بدت الانظار في بيروت امس شاخصة على اسبوع «اختبار النيات» لجهة ترجمة تسوية «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم» التي تم التوصل اليها في ملف الكهرباء بين رئيس الوزراء نجيب ميقاتي وفريق العماد ميشال عون ممثلاً بصهره وزير الطاقة جبران باسيل والتي عكست برسوّها على حل وسط «يُبحر» مع خيار البواخر لتوليد الكهرباء يتمسك به باسيل متلازِماً مع ما نادى به ميقاتي من اقامة معامل الإنتاج، وجود قرار حاسم بمنع سقوط الحكومة «مهما كان الثمن» أقلّه في المرحلة الراهنة.
وفي انتظار ما سيحمله الاجتماع الذي يُعقد اليوم للجنة الوزارية المكلفة ملف استئجار البواخر المولدة للكهرباء التي ستناقش التفاوض مع الشركتين الأميركية والتركية اللتين كانت رست عليهما المناقصة وذلك على قاعدة الأسس الجديدة التي قررها مجلس الوزراء اي خفض تكلفة المناقصة من نحو 900 مليون دولار وتقصير العقد من خمس سنوات الى ثلاث وانتاج 270 ميغاوات عوض 360 ميغاوات، اعربت مصادر وزارية لبنانية لصحيقة «الراي» الكويتية عن خشيتها من تجدد انفجار التباينات بين بعض مكونات الحكومة حول هذا الملف بما يشحن الاجواء الحكومية مرة اخرى باحتقانات صار من الصعوبة بمكان تجاوزها او احتوائها في ظل تصاعد حالة الشكوك والنقمة التي تركها «ابريق زيت» لكهرباء عقب التطورات التي حصلت اخيراً.
وقالت هذه الاوساط ان معركة صامتة تدور بين رئيس الحكومة وفريق العماد عون لم تنته فصولها بعد رغم القرار الملتبس الذي اتخذه مجلس الوزراء في جلسته الاربعاء الماضي للتوفيق في مسألة استئجار البواخر المولدة للطاقة الكهربائية. واشارت الى ان ملامح استمرار هذه المعركة برزت في تبادل التسريبات الصحافية والاعلامية حيال بعض الجوانب المتصلة بالخلاف الذي نشأ بين ميقاتي من جهة الذي ايده وزراء كثيرون في ملف البواخر من خلال اثارة الشكوك حول صفقات واسعار «منفوخة» وعمولات بقيمة نحو 26 مليون دولار وبين وزير الطاقة من جهة اخرى الذي يستعدّ لخوض مفاوضات جديدة داخل اللجنة الوزارية المكلفة هذا الملف على خلفية اعادة الاعتبار الى وضعه الذي اهتزّ بقوة بعد التقرير العلني الذي رفعه ميقاتي الى مجلس الوزراء.
وعشية اجتماع اللجنة التي يرأسها ميقاتي وتضم باسيل ووزيري المال محمد الصفدي والبيئة ناظم الخوري في مسعى للاتفاق على منطلقات جديدة للتفاوض مع الشركتين الاميركية والتركية، تقول الاوساط الوزارية ان هذا الاجتماع يكتسب اهمية من حيث كونه محكاً جديدا للعلاقة بين ميقاتي وفريق عون تحديداً في ظل «خط احمر» واضح هو منع اهتزاز الحكومة مجدداً، ولكن ايضا وسط تنامي حالة انعدام الثقة بين الفريقين ولو حرصا على منع تفجر السجالات المباشرة بينهما بعد جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي.
وتضيف هذه الاوساط ان ملف الكهرباء ليس الوحيد الذي يرسم مزيداً من التحديات او يزيد الأعباء على الحكومة، اذ ان ملف قانون الانتخاب الذي حرّكه اجتماع عقد في قصر بعبدا بعد ظهر السبت مرشح لان يتقدم بقوة الى مرتبة الاولويات الشائكة التي سيتعيّن على الحكومة مواجهتها باعتبار ان وزير الداخلية مروان شربل اثار هذا الملف في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء من زاوية حتمية التحسب للانتخابات النيابية قبل سنة من موعدها في ربيع 2013.
وتشير الاوساط نفسها في هذا المجال الى انه رغم ما اعلنه وزير الداخلية حول تأييد الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي للمشروع الانتخابي الذي وضعه والذي يعتمد فيه نظام النسبية، فان ثمة معطيات وشكوكاً كبيرة تحوط امكان التوصل الى توافق سياسي داخل مجلس الوزراء وخارجه على موضوع النسبية وخصوصاً ان قوى نافذة كثيرة لا تنظر الى هذا الموضوع بعين ايجابية، وقد يتشكل حوله تقاطع مصالح، من فريقيْ 14 آذار و8 آذار يطيح بالنسبية، وهو الامر الذي يبدو اكثر احتمالاً من سواه.
ورغم ان الوقت لا يزال مبكرا للخوض في هذه الاحتمالات، تقول الاوساط الوزارية نفسها ان ما يُتوقع القيام به في هذا المجال هو ادراج مشروع قانون الانتخاب على جدول اعمال مجلس الوزراء بعد عطلة اعياد عيد الفصح وكذلك بعد انعقاد الجلسة النيابية للمناقشة العامة للحكومة قبل منتصف ابريل. ذلك ان هذه الجلسة ستشهد كما هو متوقع صخباً سياسياً عالياً واثارة لكثير من الملفات، من دوان اغفال ان المعارضة تزمع طرح الثقة بوزراء من بينهم باسيل. وفي ضوء الخلاصة السياسية التي ستنتهي اليها، سيبرز المناخ السياسي الذي يمكن عبره الاقبال على طرح ملف قانون الانتخاب وآفاقه، علماً ان هذا الملف سينشأ عنه اثارة الوضع الحكومي من زاوية مطالبة المعارضة بتشكيل حكومة حيادية تشرف على التحضيرات الانتخابية. ومع استحقاقات وملفات كهذه تبدو الشكوك في مكانها تماماً حول الطبيعة المتعثرة التي ستواجه الحكومة في مراحلها المقبلة، ولو كان إسقاطها وتغييرها حتى الان من «الممنوعات» المرسومة للواقع الداخلي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك