أوغاسبيان: عدم وجود المرأة في المجلس النيابي خسارة للوطن
06 Mar 201817:58 PM
أوغاسبيان: عدم وجود المرأة في المجلس النيابي خسارة للوطن
افتتحت كلية إدارة الأعمال والعلوم التجارية في جامعة الروح القدس - الكسليك، في قاعة "البابا يوحنا بولس الثاني، لمناسبة "يوم المرأة العالمي"، مؤتمر "المرأة الريادية" بنسخته الثانية، تم خلاله تكريم رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز، في حضور وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، رئيس الجامعة الأب البروفسور جورج حبيقة، عميد الكلية البروفسور إيلي عساف، الى أعضاء مجلس الجامعة وعدد من النساء الرائدات اللواتي تميزن وبرعن في حقول عديدة، ووجوه اجتماعية وتربوية وإعلامية.

استهل المؤتمر بكلمة لمنسقة العلاقات مع الشركات في الكلية الدكتورة مادونا سلامة أيانيان، أشارت فيها إلى "الصعوبة التي واجهتنا خلال تحضيرنا لهذا المؤتمر، نظرا لعدد النساء الناجحات والرائدات المتزايد في مختلف الميادين. وفي ظل تضافر الجهود والعمل في سبيل تعزيز دور المرأة، يمكننا أن نشعر باشتداد سرعة رياح التغيير الآيلة إلى كسر الأفكار النمطية السائدة وتغيير الأمم، وذلك لمصلحة جميع النساء والعالم على حد سواء. لكن ذلك ليس كافيا، بل يجب التركيز على إيمان المرأة بقدرتها على التغيير والوصول إلى مستويات عالية لتكون عنصر التغيير. فعلى مر العصور، تحملت المرأة الظلم بشتى أنواعه الذي حال دون انخراطها في ميادين جديدة".

وقالت: "نسعى من خلال هذا المؤتمر إلى مشاركة عدد من قصص النجاح لنساء رائدات علها تكون نقطة انطلاق وتحول في حياة نساء أخريات. ووجودكن اليوم هو دليل على رغبتكن لخلق مجتمع غني ومتنوع، ومن خلال التعاون في ما بيننا ننجح في إعلاء شأن مجتمعنا وبعضنا البعض".

ثم كانت كلمة لعميد الكلية البروفسور إيلي عساف، لفت فيها الى ان "احتفال اليوم يأتي على خلفية حركة عالمية غير مسبوقة في المطالبة بحقوق المرأة والمساواة والعدالة ووقف العنف والتمييز ضدها. ومن أبرز عناوينها وقف التحرش الجنسي الذي تصدر وسائل الإعلام في العالم وأثار الكثير من النقاش، مع إطلاق حملات إعلامية وتعبئة لمكافحة هذه الظاهرة. أشهر هذه الحملات انطلقت في الولايات المتحدة الأميركية تحت عنوان Me too # وشكلت حافزا مهما لانطلاق حملات مماثلة في جميع أنحاء العالم".

واعتبر أن "التمييز ضد المرأة واستضعافها ليس امتيازا لبنانيا، بل تشارك فيهما جميع المجتمعات، إنما يختلف مجتمع عن غيره بتعامله مع هذه المشكلة ومعالجتها"، مؤكدا أنه "وإن كان لبنان متأخرا على مستوى تمكين المرأة، رغم التقدم الذي حققته في السنوات الأخيرة، فبسبب التعامي عن الموضوع وحصره بالإطار الفردي، في حين أن بداية العلاج لأي مشكلة تبدأ بالإقرار بوجودها لتحديد أسبابها والعوامل المؤثرة فيها وسبل معالجتها".

ورأى أن "قطار التغيير انطلق في لبنان، وقد شهدنا في السنوات الأخيرة اختراقات حقيقية في كسر حاجز الصمت، النساء تكلمن وتخطين الخوف ووقفن بوجه المعتدي وأبلغن عن العنف الجسدي والتحرش الجنسي وتكلمن عن التمييز وطالبن بالمساواة".

وتحدث الأب البروفسور حبيقة مرحبا بالحضور، "في جامعة الروح والعقل، في يوم المرأة العالمي، وقد خصصت لها الدول والمنظمات محطة متجددة كل سنة لمساءلة الدور الطليعي الذي يجب أن تقوم به المرأة في الشرق عامة وفي لبنان خاصة". وشدد على أن "المرأة على الصعيد العالمي، هي التي قيل فيها في أعمال الخلق، إن الله نحتها وجبلها بتأن في اليوم السادس، وأغدق عليها من روحه كما من النعم، ليجعلها قادرة على احتمال الشدائد وكفكفة الدموع ومقاومة العنف والانتصار على الظلم وإعمال العقل والقلب وإعطاء الذات بفرح والتحلي بالرحمة والقدرة على الحب المتوالد أبدا من ذاته في أقسى الظروف وأظلمها والقوة المتفوقة لبلوغ مراتب القداسة".

وقال: "هذا بالإضافة إلى صورة الشراكة حيث لا انفصال بين المرأة والرجل في تكوين الإنسان الكامل لأنه "في الرب لا تكون المرأة من دون الرجل، ولا الرجل من دون المرأة". وتأتي آية الآيات في العهد الجديد أن "وولد ابن الله من امرأة"، قمة التعبير عن كيف تتأرض السماوات وتسمأ الأرض، فيتكون وصال واتصال بينهما لا مثيل له".

اضاف: "لقد انقلبت المقاييس المألوفة عند اليهود قبل العهد الجديد، والتي كانت تسمح للرجل أن يسطو على المرأة من غير رادع، "إلى بعلك تنقاد أشواقك وهو يسود عليك"، وتحولت إلى صفحة جديدة من تاريخ العلاقة بين الرجل والمرأة عن طريق "ما جمعه الله لا يفرقه انسان"، ودعوة الرجال إلى التمسك ب"أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة وبذل نفسه عنها". ولاقت هذه الروحانية صدى عند الشاعر الكبير نزار قباني، فنادى "إني أطالب بأنسنة العلاقة بين الرجل العربي والأنثى العربية، وجعلها أكثر شفافية وحنانا".
ولفت الى انه "في التعاليم الإسلامية، نقع على كلام الرسول القائل "الجنة تحت أقدام الأمهات". إن هذا الربط الكياني بين الجنة والأم يصح أن يكون مدخلا مهما للغاية إلى معالجة أمور عديدة تختص بالمرأة ومكانتها ودورها ومستقبلها في العالم العربي والإسلامي. لقد استلهمت هذا الكم من الآيات الدينية لتصويب الرأي في شرقنا، في مثل هذه المناسبة، لأن المرأة تختزل الوجود بأكمله "الدني إم". وانطلاقا من قناعاتنا، نثني على دور المرأة في أوطاننا لأنه دور طليعي، استطاعت من خلاله المرأة أن تعمل على تحقيق ذاتها بذاتها. إننا ندعوها لتتضامن عالميا مع المرأة لتستعيد النعم التي تكرمت بها الحياة عليها وتصونها. ونتوجه بالتحديد إلى المرأة اللبنانية والعربية التي تثقفت، وتمكنت من النضوج والوعي والمعرفة والانفتاح، لتكون إنسانا فاعلا في دفع موضوع المرأة في محيطنا إلى الأمام، ليس فقط في يوم المرأة العالمي، لكن في كل يوم من حياتنا، حتى نستبدل قريبا هذا اليوم بعنوان جديد يرفع الإجحاف، حيثما وجد، عن المرأة، فتبلغ ذروتها في امرأة تخضع القانون لصالحها كإنسان كامل، فتتكلم باسمها، وتتمكن من إعطاء أولادها هوية مواطنيتها حيث لا يشكل هذا الأمر مدخلا إلى توطين لاجئين ينتظرون العودة إلى بلدانهم، وتوفق إلى صياغة قانون يعاقب رجلا في جريمة شرف ضد امرأة".

وأكد أن "المرأة اللبنانية قد قامت بإنجازات كبيرة في العالم، رفعت فيها اسم وطنها وأضاءت على ريادة لبنان، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر، مي زيادة، أندريه شديد، ماري عجمي، فينوس خوري غاتا، لوريس شحاده، كارمن بستاني، في ميدان الآداب والإنسانيات؛ راغدة ضرغام، نهلا الشهال، مي الشدياق، نينوى ضاهر، في مجال الصحافة؛ إيفون عبد الباقي، جورجين الملاط، مارتا شلهوب، أمل علم الدين، في السياسة، والدبلوماسية والحقوق؛ فيروز، ليلى دي لطف الله، شاكيرا، هلا فاضل، نادين لبكي، في عالم الفن والابداع واليسار وزنوبيا في التاريخ. ولا يفوتنا أن نذكر، أنه في الأمس القريب، تبوأت 17 امرأة لبنانية، عرش التفوق المهني، واعتبرن من أقوى النساء العربيات المتباريات في الحقل الاقتصادي. هذا غيض من فيض في بعض الارقام المذهلة التي تؤكد على نضال المرأة اللبنانية، وجرأتها، وثقتها بنفسها، وهذا الأمر يعكس وجه لبنان الحضاري، وجه لبنان التاريخ العاصي على الذوبان أو على الموت".
واشار الى "زيادة عدد الطالبات في الحلقة الثانية من التعليم الجامعي"، فلفت إلى أن "المجموع العام، فيمدنا بنسبة مئوية تقدر ب %64.35 من الانتساب الأنثوي في مجال التعليم العالي في جامعة الروح القدس. ولا يخفى على أي إنسان واع موقع المرأة المتقدم في المجتمع اللبناني، وكم أن نسبة انكبابها على مواصلة علومها وإعلاء شأنها، كبيرة ومثيرة للاهتمام، إذ إن الاحصائيات التي استندت إليها تمتد على عامين جامعيين 2017 و2018، والنسبة المئوية إن لم تتقدم، فهي على الأقل لم تتراجع. وإذا قارنا هذه النسبة المئوية بما جاء في تقرير (WEF) أو Women Economic Forum، القائل ما مفاده، إن بقيت نسبة التقدم النسائي في بعض الدول العربية وشمال افريقيا على ايقاعها الحالي سيتطلب ارساء العدالة والمساواة في العمل، وفي المشاركة السياسية والاجتماعية للمرأة ما يناهز الواحد والثمانين عاما ابتداء من هذا العام. (مهى السويس، في مقال لها في 6/3/2015، حول المرأة)".
واوضح أن "جامعة الروح القدس الكسليك أفرزت للمرأة مكانا لائقا بها، فاحتلت مرتبة مرموقة لا تقل شأنا عن مرتبة الرجل. فهي الناشطة الأولى في أمانات السر على أنواعها، وهي الاستاذة المميزة في حقول التعليم العالي كافة، من الانسانيات إلى العلوم، إلى الهندسة، إلى الطب، إلى الحقوق، وسواها. كما أن جهاز رئاسة الأقسام يتألف بنسبة تفوق الـ %50 من السيدات صاحبات الشهادات العالية، ومجلس الجامعة يضم ثلاثة وجوه نسائية في منصب نائب رئيس، وعميدتين اثنتين. إن حضور هذه الباقة الإنسانية في الصرح التربوي الجامعي لهو استجابة الجامعة لرسالتها الأصيلة التي ترى في المرأة الإنسان الكامل المهيأ للتنافس، والمشاركة في العملية التنموية الشاملة، والارتقاء إلى ما طمح إليه نضالها في العقود الماضية وصولا إلى اليوم".
ورأى الوزير أوغاسابيان في كلمته، أن "عمل اليوم يجب أن يقوم على تنشئة القدرات والامكانات من أجل الثقافة والعلم والابداع بغض النظر إذا كان الشخص رجل أو امرأة، في حال أردنا تطوير بلدنا وأن نكون مجتمعا مزدهرا على مستوى متطلبات المرحلة وعلى مستوى الحاجات والتطور الحاصل في المسائل كافة، وليس فقط على صعيد المعلوماتية. اذا يجب علينا ان نعطي صاحب الكفاءة حقه، بعيدا من اعتبارات الذكر والأنثى التي يجب أن تصبح وراءنا وعدم التحدث عنها".
وقال: "لقد طالبت وما زلت، بدور المرأة في المجلس النيابي، ولا أطالب فقط لأن المرأة هي نصف المجتمع عدديا، إنما بسبب ما تتمتع به من قدرات وطاقات، وعلى هذا الاساس قمنا في الوزارة بالحملة مع الوكالات الدولية". وأكد أن "المرأة معنية في المجلس النيابي، وبالتالي عدم وجودها فيه، خسارة ليس للمجلس النيابي فحسب، انما للوطن ككل. فالمجلس بحاجة الى نوعية جديرة والى ابداع والى طاقات وانا أؤمن بهذا الامر".
وبحسب الجامعة، "أعلن أوغاسبيان عزوفه عن ترشحه للانتخابات النيابية حيث أنه ستترشح مكانه سيدة".

وتطرق إلى "إنجازات الوزارة، لا سيما الحملة التي بدأت من الصفوف الابتدائية في المدارس بهدف تعليم الطالب، ماذا تعني المساواة وما معنى جريمة التعدي أو العنف ضد المرأة. فنحن اليوم نشاهد العديد من الجرائم التي ترتكب ضد المرأة اللبنانية وتعتبر لدى الناس مسألة قضائية، لكن هذا الأمر ليس صحيحا فهي مسألة انسانية بالدرجة الأولى، وعلى المجتمع ككل أن يحاسب هذا المجرم، وليس فقط القضاء". وشدد على أن "ثقافة المساواة يجب أن تتواجد إلى جانب ثقافة احترام الانسان والحرية والديموقراطية انطلاقا من ان هذه صورة البلد الذي نريد".

