " وإن أنسى لن أنسى تاريخاً صنعته المسيحية المشرقية المقاومة وفي طليعتها كنيستنا المارونية ببطاركتها العظام، بالعرق والدماء والدموع؛ تاريخاً نفتخر به وبوحيه طليعيين أحراراً نعيش".
وأضاف: "في هذا السياق، أتوجّه باسمي وباسمكم، بتحيّة إجلال وإكبار لروح البابا شنودة الثالث، بابا التفاعل مع مجتمعه وقضاياه، بابا الإقامة الجبرية في الصحراء لفترات طويلة، البابا الذي عاش حياته بتواضع الراهب الناسك وفضّل التوحّد والصلاة في الملمّات على أي شيء آخر".
وأوضح أن "من يعتقد أنّ بإمكانه وقف دورة الحياة والترقّي هو مخطىء وبعيد عن حقيقة التاريخ لأنه من حق الشعوب أن تقرر مصيرها بنفسها. وإنّ من يعتقد بأنّ الحملات العسكرية، وتدمير المدن والقرى على رؤوس أهليها سينهي الثورة الشعبية في سوريا لهو مخطىء، وإنّ من يعتقد بأنّ كسب الوقت بالمناورات الدبلوماسية يساعد على إخماد شعلة الثورة لهو واهم. وإنّ من يراهن على إنهاك الناس، هو من سيتعب أولاً ويخسر أخيراً. وإنّ التمادي في استعمال العنف في سوريا لن يؤدي الى إضعاف الثورة، بل الى تقوية المتطرّفين"، لافتاً الى ان " كلّ يوم إضافي في عمر النظام، يشكل مدماكاً إضافياً في بناء التطرّف في سوريا. وان كلّ ما يجري لن يفيد النظام، ولا من يقف وراءه أو أمامه بشيء، سوى زيادة التطرّف، فهل هذا هو المطلوب؟"
وكشف ان "الحل الحقيقي في سوريا ليس السكوت عن النظام او التسامح معه، بل بالدعوة الى استفتاء شعبي حقيقي برعاية جامعة الدول العربية ومجلس الأمن حول بقاء النظام أو عدمه، وكل ما عدا ذلك مزيد من الدماء والدمار والموت.فالحلّ الحقيقي في سوريا هو في الديمقراطية، وليحكم من يصل الى الحكم ديمقراطياً".
وأضاف: "الطريق في مصر وتونس وليبيا واليمن، ومع أنّها أصبحت سالكة، لن تكون سهلةً أبداً ولا مفروشةً بالزهور والرياحين والياسمين. لكنّها الطريق، بعكس الجمود القاتل الذي كان سائداً تحت نير أنظمة العبودية. بعد تونس، والقاهرة، وبنغازي، وصنعاء، تهيأي دمشق، فللحرية الحمراء باب بكل يد مضرّجة يدق".
وشدد على انه "في الوقت الذي تناضل شعوب المنطقة وتموت كلّ يوم للخروج الى ربيعٍ أخضر، يعكف البعض في بلادنا على العكس. بكلّ صراحة، ومن دون مواربة، باتت ممارسات الإصلاح والتغيير في لبنان تهدد نوعية العمل السياسي وتعاطي الشأن العام، كما طريقة ممارسة السلطة. إنّ الكلمات عند هذا الفريق لم تعد تحمل أي معنى، وهو لا يهدف من كلّ ما يقول سوى الدعاية السياسية الرخيصة وتلطيخ سمعة الآخرين. التسويق السياسي شيء، وغش الرأي العام والكذب عليه ليلاً نهاراً شيء آخر مختلف تماماً. وإلاّ قولوا لي بربّكم عن أي اصلاح وتغيير كلّمونا وكلّمونا حتّى أتحفونا".
وتابع: "لقد مرّ عليهم في السلطة الآن، وفي أكثر الوزارات علاقةً بحياة الناس من ماء، وكهرباء، واتصالات، وعمل وعدل أقلّ من عام بقليل، فماذا بان من اصلاحهم، وأين لمسنا تغييرهم؟ أفي الموازنة؟ أم في الكهرباء؟ أفي الاتصالات؟ أم في الماء؟ أفي مرسوم الأجور؟ أم في الثقافة والحفاظ على التراث؟ أم في القضاء والعدل وإحقاق الحق في لبنان من خلال إبقاء منصب رئاسة مجلس القضاء الأعلى شاغراً. التغيير الوحيد الذي اقدموا عليه كان تغيير شربل نحاس، الوزير الوحيد من بينهم الذي كان يحمل أفكاراً إصلاحيةً وتغييرية، ولو كنا لا نوافق على معظمها".
وأشار الى أنه "قد صُمّت آذاننا ونحن نسمعهم يعظون بنظافة الكف، ويشنون حروباً يومية طاحنة على الفساد بكل اجناسه وأنواعه وأشكاله، في الدولة والمجتمع أيضاً، الى أن سقط القناع وبانت الحقيقة: فساد اسود كريه عابق بروائح الصفقات والفضائح، في المازوت، والكهرباء والاتصالات، سأتوقّف عند هذا الحدّ لئلاّ أفسد عليكم ما تبقّى من أمسيتكم وربما عطلة الأسبوع".