ثم جرى تكريم السيدة كلودين عون روكز، التي بدورها ألقت كلمة، قالت فيها: "ليس مستغربا على جامعة الروح القدس USEK، الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، هذه الجامعة العريقة التي خرجت الآلاف من النساء الرائدات والمميزات بمختلف المجالات والاختصاصات، ومنهن أعضاء حاليات في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة".

أضافت: "كتار كانو حدي، لهذا السبب أنا موجودة اليوم معكم، فتسلمي رئاسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بدعم من إمي السيدة الأولى التي منحتني هذه الثقة وكلفتي بهذه المهمة، كانت فرصة كبيرة بالنسبة لي لأعبر عن التزامي بقضية إلغاء التمييز ضد المرأة، الذي بدأته من الجامعة من الموضوع الذي اخترته للماجيستر "La représentation de la femme dans le cinema des années 50"، حيث اكتشفت من خلال دراستي للتاريخ مدى الظلم والتمييز والعنف الممارس ضد المرأة، هذا التمييز الذي لم أعشه ولم اعرفه من قبل، فأنا تربيت في بيت يكرس مبادئ الحرية والمساواة والاستقلالية لأبعد حدود. ومن أكتر الناس الذين كانوا بقربي في تلك المرحلة، شقيقتاي، اللتين دعماني دعما لا يقدر، وكان وجودهما إلى جانبي أساسي لأنهي الماجستير".

وتابعت: "كان نضالي الفعلي لتحقيق المساواة قد بدأ، من خلال عملي على قانون العنف ضد المرأة مع جمعية "كفى"، حيث كان وجود أبي بقربي كرئيس لكتلة نيابية كبيرة في ذلك الحين، دعما كبيرا لي للضغط بهدف إقرار القانون. ولا يزال بقربي في كل الاستحقاقات، حيث مرر التعديلات التي عملت عليها مع وزارة العدل وجمعية "كفى" من خارج جدول الأعمال في مجلس الوزراء".

وفي موضوع حق المرأة بإعطاء الجنسية اللبنانية لأولادها، اعتبرت أن "هذا حق مطلق وطبيعي لها على قدم المساواة مع الرجل. وأدعو الجميع إلى الفصل بين حق المرأة الطبيعي والمطلق بإعطائها الجنسية لأولادها، وبين التوطين. فلنناقش المخاوف والهواجس ولنجد الضوابط المناسبة بهدف أنصاف المرأة". وشددت على "أهمية تحديث المناهج التربوية لإدخال مبدأ المساواة على كل الأراضي اللبنانية ولكل طلاب لبنان".

وختمت: "كما ذكرت سابقا "كتار كانو حدي" أشخاص يدعمونني، يلهمونني ويعلمونني في كل يوم وأمام كل موقف أو تجربة أو أزمة. شريكي في العمل وأصدقائي فردا فردا، أشكرهم، كما أشكر جامعة الروح القدس لإحيائها هذه المناسبة ولتكريمي الذي يعني لي الكثير".

وبعد عرض راقص بعنوان "التحدي"، انعقدت طاولة مستديرة بعنوان "آفاق النجاح" أدارتها نائب القنصل في السفارة الأميركية مارينا حداد. وشاركت فيها نخبة من النساء الرائدات في مجالهن، وهن: مؤسسة ورئيسة جمعية "Challenge to Change" دينا بسيسو التي تحدثت عن "تعليم النساء: الوسيلة لمستقبل مشرق وللتغيير الاجتماعي"؛ المديرة التنفيذية في "Scitek" هيلين نصر التي تناولت "قصة نجاح عالمة نووية"؛ البطلة الرياضية ريتا سعادة التي تحدثت عن موضوع "رفض قبول الهزيمة"؛ الممثلة والإعلامية إيمي صياح التي تطرقت إلى "الأصالة وسط أضواء الشهرة"؛ رئيسة الموارد البشرية في "Touch" نور شبارو التي تناولت موضوع "تمكين النساء: قصة إيمان وأمل"؛ المديرة العامة في أوتيل فينيسيا بيروت و "Le Vendôme Beirut" داغمار سيمس التي تحدثت عن "المعايير بين الممارسات الأوروبية واللبنانية".

ثم أعلنت الملاحظات الختامية مؤسسة معهد "بيروت إنستيتيوت" ورئيسته التنفيذية الصحافية راغدة درغام.