وتطرق جعجع الى حقوق المسيحيين، فأشار إلى أنه "لطالما سمعنا منهم مطوّلات عن استرجاع حقوق المسيحيين في الدولة، فقولوا لي أين استرجعت هذه الحقوق: أفي التهجّم على موقع رئاسة الجمهورية ومحاولة تحجيمه؟ أم في الأمن العام؟ أفي ملاك وزارة المالية؟ أم في ملاك المجلس النيابي؟ أو في أي إدارة أخرى في الدولة؟ يظهر أننا نحن قد أسأنا الفهم أولاً بأول، إذ يبدو أنّ ما كان مقصوداً "بـاسترجاع حقوق المسيحيين"، هو التفتيش عن كل موظف مسيحي رجعي، أي غير إصلاحي وتغييري، واستبداله بموظف مسيحي آخر ينضح من رأسه حتّى أخمص قدميه إصلاحاً وتغييراً".
أمّا على المستوى الاستراتيجي، فاعتبر أنه "تبيّن أنّ الإصلاح والتغيير يعني أولاً: إنّ قيام دولة لبنانية فعلية يسودها الإصلاح والتغيير يستدعي الطلب من حزب الله أن يبقى مسلّحاً حتّى العظم، ووضع كلّ القرار الاستراتيجي بين يديه، وإعطاءه حق الإشراف والوصاية على هذه الدولة، ماذا وإلاّ لا أمل بأي إصلاح أو تغيير في دولة لبنان الكبير. ثانياً: يجب إبقاء الفلسطينيين في لبنان داخل وخارج المخيّمات، وأينما وجدوا، مسلّحين، ماذا وإلاّ سيقع التوطين. ثالثاً: يجب قمع التحرّكات الشعبية في سوريا، بكل ما أوتي النظام وحلفاؤه من عنف، وفي سوريا وحدها فقط في المنطقة، لأنّ سقوط نظام الأسد يعني سقوطاً للحريّة والديمقراطية في هذا الشرق كما سقوطاً لكلّ أحلام الإصلاح والتغيير فيه. وأخيراً، لتحقيق كلّ هذا الإصلاح والتغيير، جاؤونا بحكومة مكهربة، لحمها فاسد، دمها مازوت، ونفسها ملوّث".
وتوجّه جعجع الى شابات وشبّان "التيار الوطني الحر" بالقول:" أعذروني على صراحتي، لكنّ السكوت في بعض الأوقات شيطان أخرس. إنّ هذا الكلام هو برسمكم أكثر مما هو برسم أي مواطن لبناني آخر، لأنّه ليس بإمكان أحد إجراء الإصلاح والتغيير اللازمين على الإصلاح والتغيير سواكم، لنعود ونلتقي على المسلّمات التي لم نختلف يوماً عليها، ونستعيد أيام نضالنا المشترك في وجه الوصاية أي وصاية، في وجه القهر والاستبداد والتخلّف والفساد والنفي والاعتقال، لصالح لبنان حرّ سيد مستقل، ودولة فعلية قوية يسودها فعلاً الإصلاح والتغيير".
وفي الشأن القواتي، قال جعجع: " نظام داخلي، فشرعة، فمؤسسة، فوطن: هذا هو مبتغانا في نهاية المطاف. ليست الشرعة والنظام الداخلي والمؤسسة أهدافاً بحد ذاتها، بقدر ما هي وسائل مساعدة للوصول الى الهدف: وطن نفتخر به وبحمل جواز سفره، ونطمئنّ الى مستقبل أولادنا فيه. يبقى أنّ كلّ هذا " سهل القول ، صعب التنفيذ"، داعياً القواتيين الى "شحذ الهمم، وكأنّه اليوم الأول لانطلاق مقاومتنا، وهي المقاومة الفعلية الحقة، تحضيراً لبناء لبنان ساحلاً سهلاً وجبلاً، واستعداداً لإعمار كلّ زاوية من زواياه، وإنماء كلّ منطقة من مناطقه، وتأمين فرص العمل لشاباته وشبابه".
وتابع: "أمّا أنت أيّها الربيع العربي، فإنّي أسمع أصوات شعوبك تواقة للنور والتحرر، وكلي أمل أنّه في يوم ليس ببعيد سيتخلّص الشرق من الظلم والظلامية والاستبداد والفساد والعبودية، وستسود المساواة والعدالة والديمقراطية والحرية".
وختم جعجع بالقول: "في العام 1994 حلّوا حزب القوات. في العام 2005 حلّوا عن أرضنا وعن سمانا! وكلّي أمل أنّه في وقت قريب " رح يحلّوا عن ضهر الشعب السوري إذا ألله راد"
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك